شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 121 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزنة تقول):
مزنة: هيا بنا يا هند نواس (وطفاء) في مصبابها بزوجها النعمان...
هند: لا تقولي يا أختاه مصاب... أنه حسن الختام... أي خاتمة للانسان أحسن من الشهادة... لقد كتبها الله للنعمان بن مقرن المزني... هنيئا له.. كم تمنيت أن يكتب الله لي الشهادة في كل معركة حضناها ضد أعدائنا..
مزنة: صدقت يا هند... ولكن (وطفاء) فقدت بعلها ولا شك أنها حزينة عليه ووقوفنا بجانبها يخفف عنها لوعتها وحزنها..
هند: يرحم الله النعمان.. لقد كانت معركة (نهاوند) من اشد المعركة التي خضناها في قتالنا مع الفرس.. يا مزنة...
مزنة: ولا أدلّ على ذلك من كثرة الجرحى والقتلى بين المسلمين بالرغم من نصر أيام القتال..
هند: لقد كنت تواقة للقاء النساء الفارسيات في ميدان المعركة.. ولكنني لم أر أثراً لهن..
مزنة: كانت معركة (نهاوند) سريعة وخاطفة بحيث لم تعط الفرصة للنساء الفارسيات للدخول في أتونها وهكذا وقعن في الأسر من دون قتال..
هند: يا لله ما أجملهن... وما أجمل لباسهن ومظهرهن..
مزنة: إنهن من كرام نساء الفرس ومن البيوت العريقة فيها.. إن بينهن من بنات الأكاسرة.. ومن بنات كبار قادة الفرس ومرازبتها..
هند: وماذا سيكون مصيرهن يا مزنة؟
مزنة: أرسلن مع الغنائم إلى المدينة..
هند: يا للمدينة انها ولا شك تغص بأجمل النساء في هذا العالم من روميات وفارسيات..
مزنة: صدقت يا هند.. وإني لأتطلع إلى جيل من المواليد سيلعب دوراً هاماً في المسيرة الإسلامية..
هند: أخشى أن يكون بداية الصراع بين المرأة العربية وبين هؤلاء السبايا.. إنني أكره الزواج من الأجنبيات.
مزنة: بلى يا هند بلى... واني معك في هذا الرأي فالجمال الصارخ الطاغي بين الأجنبيات والروميات وغيرهن سيستحوذ على قلوب رجالنا وسيكون لهن الحظوة..
هند: أما نحن فسنكون كحصيرة المسجد واذا تقادم العهد عليها رموا بها على العتبات..
مزنة: دعينا يا هند من الاغراق في التشاؤم فالمرأة العربية ستستطيع الصمود في وجه هذه الموجات العاتية..
هند: إن شاء الله. والآن هيّا بنا إلى وطفاء فقد شغلنا الحديث عن واجبنا نحوها..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت علقمة):
علقمة: كانت غنائم معركة نهاوند كثيرة جداً يا زيد..
زيد: وكان القتلى من الفرس كثيرين أيضا يا علقمة..
علقمة: بلى يا زيد بلى إنني أعرف وفرة الغنائم من الأسهم فقد كان سهم الفارس ستة آلاف سهم وسهم الراجل ألفين..
زيد: وكان قتلى المشركين في حدود المائة ألف رجل..
علقمة: انه عدد ضخم يا زيد...
زيد: أجل فقد أكل اللهب الذي أوقده الفرس لرجالنا ثلثي رجالهم والثلث الباقي حسته سيوف المسلمين..
علقمة: أترى تقوم للفرس قائمة بعد هذه المعركة الحاسمة يا زيد؟
زيد: إن الفرس يدافعون عن حياض بلادهم اليوم وأرى أننا مقبلون على معارك معهم ولكنها ليست في شدة القادسية أو نهاوند..
علقمة: قد تكون مصيبا في رأيك يا زيد ولا سيما وفارس بلاد شاسعة وشمالها جبلي والقتال في الأماكن الجبلية صعب ومرير..
زيد: قد يهون ضراوة هذه المعارك وشبتها تعدد جيوش المسلمين وانفساحها في بلاد فارس فإن ذلك لا شك سيكسر حدة مقاومة قوات الفرس ويفسد أي خطة لديهم للتجمع..
