شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دفع الزكاة
صبحي: ما هذا الضجيج الذي أسمع والموسيقى الصاخبة التي تصدح والأنوار الكاشفة التي حولّت الليل نهاراً..
عزمي: إنها لأبي شادي يا سيدي..
صبحي: أبو شادي يا عزمي..
عزمي: نعم يا أخي ألا تعرفه…
صبحي: كيف لا.. أعرفه جد المعرفة ولكن..
عزمي: ولكن ماذا…
صبحي: إنني أجهل مصدر الثراء الذي هبط عليه..
عزمي: لقد قام بأعمال وصفقات تجارية جنى من ورائها هذه الثروة الطائلة التي تجلت آثارها في حفل العرس الذي يقيمه هذه الليلة لولده شادي…
صبحي: ولكن أمارات الإسراف ظاهرة عليه..
عزمي: الجود من الموجود يا أستاذ صبحي..
صبحي: ولكنه إسراف.. والله لا يحب المسرفين.. ألا يذكر أبو شادي كيف كان وكيف أصبح..
عزمي: نحن هنا في هذا البلد لا نعرف أبا شادي إلا منذ فترة قريبة حين فاء إلينا ومعه ثروته الطائلة فاستبشرنا بسكناه خيراً.. قل لي..
صبحي: تفضل يا عزمي..
عزمي: كيف كانت حال أبي شادي المادية قبل أن ينزح إلى بلادنا..
صبحي: كان في حالة فقر مدقع.. يعيش على الصدقات..
عزمي: وكيف وصل إلى هذا الثراء..
صبحي: سبحان العاطي يا عزمي: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ
عزمي: سبحانه…
صبحي: أنا أعرف أن أبا شادي حين بلغت به سوء الحال إلى جد الاستجداء ترك بلده وسافر إلى بلد آخر… وانقطع خبره عنا..
عزمي: إذن فمعرفتك الليلة بحال أبي شادي وتراثه الفاحش كان مفاجأة لك..
صبحي: أجل.. مفاجأة وأية مفاجأة…
عزمي: ومفاجآت لعلّها تبلغ قمتها حين تعلم…
صبحي: أعلم ماذا…
عزمي: تعلم أن أبا شادي يحتفل بعرس ابنه على ابنة أغنى تاجر في بلدنا..
صبحي: هنالك مثل عند أهل الشام يا عزمي…
عزمي: ما هو يا أستاذ صبحي…
صبحي: المال يجر المال والقمل يجر الصيبان…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت تغريد تقول):
تغريد: كيف كان عرس دار أبي شادي يا لمياء…
لمياء: إنه يذكرنا بأعراس ألف ليلة وليلة…
تغريد: لقد أنفق فيه أبو شادي بإسراف بلغ حد الجنون..
لمياء: إنه غنى حرب ما يقولون…
تغريد: ولكن…
لمياء: ولكن ماذا…
تغريد: ما رأيك في العروس…
لمياء: إذا قلت بصراحة يا تغريد فقد تغضبك صراحتي..
تغريد: لماذا…
لمياء: لأنك من أقارب العروس..
تغريد: قولي لا عليك…
لمياء: العروس وحشة.. وحشة أما العريس فبدر التمام كما يقول المثل أليس كذلك…
تغريد: يظهر أن شادي قبل الزواج بها نزولاً عند رغبة أبيه..
لمياء: وأبو شادي لم رمى بابنه القمر هذه الرمية السوداء..
تغريد: ربما..
لمياء: ربما ماذا..
تغريد: طمعاً في مال أبيها..
لمياء: المثل يقول يا تغريد..
تغريد: ماذا يقول…
لمياء: يا واخد القرد على ماله يروح المال ويبقى القرد على حاله…
تغريد: آه مسكين شادي.. إنني أرثى له…
لمياء: أنت وحدك يا تغريد بل قولي كل بنات البلد..
تغريد: الشيء الذي أكاد أجن منه في هذا العرس هو..
لمياء: هو ماذا…
تغريد: لم يجمع أبو شادي كل هذه الثروة الطائلة..
