شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 87 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى ثم صوت أم سالم تقول):
أم سالم: لقد أصبحت المدينة تعج بالوافدين، فعمرت أسواقها بأنواع البضائع من الدمقس والحرير إلى البرد اليمانية يا أم ياسر..
أم ياسر: الحمد لله إننا نشهد ازدهارا وتقدما وعمرانا.. لقد ذهبت إلى السوق فتحيرت ماذا اشترى فكل شيء يستأهل الشراء يا أم سالم..
أم سالم: لقد شاهدت في أحد الحوانيت حريرا من صنع الشام.. صدقيني يا أختاه ما رأت عيني مثل نعومته ودقة صنعته ثم أن سعره معقول..
أم ياسر: أنسيت الخمر يا أم سالم ما أروع ألوانها وخاصته الأسود منها لقد اشتريت منها ومن غيرها وعندما عدت إلى البيت دخلت في معركة مع أبي ياسر فقد اتهمني بالتبذير والاسراف في الزينة.
أم سالم: وأنا رميت يا أختاه بنفس التهمة من أبى سالم..
(نقلة صوتية)..
علقمة: بإنتشار الإسلام يا زيد في ربوع شبه الجزيرة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها أصبحنا أمة واحدة يظللنا لواء واحد ندين بدين واحد، وتتجه قلوبنا جميعا إلى عبادة إله واحد لا شريك له.
زيد: الحمد لله على نعمة الإسلام.. أتذكر يا علقمة كيف كنا قبل عشرين سنة.. كنا قبائل متنافرة تشن أحداهما الغارة على الأخرى كلما وجدت في ذلك مغنما.. أما اليوم فبانضوائنا تحت لواء الإسلام تطهرنا من رجس الوثنية فهدأت الخصومات ولم يبق لغزو أو خصومة موضع..
علقمة: بلى يا زيد.. لقد استرحنا إلى حكم الواحد القهار ولم يبق لأحد أن يستل سيفه من قرابه إلى أن يدافع عن وطنه أو يدفع المعتدي عليه دين الله.
زيد: انظر يا علقمة... أن جابر يسعى إلينا وهو يركض ويلهث..
علقمة: لا بد أنه موسوق بالأخبار..
جابر: السلام عليكما..
الاثنان: وعليك السلام وما وراءك؟
جابر: علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم يعتزم الحج في هذا العام.
علقمة: بشّرك الله بالخير..
زيد: لا فض فوك.. يا رب تكتب لنا الحج في هذا العام..
علقمة وجابر معاً: يا رب يا رب..
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين رسول الله يتجهز للحج فمن يستطيع منكم الحج فليتهيأ.. هلموا إلى أداء فريضة الله.. هلموا.. أثابكم الله...
جابر: أتسمعان.. اتسمعان؟
علقمة: بلى.. لقد صدقت القول يا جابر..
زيد: هل أنتما راغبان في الحج مثلي...؟
علقمة وجابر: بلى يا زيد...
زيد: إذن هيا بنا نأخذ في أسباب السفر..
(نسمع ضجيجاً وأصواتاً مختلطة ووقع حوافر خيل وأصواتاً مبهمة تعلو وتنخفض ثم صوت أم سالم تقول):
أم سالم: ها.. يا أم ياسر.. هل أعتزم زوجك الحج مع الرسول صلى الله عليه وسلم..
أم ياسر: نعم.. وأنت وزوجك يا أم سالم..؟
أم سالم: نعم... لقد دعانا الله على حج بيته..
وتتجه قلوبنا جميعاً إلى عبادة إله واحد لا شريك له..
أم سالم: نعم... لقد دعانا الله على حج بيته..
أم ياسر: الحمد لله على هذه الدعوة..
أم سالم: سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأخذ جميع زوجاته معه للحج.
أم ياسر: أحقا ما تقولين يا أم سالم..
أم سام: ذلك ما أفضى به إليّ أبو سالم...
(نقلة صوتية مسبوقة القافلة ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: ما كاد الناس يا زيد يعرفون ما صح عليه عزم النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته إياهم للحج معه حتى انتشرت الدعوة في كل ناحية من شبه الجزيرة...
زيد: انظر يا علقمة زحف الناس على المدينة بالألوف من كل فج وحدب.... من المدائن والبوادي... من الجبال والصحارى، من كل بقعة في هذه البلاد العربية المترامية الاطراف والتي استنارت كلها بنور الله وهدى رسوله النبي الأمين صلى الله عليه وسلم...
(نسمع ضجيجاً وهرجاً ومرجاً وأصوات إبل وصهيل خيل ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: هلم بنا يا زيد ننظر هذه الضجة فإني ألمح عن بعد جماعة كبيرة وكأنها أحد الوفود..
زيد: هلم بنا... هلم بنا...
علقمة: انظر يا زيد ها هو جابر يسعى إلينا وهو يلهث لعله ينوء بأخبار هذا الوفد
(يضحكان... يصل جابر... فيبتدره علقمة قائلاً):
علقمة: ما وراءك يا جابر... أراك تلهث.. هل من جديد لديك عن هذا الضجيج الذي نسمعه...
(نعود إلى سماع الضجيج).
جابر: نعم... هذا ضجيج وفد من نصارى نجران قدموا لاعلان اسلامهم بعد أن وجه النبي صلى الله عليه وسلم إليهم خالد بن الوليد يدعوهم إلى الإسلام..
زيد: أليسوا هم البقية الباقية التي لم تسلم من نصارى نجران؟
جابر: بلى.. وقد لقيهم الرسول صلى الله عليه وسلمن بالترحيب والمودة..
علقمة: الحمد لله الذي هداهم إلى الإسلام وشرح صدورهم له..
زيد: نرجو أن تبشرنا يا جابر بقدوم وفد أهل اليمن الذين عز عليهم أن يخضعوا للواء الإسلام..
علقمة: لماذا يا زيد؟
زيد: لأن الإسلام ظهر بالحجاز ولأن اليمن اعتادت أن تغزو الحجاز فلم يغزها الحجاز من قبل أبدا.. وإلى هؤلاء أرسل النبي علي بن أبي طالب يدعوهم إلى الإسلام..
جابر:أرجو أن يوفق على كما وفق خالد بن الوليد..
علقمة: لقد أنسانا حديث الوفود إن هذا اليوم هو الخامس والعشرون من شهر ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة وهو اليوم الذي حدده النبي للمسلمين للحج هيا بنا... هيا بنا...
((سمع تحركات جمال وخيل وأناس ثم أصوات التلبية تدوى... لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.. ثم صوت زيد يقول))....
زيد: لبيك لا شريك لك لبيك.. نداء رددته الصحارى والوديان ولبته الألوف المؤلفة من الناس ضارعة إلى بارئها مؤمنة عابدة رافعة الصوت بهذه التلبية طاعة لله وشكرا لنعمته وطمعاً في رحمته وغفرانه..
علقمة: كم تقدر يا زيد عدد هذا الحجيج؟
زيد:انه يربو على المائة ألف..
علقمة: الحمد لله على نعمة الإسلام.. لقد هرع المائة ألف تلبية لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم.. جاؤوا إخوة متعارفين تجمع بينهم المودة الصادقة والأخوة الإسلامية بعد أن كانوا إلى سنوات قبل ذلك أعداء متنافرين.
زيد: لقد وحّد الإسلام بينهم وجعلهم جميعاً كالبنيان المرصوص..
(نسمع أصوات التلبية: لبيك اللهم لبيك.. ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: لقد بلغنا سرف.. اصغ إلى منادي الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
المنادي: يا معشر المسلمين.... يا معشر المسلمين... رسول الله يقول لكم: من لم يكن منكم معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه هدي فلا.
زيد: هيا نصدع بما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم...
علقمة: هيا... هيا...
(نسمع ضجة وجلبة ثم صوت جابر يقول):
جابر: البشرى يا علقمة.. البشرى يا زيد...
علقمة وزيد: بشرك الله بالخير يا جابر.. قل.. هات..
جابر: لقد عاد علي بن أبي طالب من غزوته باليمن موفقاً منصوراً..
زيد: كيف؟
جابر: قابل اليمنيون دعوة علي بن أبي طالب لهم بالإسلام بالاستكبار وامتشاق الحسام فلم يلبث على أن شتتهم على رغم صغر سنه وقلة من كانوا معه من الفرسان فلم يجد اليمنيون بدا من التسليم والدخول في الإسلام..
علقمة: بورك فيك يابن أبي طالب..
(نسمع أصوات التلبية وتحركات الجموع الغفيرة من الحجيج... ثم صوت أم ياسر تقول):
أم ياسر: ما أعظمه من ضجيج يا أم سالم..
أم سالم: صدقت يا أم ياسر.. إنه في منتهى الروعة والجلال.. انظري لقد ضربت للنبي قبة بنمرة..
أم ياسر: وحولها خيام نسائه..
أم سالم: وانظري إلى هذه الحشود الهائلة من الحجيج تجتمع على صعيد واحد وقد ألف الإسلام بين قلوبهم ووحدهم على عبادة إله واحد لا شريك له بعد أن كان كل ملأ يعبد إلها صنما لا يضر ولا ينفع..
أم ياسر: أنسيت يا أختاه كيف رفع الإسلام من شأن المرأة بعد أن كانت توأد خشية العار والفاقة. وها نحن نقف على قدم المساواة مع الرجل في العبادة والمعاملة..
أم سالم: الحمد لله الذي أنزل هذا الدين القويم على رسوله النبي الكريم..
(نقلة صوتية مسبوقة بأصوات التلبية ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: صه يا زيد صه.. لقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم في بطن الوادي من أرض عرفة وها هو ينادي في الناس وما يزال على ناقته بصوت جهوري.. إنه يريد أن يخطب في الناس أسمع ها هو يحمد الله ويثني عليه وربيعة ابن أمية بن خلف يردد ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم..
جابر: اصغوا إلى صوت ربيعة ابن أمية بن خلف وانصتوا إليه فنحن بعيدون عن المكان الذي يقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
(نسمع صوت ربيعة بن أمية بن خلف يقول):
ربيعة: أيها الناس، اسمعوا قولي فاني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا..
أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا..
(نسمع أصوات تكبير / الله أكبر).
وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من أئتمنه عليها.. وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تَظلِمون ولا تُظلَمون قضى الله أنْ لا ربا، وإن ربا العباس بن عبد المطلب موضوع كله وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم اضع دم ابن ربيعة ابن الحارث بن عبد المطلب.
أما بعد أيها الناس، فان الشيطان قد يئس من أن يعبد في أرضكم هذه ايها الناس، إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ (التوبة: 27).
(أصوات تكبير: الله أكبر.... الله اكبر...).
وإن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متوالية ورجب مفرد الذي بين جمادى وشعبان.. اما بعد / أيها الناس، فإن لكم على نسائكم حقاً ولهن عليكم حقاً. لكم عليهن ألا يواطئن فرشكم أحدا تكرهونه وعليهن إلا يأتين بفاحشة مبينة فان فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح. فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيراً فانهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً.. وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله.. فاعقلوا أيها الناس قولي فاني قد بلغت وقد تركت فيكم ما أن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً أمرا بينا / كتاب الله وسنة رسوله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :617  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.