شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بين الإنسانِ والبعوضة (1)
توارتْ خِلالَ النَّسجِ ما بينَ (كلّة)
و (خُرطومِها) ظامٍ إلى مَنهلِ الدَّمِ
تَرقُبُ في جُنحِ الظَّلامِ ضَحيةً
وتَحذرُ من صَحوّ الضَّجيعِ المُهوّمِ
ويفضحُها الطبعُ الخَؤونَ (بجوقةٍ)
تَلِجُّ بِها من حيثُ تعدو وتَرتمي
فما هو إِلا أنْ تَعُبَّ مَجاجةً
فتصدحُ من أوتارِها بالترنُّمِ
ويستيقظُ (المَلسوعُ) حَيرانَ حَانِقاً
يَطارِدُهَا في قسوةٍ وتبرُّمِ
فتوسِعُهُ كَراً وفَراً كأنَّما
تُداعِبُهُ في غيْظِهِ المتُضرِّمِ
ويهوي إِليها أينَما هي وقَّعتْ
فتَمرقُ أدنى ما تكونُ (بِمجثَم)
فيرتدُّ عنها رَاغِماً في تَحَسُّرٍ
ويُقِلقُهُ استخْفاؤها في تَكتُّمِ
* * *
ويَهجعُ الإِعناتُ مِلءَ إِهابِهِ
وأوصالُهُ مُحَمَّرةٌ بالتَّورِمُ
فَتنقضُّ والأجفانُ مِنهُ كليلةٌ
على غِرةٍ في وَثبةٍ وتَهجُّمِ
وتَمتَصُّ منه خِلسَةً ما يَروقُهَا
فَيصحو جَريحاً حَاقِداً في تَأَلُّمِ
وَينصِبُ (نِبراساً) إِليهَا مُصوَّباً
كما اندفعَ (الموتورُ) في إِثرِ (مُجرِم)
وتُمعِنُ في استبسالِهَا ونِضالِهَا
وتُصلِيهِ (حَرباً) من كِفاحٍ مُنظَّمِ
* * *
وتَزجرُهُ حتى يَضيقَ بذرعِهِ
وفي (جِسمِهِ) منها مَشارطُ مِحجمُ
ويُصبحُ يلقاها فَريسةَ كظِّهِ
كما انبشمَ (المَبطونَ) غَصَّ بمطعِم
فيسطو عليها زَافراً مُتأوِّهاً
ويسكبُها (زِقّاً) يسيلُ بعندمِ
* * *
وما هي إلاَّ (آيةٌ) في كِفاحِهَا
وروحُ التحدِّي في (الضِّعيفِ) الُمؤزِم
ألا هلْ علِمنا أَنَّها في اقتحامِهَا
تُحاولُ رِزقاً لا يُنالُ بدَرهَمِ
وأنَّ لها (حقَ الحياةِ) فما لنا
نُروِّعُها في (كَدْحِها) المُتجشِّمِ
تُذادُ عن (المَأوى) وتُمنعُ (جُرعةً)
وتَشقى بما تَلقى على غيرِ مَغرمِ
ويَدرأُ عنها (الموتَ) فرْطُ احتيالِها
إلى (قُوتِهَا) في ضَعفِها المُتحطمِ
(جبارٌ) لها ما استنزفتْ ممن (خَليةٍ)
وما افترستْ منكُلِّ شِلوٍ مُقسَّمِ
وإلا فما بالُ ابنِ آدمَ راغِداً
بما شِاءَ من (رِيِّ) وعَيشٍ منعمِ
* * *
وما بالُ (ذؤبانِ) الفَلا ووحوشِها
يمزِّقنَ بالأنيابِ كُلَّ (مُحرمِ)
وما بالُ (ربِ المخلبينِ) مُخيراً
يُباغِتُ ما يَبدو من لهُ مُحوَّمِ
* * *
أأنْ هي دقَّتْ في (الكِيانِ) تَورطتْ
وجلَّ سِواها لم يُعقِّبْ بمخذَمِ
بلى إِنَّها الدُّنيا وذلك شأنُها
"وما ظالمٌ إلا سيُبلى بأظلمِ"
شهدتُ بأنَّ المرءَ لا شك عاجزٌ
ولو كان صَوَّالاً على كُلِّ ضَيغمِ
وأنَّ من (الذَّراتِ) ما هو (قوةٌ)
إذا انطلقتْ دوَّتْ برعدٍ مُدمدِمِ
وأنَّ (شديدَ الحَولِ) لا ربَّ غيرهُ
هو (الواحدُ القهَّارُ) أعظمُ مُلهِمِ
* * *
وما البأسُ بطشُ الأقوياءِ وإنَّما
أرى البأسَ (نَملاً) يستبدُّ بأُرقَمِ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :403  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 579 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.