لمياء: إنه كالحية.. كما تقول الأساطير - يحرس الكنز لكي يتمتع به أولاده من بعده..
تغريد: ولكنه ثراء زائل..
لمياء: كيف يا تغريد..
تغريد: يقول الله تعالى في كتابه العزيز: بسم الله الرحمن الرحيم، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ( المؤمنون آية: 1- 4).
لمياء: صدق الله العظيم… لعلي أسمع لأول مرة أن أبا شادي لا يدفع زكاة عن ثروته الطويلة العربية… قولي…
تغريد: تفضلي…
لمياء: لم قبل خالك أن يزوج ابنته إلى ابن رجل لا يزكي أمواله…
تغريد: يقولون أن ابنه شادي جبل من طينة غير طينة أبيه…
لمياء: المثل يقول يا تغريد…
تغريد: ماذا يقول…
لمياء: ابن البط عوام… والولد سر أبيه…
تغريد: والمثل أيضاً يقول يا لمياء…
لمياء: ماذا يقول…
تغريد: الورد يخلف شوك شوك والشوك يخلف ورد.. وقد يكون شادي وردة خلفها ذلك الشوك…
لمياء: كلنا نتمنى لابنة خالك مستقبلاً باهراً وحياة زوجية سعيدة…
تغريد: شكراً يا أختاه…
لمياء: ولكن…
تغريد: ولكن ماذا…
لمياء: سؤال يا تغريد أرجوك أن تسمحي عن تطفلي فيه.. غير أن دالتي عليك والمحبة المكنية التي تربطني بك تغفر لي هذا التطفل…
تغريد: قولي لا عليك…
لمياء: الشائعات كانت تتحدث عن حب عاصف بينك وبين شادي.. فكيف اقدم خالك على ذلك وهو ربما يعلم شيئاً من هذا الحب..
تغريد: الطمع والأنانية مع الأسف يا لمياء…
لمياء: وشادي كيف هو الآخر ضحى بحبه لك على مذبح المادة…
تغريد: شادي كان مضطراً للنزول على رغبة أبيه بعد أن هدده بحرمانه من ثروته إذا رفض وقد سألني رأي فشجعته على النزول على حكم والده..
لمياء: إذن فأنت ضحية الخال والحب الأول..
تغريد: والأخير يا لمياء…
لمياء: أنا آسف يا تغريد إذ نكأت جراحاتك وقد كانت ربما في طريق الاندمال…
تغريد: إما أن تندمل جراحي فذلك مستحيل ولكني سأتذرع بالصبر حتى يقضي الله أمره كان مفعولاً.
لمياء: ربنا معك يا أختاه.. أنا أستأذن وإلى اللقاء…
تغريد: إلى اللقاء…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي شادي يقول):
أبو شادي: يا مرحبا يا أستاذ صبحي يا مرحبا…
صبحي: شكراً يا أبا شادي شكراً…
أبو شادي: أنا أشكر للأستاذ عزمي الذي أتاح لي فرصة الاجتماع بأستاذ لا أنسى فضله…
صبحي: العفو يا أبا شادي فأنت تستحق كل عناية واهتمام..
عزمي: في الحقيقة يا أستاذ صبحي.. كل من يعرف أبا شادي يعجب به…
أبو شادي: هذا من كمالك يا سيدي عزمي…
صبحي: أين ابنك يا شادي…
أبو شادي: قادم في الحال لتقبيل يديك..
صبحي: أريد أن أراه فحين تركت بلدنا كان شادي طفلاً…
أبو شادي: بلى… بلى…
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
يظنان كل الظن ألا تلاقيا
صبحي: الحمد لله الذي جمعنا على أسر حال وأنعم بال…
أبو شادي: أرجو أن يطول مقامك بيننا يا أستاذ صبحي..
صبحي: لا أظن يا أبا شادي…
أبو شادي: لماذا…
صبحي: لأن عندي ارتباطات في بلدي لا أستطيع التحلل منها…
أبو شادي: إذا كانت هذه الارتباطات هي الدافع للعودة فإني أضع نفسي ومالي في سبيل بقائك مدة أطول ظهرانينا…
صبحي: شكراً على روحك الطيبة يا أبا شادي.. ولكن..