علقمة: كذلك لا تنسى روح الهزيمة التي دبت في نفوس المسلمين فليس هنالك شيء أصعب من تفشي هذه الروح بين المقاتلين أو غير المقاتلين..
زيد: أجل يا علقمة أجل.. ولكن..
علقمة: ولكن ماذا يا زيد؟
زيد: لقد شغلنا حديث أهل فارس عن التفكير في الجبهة الجديدة التي نحن في الطريق إليها يا علقمة..
علقمة: أتعني مصر..
زيد: أجل يا علقمة أجل..
علقمة: لقد اشتدت مقاومة المقوقس ومن معه من الروم للمسلمين وطلب عمرو بن العاص المدد من أمير المؤمنين..
زيد: وها نحن نختار لنكون مع المدد الذي عينه الزبير بن العوام قائدا له..
علقمة: وقد علمت أن في هذا المدد عددا غير قليل من الصحابة أمثال المقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت
زيد: المقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت.. إنهما من المقاتلين الشجعان الذين يعدل الواحد منهم ألفاً من المشركين..
علقمة: أنسيت الزبير بن العوام قائد هذا المدد.
زيد: لا والله.. إنه سيد الشجعان بلا مراء...
(نسمع أصوات تهليل وتكبير ووقع حوافر خيل وقعقعة سلاح وصهيل خيل وصليل سيوف وأصوات جيش لجب زاحف وأخير نسمع صوت علقمة يقول):
علقمة: عدنا يا (زيد) إلى أيام الحصار ومعارك الحصار في الشام أتذكرها؟
زيد: كيف لا أذكرها واذكرها بمرارة.. أتنسى حصارنا لدمشق وكم دام؟ وحصارنا للاذقية وغيرها؟
علقمة: والآن ها نحن نحاصر حصن (بابليون).. ولست أدري كم يطول الحصار؟!..
زيد: أين أنت يا خالد بن الوليد.. لو كان معنا لعرف كيف يتسور الحصون ويفتحها مهما عسرت مغاليقها..
علقمة: ولكني علمت أن الزبير بن العوام قام بجولة استطلاعية حول الحصن. وطاف بالخندق في المحيط به.. وفرق الرجال حوله من كل جانب..
زيد: هذا يعني أن حصارنا للحصن سيطول يا علقمة وأنت تعلم كراهيتي للحصار..
علقمة: إننا جنود يا زيد وما علينا إلا السمع والطاعة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تتخللها همسات وغمغمات وأصوات تعلو وتنخفض مما يدل على اجتماع هام وأخيراً نسمع صوت المقوقس عظيم مصر يخاطب جماعة من الروم وأكابر القبط).
المقوقس: جمعتكم يا قادة الروم ويا أكابر القبط لاطلعكم على الرسالة التي بعثت بها إلى عمرو بن العاص قائد المسلمين.. اقرأ أيها الكاتب الرسالة من دون مقدمتها..
الكاتب: إنكم قوم ولجتم في بلادنا وأصررتم على قتالنا. وطال مقامكم في أرضنا وأنتم عصبة يسيرة وقد أظلكم الروم وتجهزوا لقتالكم في أيدينا فأرسلوا إلينا رجالا منكم نسمع كلامهم فلعله أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون وينقطع عنا وعنكم هذا القتال قبل أن تغشاكم جموع الروم فلا ينفعنا ساعتئذ الكلام..
أصوات: رسالة عظيمة من عظيم..
أحدهم: هل استجاب قائد المسلمين إلى طلبك..
المقوقس: لمّا يجب بعد.. وقد تأخرت عودة رسلي.. اترى المسلمين يقتلون أو يحبسونهم ويستحلون دمهم..
أصوات: لئن فعلوا فسيدفعون غاليا يا عظيم مصر..
الحاجب: رسل مولاي إلى قائد المسلمين عادوا وهم بالباب..
المقوقس: ادخلهم في الحال..
(موسيقى نسمع خلالها صوت فتح الباب ووقع أقدام الرسل وهم يدخلون وكبير الرسل يقول...)..
كبير الرسل: لك التجلة والمجد والاحترام يا عظيم مصر.
المقوقس: مرحباً بكم هاتوا ما عندكم..
كبير الرسل: رسالة جوابية بن عمرو بن العاص قائد المسلمين..
المقوقس: خذها أيها الكاتب.. فضها وأقرها علينا..
الكاتب: ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال: إما أن تدخلوا في الإسلام فتصبحوا إخواناً لنا لكم ما لينا وعليكم ما علينا وإن أبيتم فاعطوا الجزية عن يد وأنت صاغرون وان أبيتم جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وبينكم وهو خير الحاكمين..
أصوات: يا لوقاحة الجواب.. إنه تهديد.. ونحن لا نذعن للتهديد..
المقوقس: هدءواً يا قوم.. وصبراً.. ودعونا نسمع من رسلنا عن أحوال المسلمين وبعدها نقرر ما يجب...
أصوات: حسنا ما تراه.. حسنا ما تراه..
المقوقس: يا كبير الرسل.. لقد حبسك المسلمون ومن معك يومين وليلتين فكيف رأيتموهم..؟
كبير الرسل: رأينا قوما الموت أحب إليهم من الحياة والتواضع أحب إليهم من الرفعة... ليس لأحدهم رغبة في الدنيا ولا نهمة، جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركبهم، وأميرهم كواحد منهم ما يعرف رفيعهم من وضيعهم، ولا السيد فيهم من العبد،.. إذا حضرت الصلاة أدوها في خشوع ولم يتخلف احد منهم عنها..
المقوقس: إذا صدقتهم فيما نقلتم فاني أقسم لو أن هؤلاء القوم استقبلوا الجبال لأزالوها.. ولن يقوى على قتال هؤلاء احد. ولئن لم نغتنم صلحهم اليوم وهم محصورون بهذا النيل لم يجيبونا بعد اليوم إذا أمكنتهم الأرض وقد روا على الخروج من موضعهم..
أحدهم: يا قوم.. لقد طرح عظيم مصر الموضوع أمامكم وبين لكم رأيه فماذا ترون؟
أصوات: الرأي لعظيم مصر.. الرأي لعظيم مصر.. ونحن معه..
المقوقس: شكراً لكم.. شكراً.. إنني أرى أن نطلب من قائد المسلمين بأن يبعث إلينا رسلاً من عنده نتفاوض معهم لعلنا نصل إلى ما عسى أن يكون فيه صلاح لنا ولهم.. فماذا تشيرون؟
أصوات: رأي سديد.. رأي سديد.. موافقون.. موافقون..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزنة تقول):
مزنة: مسكينة (وطفاء) لقد عادت مع صغارها إلى أهلها..
هند: هذه حال الدنيا يا مزنة.. وها نحن نجيء مع أزواجنا لنقاتل هنا في مصر..
مزنة: إن هذه البلاد فيها شبه كبير من أرض العراق من حيث المياه وانبساط الأراضي وسهولتها..
هند: ليس فيها جبال الشام ولا جبال فارس..
مزنة: وسيكون مجال الفرسان فيها واسع جدا..
هند: بل قولي والمشاة أيضا..
مزنة: ولكن ترع نهر النيل المترامية هنا وهناك تعيق فرساننا ومشاتنا وتعطي تحصيناً طبيعياً لعدونا..
هند: صدقت يا مزنة وها نحن الآن أشبه بالمحصورين لا المحاصرين أمام (بابليون)..
مزنة: إن الروم مستميتون في الدفاع عن هذا الحصن.. ولو كان الأمر بيد الأقباط لكنا الآن في قلب مصر..
هند: إن الروم سيقاتلون بضراوة عن هذه البلاد الخصيبة ذات الخيرات الوفيرة والمياه الغزيرة..
مزنة: وسيطول حصارنا لحصن (بابليون) إذا لم تحدث مفاجآت..
هند: أية مفاجآت يا أختاه..
مزنة: أقصد ربما يقوم بهجوم خاطف الزبير بن العوام ومن معه من فرسان الصحابة كالمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد..
هند: إن الزبير بن العوام ـ كما سمعت من زوجي... مهتم بالأمر وهو يشاور أصحابه ويتداول معهم فيما يجب.. ولكن..
مزنة: ولكن ماذا يا هند؟
هند: هل عند الزبير بن العوام الخبرة بفنون الحروب عند الروم والفرس..
مزنة: بلى يا هند بلى..
هند: كيف يا هند كيف؟
مزنة: لقد تمرس الزبير بن العوام قتال الروم في معركة اليرموك.. فقد كان قائدا لأحد الكراديس فيها وقد خرج بجرح غائر في جسده منها وكان مع جيوش المسلمين في جهات الشام..
هند: إذن فعنده إلمام بخطط الروم وأساليبهم في القتال..
مزنة: أجل يا هند أجل.. ثم لا تنسى إنه من المقاتلين الذين يضرب المثل بشجاعتهم وحبهم للمغامرة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى وهمهمة وغمغمة وأصوات تعلو وتنخفض مما يدل على اجتماع هام وخيرا نسميه صوت حاجب المقوقس يعلن)..
الحاجب: سيدي عظيم مصر..
المقوقس: ما وراءك؟
الحاجب: رسل المسلمين بالباب..
المقوقس: أدخلهم في الحال..
(نسمع اصوات فتح الباب ووقع حوافر أقدام الداخلين ثم نسمع صوت عبادة بن الصامت يقول):
عبادة: السلام على من أتبع الهدى..
المقوقس: (يقول وقد هابه سواد عبادة) نحوا عني هذا الأسود وقدموا غيره يكلمني..
أحد المسلمين: إن هذا الأسود أفضلنا رأيا وعلما وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا، وإنا نرجع جميعاً إلى قوله ورأيه وقد أمره الأمير دوننا بما أمره به..
المقوقس: تقدم يا أسود وكلمني برفق فإني أهاب سوادك وإن اشتد على كلامك ازددت لك هيبة.
عبادة: قد سمعت مقالتك وإن فيمن خلفت من أصحابي ألف رجل أسود كلهم أشد سوادا مني وأفظع منظرا ولو رأيتهم لكنت أهيب لهم مني وأنا قد وليت وأدبر شبابي وإني ـ مع ذلك ـ بحمد الله ما أهاب مائة رجل من عدوي ولو استقبلوني جميعا وكذلك اصحابي..
(همهمة وغمغمة من الروم والاقباط الحاضرين وأصوات تعلو وتنخفض مما يدل على الاستياء.. يتابع عبادة كلامه)..
عبادة: ذلك لأن رغبتنا وبغيتنا الجهاد في الله تعالى.. وليس غزونا رغبة في الدنيا ولا طلبا للاستكثار منها الا أن الله قد أحل لنا ذلك وجعل ما غنمنا من ذلك حلالاً طيباً وما يبالي أحدنا أكان له قنطار من الذهب أم كان لا يملك إلا درهماً.. لأن نعيم الدنيا ورضاءها ليس برضاء إنما النعيم والرخاء في الآخرة بذلك أمرنا ربنا وأمر به نبينا إلينا أن لا تكون همة أحدنا من الدنيا الا ابتغاء مرضاة ربه وجهاد عدوه..
المقوقس: هل سمعتم يا قوم مثل كلام هذا الرجل قط.. إن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب البلاد وما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها..
أصوات: بلى... يا عظيم مصر بلى..
المقوقس: أيها الرجل قد سمعت مقالتك وما ذكرته عنك وعن أصحابك.. وقد توجه إلينا لقتالكم من جمع الروم ما لا يحصى عدده لأننا لنعلم إنكم لن تقدروا عليهم ولن تطيقوهم لضعفكم وقلتكم..
أصوات: بلى يا عظيم مصر بلى.. إنهم لن يقدروا على الروم..
المقوقس: وقد أقمتم بين ظهرانينا أشهراً وأنتم في ضيق وشدة من معاشكم وحالكم.. ونحن تطيب أنفسنا أن نصالحكم على أن نفرس لكل رجل منكم دينارين ولأميركم مائة دينار ولخليفتكم ألف دينار قتقبضونها وتنصرفوا إلى بلادكم قبل أن يغشاكم ما لا قوة لكم به..
أصوات: أجل يا عظيم مصر أجل..
عبادة: يا هذا لا تغرن نفسك ولا أصحابك.. أما ما تخوفنا به من جمع الروم وكثرتهم فذلك والله ارغب ما يكون في قتالهم وأشد لحرصنا عليهم وأنا منكم حينئذ على احدى الحسنيين.. أما ان تعظم لنا بذلك غنيمة الدنيا ان ظفرنا بكم أو غنيمة الآخرة إن ظفرتم بنا وإن الله تعالى قال لنا في كتابه العزيز كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (البقرة: 249)..
أصوات: همهمة وغمغمة وأصوات تعلو وتنخفض تدل على الاشياء يتابع عبادة كلامه.
عبادة: وما من رجل منا الا وهو يدعو ربه صباح مساء ان يرزقه الشهادة وان لا يرده إلى بلده ولا إلى أهله وولده وليس لأحدنا منا هم فيما خلفه وقد استودع كل واحد منا ربه أهله وولده وانما همنا ما أمامنا..
أصوات: ويل لهذا الأسود انه يريد ان يرهبنا ويخيفنا..
عبادة: وأما قولك إنا في ضيق وشدة من معاشنا وحالنا فنحن في أوسع السعة.. لو كانت الدنيا كلها لنا ما أردنا لأنفسنا منها أكثر مما نحن فيه..
أصوات: (همهمة وغمغمة وأصوات تعلو وتنخفض تدل على الاستياء يتابع عبادة كلامه):
عبادة: وإني أخيرك يا هذا بين ثلاث خصال: إما أن تسلموا غتصبحوا أخوة لنا وتسعدوا في الدنيا والآخرة ونرجع عن قتالكم أو التعرض لكن فإن أبيتم فأدوا إلينا الجزية عن يد وأنتم صاغرون وعندها نقاتل عنكم من يناؤكم أو يتعرض لأراضيكم وأنفسكم وأموالكم وكان لكم به عهد الله علينا..
أصوات: لا.. إنه.. ذل واستعباد..
عبادة: وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إلا القتال حتى نموت عن آخرنا أو نصيب منكم ما نريد.. هذه شروطنا فانظروا لأنفسكم منها ما تزيدون..
المقوقس: هذا مما لا يكون أبداً ما تريدون إلا أن تأخذونا لكم عبيداً ما كانت الدنيا..
عبادة: اختر ما شئت من الخصال الثلاث التي ذكرتها..
المقوقس: أفلا تجيبونا إلى خصلة غير هذه الثلاث؟
عبادة: لا ورب السماء ورب هذه الأرض، ورب كل شيء، ما لكم عندنا خصلة غيرها فاختاروا لأنفسكم..
المقوقس: يا قوم قد فرغ القول فماذا تقولون..
أحدهم: أو يرضى أحد بهذا الذل؟
أصوات: لا.. لا.. أبداً.. أبداً..
أحدهم: أما ما أرادوا من دخولنا في دينهم فلا يمكن أن نترك ديننا وندخل في دين لا نعرفه.. وأما ما أرادوا من أن يسبونا ويجعلونا عبيداً أبداً فالموت أيسر من ذلك لو رضوا أن نضاعف لهم ما أعطيناهم مراراً كان أهون علينا..
أصوات: لا فض فوك.. لا فض فوك..
المقوقس: يا عبادة! قد أبى القوم فراجع صاحبك على أن نعطيكم في هذه المرة ما تمنيتم وتنصرفون..
(ينصرف عبادة ونسمع وقع أقدامه وأقدام أصحابه من دون أن يقولو كلمة وبعد انصرافهم نسمع أصواتاً تقول)..
أصوات: الويل لهذا الأسود وأصحابه.. الويل لهم..
المقوقس: يا قوم.. يا قوم.. أطيعوني وأجيبوا المسلمين إلى خصلة من الثلاثة الخصال فوربي ما لكم بهم طاقة وإن لم تستجيبوا إليهم طائعين لتجيبنهم إلى ما هو أعظم منها كارهين..
أصوات: أي خصلة تجيبهم إليها..؟؟؟
المقوقس: حسناً.. أما دخولكم في غير دينكم فلا آمركم به.. وأما قتالهم فلا قبل لكم به.. ولا بد من الخصلة الثالثة..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :760  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 52 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج