أومأ لي الملك أن أجلس، فجلست وبدأ الملك يتكلّم مداعباً الشيخ يوسف بأن الحق كلّه كان عليه وحده، وكان الأمريكي قد عرف ما دار وما جرى حوله، وهو بذلك في غبطة بغبطة وسرور الملك، وبدأت عملية تقديم أوراق الاعتماد كالعادة، وتمّت مراسمها البسيطة الوقورة في مرح أسرّه المستر كيرك في نفسه، وتذكّره بعد أن عاد من تلك المهمة إلى مقرّ عمله بالقاهرة، حتى إذا ما كلّفه الرئيس روزفلت وانتدبه بعد ذلك برسالة (قانون الإعارة والتأجير)، رأى أن يصحب معه مترجماً خاصّاً به تفادياً الوقوع في حرج آخر مماثل كما كان قد أوقعه فيه الشيخان يوسف وخير الدين.
وهكذا كان، وكنت قد نسيت ملابسات هذه القصة حتى قصّها علينا في تلك الليلة الدكتور فؤاد صروف، ولا بدّ أن الصديق عيسى خليل صباغ الذي أصبح الآن في واشنطن يتذكّر هذه الرواية من صديقنا صروف في بيته ببيروت عام 1975م إن لم تخنه الذاكرة في مشارف (السبعين).