أبو شادي: ولكن ماذا…
صبحي: لعلّك لا تعرف أني مسؤول عن دائرة الدخل والزكاة ببلدي…
أبو شادي: لعلّي أسمع بذلك لأول مرة لقد أعطى القوس باريها…
صبحي: شكراً.. قل لي يا أبا شادي…
أبو شادي: تفضل أستاذ صبحي…
صبحي: هل يخرج الناس في هذا البلد زكاة أموالهم…
أبو شادي: من كل بد لأن أكثرية هذا البلد من المسلمين…
عزمي: أنا أستأذن يا سيد أبو شادي لارتباطاتي بمواعيد مسبقة..
صبحي: وأنا كذلك…
أبو هادي: الأستاذ عزمي معنا كل وقت.. أما الأستاذ صبحي فيزورنا كالغيث في أيام الجدب…
صبحي: شكراً..
أبو شادي: مع السلامة أستاذ عزمي وإلى اللقاء…
(يدخل شادي فيقول أبوه):
أبو شادي: تعال يا شادي سلم على عمك الأستاذ صبحي…
صبحي: ما شاء الله.. ما شاء الله.. أصبحت رجلاً يا شادي…
شادي: إنني رجل يطلب منك الدعاء والرضاء…
صبحي: بورك فيك.. ومبارك ما عملت وإن شاء الله بالرفاه والبنين والحياة العائلية السعيدة…
هادي- الله يبارك فيه يا عمي..
صبحي: كنا قبل مجيء شادي نتحدث عن الناس في هذا البلد وهل يخرجون الزكاة عن أموالهم..
أبو شادي: سأجيبك على هذا يا استاذ صبحي فقط أسمع لي بأن أكلف شادي بأن يذهب لقضاء مهمة..
صبحي: حسناً…
(بكلمة على انفراد وبعدها يقول شادي):
شادي: حالاً يا أبي سيكون كل شيء جاهزاً في الوقت المحدد..
أبو شادي: بورك فيك…
شادي: أستأذنك يا عماه…
صبحي: مع ألف سلامة…
أبو شادي: أنا تحت تصرفك الآن يا أستاذ صبحي…
صبحي: يا أبا شادي أنت تعلم ما بيننا..
أبو شادي: نعم.. نعم..
صبحي: وقد رأيت ما أفاء الله عليك من نعمة ولكن…
أبو شادي: ولكن ماذا…
صبحي: علمت أنك لا تخرج الزكاة الشرعية من أموالك…
أبو شادي: هذا غير صحيح يا أستاذ صبحي.. ولكن..
صبحي: ولكن ماذا…
أبو شادي: أنا أزكي ولله الحمد عن كل شيء من مالي غير أن عندنا ما أزكي لا أتظاهر كما يفعل بعض الأغنياء إذ يجمعون حول مكاتبهم ودورهم عشرات المحتاجين لهذه الزكاة…
صبحي: إذن تقوم بذلك سراً.. ولا تبقى إلا رضاء ربك…
أبو شادي: أجل.. وإذا أردت أن تتأكد من ذلك فسأطلبك على قيودي ودفاتري وأسماء الأشخاص والعوائل التي تدفع لهم هذه الزكاة وهذا عدا عن وجوه الصرف الأخرى وقد علمت..
صبحي: علمت ماذا…
أبو شادي: علمت أنهم سعوا عندك ضدي وذكروا لك أني لا أخرج الزكاة عن أموالي…
صبحي: هذا صحيح يا أبا شادي ولذلك رأيت أن أفاتحك وأنصحك فالدين النصيحة..
أبو شادي: أشكرك يا أستاذ صبحي على اهتمامك بالأمر وأعده جميلاً مضافاً إلى جمائلك السابقة…
صبحي: العفو يا أبا شادي… العفو…
صوت صادر من مكان بعيد: بسم الله الرحمن الرحيم: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ صدق الله العظيم (البقرة آية: 277).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :672  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 76 من 83
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج