شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 118 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مهران يخاطب زميله بهرام)..
مهران: سئمنا يا بهرام هذا الحصار الطويل والهرمزان يصر على مطاولة الحصار..
بهرام: وماذا يهم الهرمزان يا مهران.. إنه يعيش في القلعة في حصن أمين وحوله مما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين..
مهران: ونحن نتضور جوعاً.. لقد هربت من داري بعد أن أصمني صراخ أطفالي وزوجي من الجوع..
بهرام: ما العمل يا مهران..؟
مهران: تسألني ما العمل يا بهرام؟ ونحن نموت جوعاً بينما يرفل الهرمزان ومن معه من القواد في بحبوحة من النعيم.. تسألني يا بهرام ماذا أعمل؟؟
بهرام: أجل يا مهران أجل.. أسألك ماذا تعمل؟
مهران: أما أن نقتل الهرمزان أو نسلم المدينة...
بهرام: كلا الأمرين صعب يا مهران... فالوصول إلى الهرمزان ضرب من المستحيل لأنه محاط بحرس كبير مدجج بالسلاح..
مهران: إذن فتسليم مدينة (تستر) أهون الشرين..
بهرام: نسلم مدينتنا لأعدائنا.. أجننت يا مهران؟
مهران: إن لم نسلمها اليوم للمسلمين عن طواعية فسيستولون عليها غداً عنوة ويتركونها نهباً وسلباً لجنودهم..
بهرام: ولكننا نستطيع الصمود..
مهران: نستطيع الصمود ونحن لا نقوى على الوقوف من الجوع والمرض..
بهرام: صحيح ولكنها خيانة يا مهران..
مهران: ليست خيانة وإنما هي السلامة لنا..
بهرام: وأهل مدينة تستر ماذنبهم يا مهران؟
مهران: سنطلب لهم الأمان من المسلمين... أما الهرمزان ومن معه فليذهبوا إلى الهلاك
بهرام: ولكن كيف نستطيع الاتصال بالمسلمين؟؟
مهران: سأكتب على رق صغير رسالة إلى المسلمين..
بهرام: وكيف توصلها إليهم وأبواب مدينة تستر مغلقة والحراس عليها كثيرون..
مهران: سأرمي الرسالة بواسطة نشابي..
بهرام: وماذا تقول في الرسالة؟
مهران: أقول إن أمنتمونا دليناكم على مكان تدخلون منه إلى المدينة..
بهران: وأي مكان تقصد يا مهران.
مهران: مخرج الماء لمدينة تستر..
بهرام: يا لأفكارك الشيطانية..
مهران: هيا بنا.. هيا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزنة تقول):
مزنة: أراني أصبحت من رأيك يا هند..
هند: وأي رأى يا مزنة؟
مزنة: أتذكرين قولك إنه لا استقرار لنا ولا مقام هنا ما دام يزدجرد على قيد الحياة..
هند: أجل.. وإني ما زلت على رأيي..
مزنة: إنك على صواب يا هند.. فما دام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لم يأذن لجيوش المسلمين بالانسياح في بلاد فارس فإن يزدجرد سيخلق لنا متاعب لا تعد ولا تحصى.
هند: ألم يخطر ببال سعداً وغيره من كبار القادة أن يشرحوا لأمير المؤمنين فوائد انسياح جيوش المسلمين في بلاد فارس..
مزنة: لا شك عندي أن هذا الرأي قد خطر لكثيرين من رجال المسلمين الذين يقاتلون في هذه الجبهة..
هند: ولكن لم لم يجرؤ أحد على مفاتحة أمير المؤمنين بهذا الأمر؟
مزنة: وهل نحن على مستوى القيادة حتى نعلم أسرارها من يدري ربما كتب سعد أو غيره إلى أمير المؤمنين بذلك.
هند: علاقتك يا مزنة بسلمى زوج سعد وطيدة.. ألم تسر إليك بشيء في هذا الشأن..
مزنة: لا يا أختاه.. وهل سعد يطلع زوجه على كل شيء.؟
هند: لا، ولكن ربما سمعته يتحدث مع أحد كبار رجاله وقادته..
مزنة: إن قلبي يحدثني يا هند أن الأمر بانسياح جيوش المسلمين في بلاد فارس آت عما قريب وانه الآن موضع التداول والتشاور بين أمير المؤمنين وكبار الصحابة في المدينة..
هند: عسى أن تصدق أحاسيسك ومشاعرك يا مزنة.
(نقلة صوتية تتخللها عواصف وبروق ورعود وصواعق نسمع بعدها صوت مهران يقول):
مهران: يا لسوء الحظ يا بهرام. إن النفق السري لمدينة (تستر) سيصبح بحيرة من شدة الامطار المنهمرة..
بهرام: أجل يا مهران ولكن مياه الأمطار ستجرف ما بهذا الممر من أوساخ وقاذورات.. وسيكون بعد توقف الامطار صالحاً لعبور المسلمين منه إلى داخل المدينة..
مهران: رب ضارة نافعة يا بهرام لئن كان حصارنا سيمتد بضعة أيام ألا أن خطتنا ستنجح قولا واحد..
بهرام: ولكن يا مهران..
مهران: ولكن ماذا يا بهرام؟؟
بهرام: كيف نستطيع الاتصال بالمسلمين؟؟
مهران: أما قلت لك إني سأرمي برسالة على رأس نشابي لأقرب مسلم أراه أمامي ولا شك أنه سينقلها إلى قائده..
بهرام: ولكن يجب ان نحذر عيون الهرمزان يا مهران فهم كثير..
مهران: إن أكثرهم في حالة يأس كالتي نمر بها يا بهرام.. حتى الهرمزان نفسه..
بهرام: الهرمزان يا مهران كيف؟؟
مهران: لقد كان الهرمزان ينتظر إمداداً من يزدجرد تأتي من وراء المسلمين والهرمزان من أمامهم ولكن..
بهرام: ولكن لم يصل شيء..
مهران: أجل يا بهرام أجل..
بهرام: إذن عجل في اتصالك بالمسلمين.
مهران: تعال معي فقد اخترت مكانا قريبا من المسلمين وسأبعث منه رسالة على رأس نشابي..
بهرام: وهل هيأت الرسالة يا مهران؟
مهران: أجل يا بهرام وهي في حرز مكين..
بهرام: هيا بنا..
مهران: هيا بنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها مشية رجل ووقع أقدامه وكأنه في حالة عصبية ثم نسمع صوت الفيرزان يقول):
الفيرزان: سيدي القائد الهرمزان.. أراك قلقاً لما تنم بعد وأنت تذرع غرفتك ذهاباً وإياباً ما بك يا سيدي؟ ما الخبر..
الهرمزان: ما بي يا فيرزان.. ما بي.. وأي حال أتعس مما أنا فيه..
الفيرزان: لا أفهم سيدي القائد.. أرجوك التوضيح..
الهرمزان: إننا نكابد بلاء وجهدا كبيرا من الحصار الذي طال وامتد ونحن ننتظر المدد من هذا الغلام الغرير..
الفيرزان: أتعني يزدجرد سيدي..
الهرمزان: أجل يا فيرزان.. لقد وعدني بارسال امدادات كبيرة تفاجىء المسلمين من خلفهم ونحن من قدامهم فنقضى عليهم قضاء مبرما قد يكون من ورائه كسر حدة اندفاع المسلمين العاصف..
الفيرزان: وهل هنالك أمل في إمدادات ونجدات؟
الهرمزان: انه أمل سراب.. يا فيرزان.. انني أصبحت أخشى سوء العاقبة.. ان الناس بدأوا يتذمرون من طول الحصار وقلة الغذاء وقسوة الشتاء والبرد..
الفيرزان: صدقت سيدي القائد.. ان أهالي مدينة تستر قد أصبحوا في حالة يرثي لها من الجوع والمرض وأخشى ما أخشى..
الهرمزان: تخشى ماذا يا فيرزان؟
الفيرزان: أخشى أن يشقوا عصا الطاعة ويطلبوا الأمان من المسلمين..
الهرمزان: مخاوفك في محلها يا فيرزان.. ولكن الجنود مخلصون لقائدهم وانت في مقدمتهم..
الفيرزان: ثقتك في محلها سيدي القائد ولكن للصبر حدود..
الهرمزان: اذن ما العمل يا فيرزان..
الفيرزان: أرى ان نخرج لقتال المسلمين فأما النصر واما الهلاك وفي كليهما الراحة..
الهرمزان: قد يكون كلامك منطقيا لو أن جيشنا في وضع يستطيع الهجوم فكل ما لدينا من عتاد هو للدفاع وليس للهجوم..
الفيرزان: والى متى سنظل على هذه الحال؟؟.
الهرمزان: أراك انحزت إلى قائمة المتذمرين يا فيرزان..
الفيرزان: لا يا سيدي القائد.. وانما اشتاقت النفس إلى ساحة المعركة..
الهرمزان: ولكننا في ساحة المعركة..
الفيرزان: انها معركة من وراء جدار..
الهرمزان: أصبر فقد تحدث المعجزة.. ويأتينا المدد من يزدجرد
الفيرزان: لا مجال للاختيار سيدي القائد.. وما على الا ان أقول السمع والطاعة..
الهرمزان: بورك فيك.. بورك فيك..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت زيد يقول):
زيد: جاءك الفرج يا علقمة.. فقد وقع ما ليس في الحسبان..
علقمة: صدقت يا زيد.. من كان يصدق ان يكون الفرج بهذه الطريقة التي لا تخطر على بال..
زيد: هيا بنا فقد صدرت الأوامر بأن تكون في طليعة الذين سيدخلون المدينة عن طريق مخرج الماء..
علقمة: عسى الا يكون مخرج الماء مليئا بالأوساخ والقاذورات..
زيد: أظن الأمطار التي انهمرت في اليومين السابقين قد جرفت ما بالمخرج من قاذورات..
علقمة: ولكن منسوب الماء به سيكون عاليا..
زيد: إنه الجهاد في سبيل الله وعلينا أن نتحمل وعسى أن تكتب لنا الشهادة في سبيله..
علقمة: يا ليت.. يا ليت.
زيد: هيا فإني أرى عامر بن قيس وبشر بن كثير وسرية من جيش النعمان بن مقرن المزني تتقدم نحو مخرج الماء..
علقمة: هيا نلحق بسرية النعمان فنحن ملحقون بها..
(نسمع خوض الرجال في الماء تتخلله موسيقى خفيفة وهمهمات وهمسات وغمغمات وأخيرا نسمع أصواتا تدوي)..
الأصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله اكبر..
(نسمع مقارعة السيوف وقعقعة السلاح وسقوط القتلى وأنات الجرحى ثم صوت المنادي يقول):
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين فتحت أبواب مدينة تستر أدخلوها على بركة الله.. لقد طلب أهلها الأمان فأعطاهم قائدكم الأمان..
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. عليكم بالقلعة حيث يتحصن عدو الله الهرمزان.. سيروا على بركة الله..
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت علقمة يقول):
علقمة: أرسل الهرمزان يطلب الاستسلام وأن يترك مصيره إلى الخليفة عمر بن الخطاب ليحكم فيه بما يراه..
زيد: وهل قبل قائدنا أبو سبرة طلبه..
علقمة: أجل يا زيد أجل..
زيد: كيف يقبل من قاتل مجزأة بن ثور والبراء بن مالك وهما من خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم..
علقمة: لا أدري يا أخي.. لعله استشار من معه من القواد فوافقوا على ذلك..
زيد: ولكني لست من رأيهم.. كان يجب أن يقتل الهرمزان صبراً فقد قتل صحابيين جليلين ثم إنه شخصية خطرة..
علقمة: ولكن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لا شك سيأمر بقتله شر قتلة..
زيد: ولكن قلبي يحدثني انه سيمكر بمن في المدينة ويسلم من القتل وسترى..
علقمة: أتظن أن الهرمزان بهذه القوة من المكر والدهاء..
زيد: هذا ما سمعت عنه من كثيرين من الفرس.. ومتى سيرسل الهرمزان إلى المدينة..
علقمة: لقد أرسل مع وفد وفيه أنس بن مالك والاحنف بن قيس..
زيد: يا ليتهم يرسلوننا مع الوفد لنرى مقابلة الخليفة عمر للهرمزان..
علقمة: ولكننا سنذهب مع الوفد فقد صدرت الأوامر بذلك..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزنة تقول):
مزنة: الي يا هند الي..
هند: ما وراءك يا مزنة؟؟
مزنة: جاءتني أمرأتان فارسيتان وبعد ان سلمتا علي قالت كبراهما..
هند: ماذا قالت...؟
مزنة: قالت: لقد أخطأ قومك حين قبلوا طلب الهرمزان النزول على حكم الخليفة..
هند: ألم تسإليها لماذا؟؟
مزنة: أجل.. يا هند..
هند: وماذا قالت؟
مزنة: قالت ان الهرمزان غدار مكار وقد طلب النزول على حكم الخليفة كي يسلم من القتل..
هند: كيف يسلم الهرمزان من القتل وقد قتل اثنين من خيرة الصحابة... الم تقولي لها ذلك يا مزنة؟
مزنة: بلى.. بلى... ولكن صغراهما أردفت قائلة..
هند: وماذا قالت...
مزنة: قالت إن الهرمزان واسع الحيلة.. معروف لدينا في فارس بالخداع والمخاتلة والمكر والذكاء الخارق..
هند: وأي ذكاء خارق وجريمة الهرمزان شاهدة لا تحتاج إلى بينة أو اثبات... ألم تقولي لها مثل ذلك؟؟
مزنة: بلى يا هند كأنك تقرأين ما قلت؟
هند: وماذا قالت صغراهما بعد ذلك؟
مزنة: قالت انها مستعدة للرهان على ان الهرمزان سيحصل على الأمان من الخليفة..
هند: بالطبع لم تقبلي الرهان يا مزنة.. اليس كذلك..
مزنة: وكيف اقبل بالشيء الحرام..
هند: وماذا جرى بعد ذلك..
مزنة: انصرفت المرأتان وهما تقولان: ستعرفين يا مزنة صدق ما نقول:
هند: كفانا الله شر الهرمزان ومن هم على شاكلته..
مزنة: اللهم آمين.. اللهم آمين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت علقمة يقول):
علقمة: ها نحن نصل المدينة.. انظر إلى الهرمزان كيف ألبسوه حلته ووضعوا على رأسه تاجه الذهبي المرصع بالياقوت والأحجار الكريمة..
زيد: إن عدو الله الهرمزان ذو هيبة ووقار في لباسه ومظهره..
علقمة: انظر إلى عدو الله وهو في كسوته الفاخرة وتطلع إلى هناك..
زيد: أين هناك...؟
زيد: إني أرى رجلاً نائماً متوسداً برنسه والدرة في يده أنه عمر بن الخطاب... إنه الخليفة.. يا لجلال البساطة وأبهة التواضع..
علقمة: هيا نقترب من الهرمزان.. انه بدأ يتكلم والمغيرة بن شعبة يترجم.
الهرمزان: اين عمر.. دلوني عليه.. خذوني إليه..
زيد: إنه هو هذا النائم على الأرض المتوسد برنسه والدرة في يده..
الهرمزان: أين حرسه وحجابه؟
زيد: ليس له حارس ولا حاجب..
الهرمزان: اذن فهو نبي..
زيد: ليس نبياً يا عدو الله وإنما يعمل الأنبياء ويسير على سنن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت علقمة يقول):
علقمة: لقد استيقظ أمير المؤمنين على الجلبة وحين رأى الهرمزان قال: الحمد لله الذي أذل بالإسلام هذا وأشباهه..
زيد: ها هو أمير المؤمنين يأمر بنزع كسوة الهرمزان وإلباسه ثوباً ضعيفاً.. إني أرى الخليفة يتكلم يا علقمة ولكني لا أسمعه لضعف سمعي.. قل لي ماذا يقول:
علقمة: يقول: يا هرمزان كيف رأيت عاقبة الغدر وعاقبة أمر الله.. وها هو الهرمزان يجيب بكل جرأة ووقاحة..
الهرمزان: يا عمر انا واياكم في الجاهلية كان الله قد خلى بيننا وبينكم فغلبناكم فلما كان الآن معك غلبتمونا..
زيد: يا لرباطة جأشه وقوة جنانه..
علقمة: صه يا زيد ان امير المؤمنين يتكلم..
زيد: انقل لي ما يقول؟
علقمة: قال له ما حجتك وما عذرك في انتفاضك مرة بعد أخرى..
الهرمزان: أخاف أن تقتلني قبل أن أخبرك..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :866  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالله بلخير

[شاعر الأصالة.. والملاحم العربية والإسلامية: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج