أهوَ البحرُ مُقبلاً باصطِفَاقِه |
أم هو البَرُّ مُمعِناً في استباقِه |
أم هيا الفُلكُ بالسُّعود أَطلَّتَ |
فشكى اليمُّ حرقةً من فِراقِه |
ورغى المَوجُ مُزبداً وتمطى |
ليلُ أشجانِهِ على آفاقِه |
ولو أنَّ الهِضابَ تَسعى إشتياقاً |
لشأى الموجُ عَدوَها في انطلاقِه |
إِنما حسبُهَا إذا هي قرَّتْ |
نهضةُ الشَّعبِ كلِّه لِعناقِه |
لَكَأنّي وقد رنيتُ إليه |
أنظُرُ المجدَ مِائِلاً في رُواقِه |
وأرى (العُربَ وحدةً) والأماني |
صَادقاتٍ الوُعُودِ في أحداقِه |
يتجلى صَباحُها في صَفاءٍ |
كَسموّ الأميرِ في إِشراقِه |
أيُّها القَادِمُ العظيمُ رُويداً |
واروِ للشّرقِ عَبرةً عن مَحاقِه |
عَن تَجنيه في هَواه غُروراً |
عن تجافيهِ ضِلةً عن شِقاقِه |
عن ترديه في حَضيضِ الرزايا |
عن معاذيرِهِ وعن إرهاقِه |
عن (فتوحاتِهِ) الأولى قد توارتْ |
عن (حَضاراتِه) وعن (أخلاقِه) |
عن (أساطيلهِ) اللواتي أباحتْ |
ما وراءَ المُحيطِ عَبَرَ زُقاقِه |
عن نَكالٍ أصابَهُ واغتيالٍ |
واتكالٍ مُحجَّبٍ في نِفاقِه |
قوضتْ صرحَهُ الصُّروفُ تِباعاً |
فمضى الغربُ آخذاً بخِنَاقِه |
هالهُ الموتُ للحياةِ فأمسى |
حلسَ آلامهِ وجَزرَ رِقاقهِ |
وغدا خَاشعاً لكُلَِّ مُلمٍ |
حَائراً دمعُهُ على إطراقِه |
* * * |
عظةُ الجهلِ في الشعوبِ جميعاً |
ما على الدهرِ عاتبٌ في اعتياقِه |
كلُّ لومٍ على بنيهِ سيبقى |
مُوقداً جَمره على إِخفاقِه |
* * * |
فاقْصُصِ اليومَ ما رأيتَ وحدِّثْ |
عن شعوبٍ تنافستْ في اعتلاقِه |
عن مدى الغَربِ في الجواء حَديثاً |
عن مُعدَّاتهِ وعن أطواقِه |
عن (جواريه) في البِحارِ عُتُواً |
عن تحديهِ في صَميم طباقِه |
عن (صناعاتهِ) وعن (جامعاتٍ) |
بدَّدَ الجهلَ ضوؤها في انبثاقِه |
عن مجاليهِ عن مغابيهِ خُضراً |
عن تفانيهِ في العُلى وسِباقِه |
حدِّثِ القومَ عن فُنونٍ تمارتْ |
بِذُرى الغيبِ وافترتْ في اختراقِه |
عن عقولٍ أفادها الدرسُ عِلماً |
فغدا الكونُ ضاحياً باعتناقِه |
عن عصورٍ تطورت ونظامٍ |
ليس للضَّعفِ حَيلةٌ في اتّساقِه |
ذِلكُمْ بعضُ ما ادَّكرتُ وفيه |
عظةُ القلبِ لو صَحا من فَواقِه |
* * * |
أنا ما شئتُ أن أزفَّ عَروساً |
ذلك الدأبُ عابثٌ في اختلاقِه |
إنما اختَرتُ أنْ أبثَّ شُعوراً |
فاضَ فارتاضَ فُرجةً من وِثاقِه |
كنتُ منه على شفا القهرِ لولا |
فرصةٌ أمكنتْ من استِرقَاقِه |
ما لغيري ثائراً (كفيزوف) وجداً |
وأراحَ الفؤادَ من أعماقِه |
* * * |
حكمةُ الشعرِ في المواقفِ أجدى |
من مُغالاتِهِ ومن إغراقِه |
فاعفُ عني فلستُ أعصيكَ أمراً |
قلتُ ما اسطعْتُهُ على إِطلاقِه |
* * * |
بكمُ اللهُ أنقذَ العُربَ بالديـ |
ـنِ وأحيا الذِّماءَ من أرماقِه |
* * * |
وبكم شُرَّقتْ على الأرضِ حتى |
(عادَ تاريخُهَا) إلى استحقاقِه |
ومشى الشِيبُ والشبابُ سَواءٌ |
في طريقِ الجِهادِ رغمَ انزلاقِه |
وانبروا كالنّسورِ من كلِّ فَجَّ |
وامتطوا للخلودِ متنَ بُراقِه |
شُغِفوا بالقديمِ دِيناً ومَجداً |
والجديدِ المفيدِ دونَ زعاقِه |
فجنيتُم ثِمارَ ما قد غَرسْتُم |
ودليلُ النجاحِ طيبُ مَذاقِه |
* * * |
يا (ولياً لعهدِنا) وحَريّا |
بالقوافي منيرةٍ كائتلاقِه |
وابنَ (عبدِ العزيزِ) طولاً وفخراً |
والكُماةِ الأسودِ من أَعراقِه |
وحفيدَ الملوكِ من كُل قرمٍ |
كان كالطَّودِ في عظيمِ خلاقِه |
سرْ على الهَامِ والرؤوسِ وجددْ |
بهجةَ الشعبِ واستطلْ بوفاقِه |
واقضِ ما شئتَ واعتزمْ كلَّ خيرٍ |
فلك الأمرُ نافذٌ في نِطاقِه |
شعبُك الدهرَ سامعٌ ومُطيعٌ |
من مَخالِيفِهِ لأقصى عِراقِه |
فأجبُهُ السّعيَ للحياةِ وقُدْهُ |
نحوَ آمالِهِ على آماقِه |