شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أول لقاء كان في بيروت
أول ما عرفت طارق الإفريقي كان في دمشق وأنا طالب في بيروت، لفت نظري يومئذ رجل مهاب الطلعة شديد البنية يلبس في الشتاء –وقد رأتيه فيه– معطفاً سميكاً وارفاً، ويعتمر الطربوش الأحمر، ويلفّ حول عنقه شالاً صغيراً يظهر أناقته وعلوّ ذوقه فيما يلبس. وكان يلفت يومئذ أنظار من عرفه ومن لا يعرفه بظهوره بين رجالات الشام وفي اجتماعاتهم، فلقد كان واسع الثقافة غزير المعارف، عسكرياً من مفرق شعره إلى أخمص قدميه، وكان يحفظ من الطرف والملح وأبيات الشعر العربي والتركي ما يضفي به على من حوله البهجة والحبور، كان يستشهد بالمتنبي فيما يرويه ويقع عليه اختياره، يعزز به ما يروي ويحدّث ويقول، وله من أخبار ما وقع له في سنوات طلبه للعلم العسكري في اسطنبول، ثم في برلين يوم كان الحلف بين ألمانيا البروسية القيصرية في عهد إمبراطورها العظيم (ولهلم) الثاني وبين تركيا، وما كان بينهما من تبادل الخبرات العسكرية والعلمية ووسائل الدفاع الحربية البحرية والجويّة والبرية. ولهذا كانت نشأة طارق في تلك الأجواء والتحاقه بكلية أركان الحرب في برلين ما زادته زهواً على زهوه واعتزازاً على اعتزازه، وصقلت عقله ونمت مداركه ونوّعت ثقافته ومعارفه، فعرفته دمشق يومئذ على هذا المنوال العالي الرفيع، وله في كل ناد يشهده ويحضره ويشارك فيه المعجب والمستملح. ولما عدت من بيروت والتحقت بالعمل في الدولة السعودية، وأوّله سكرتيراً في المكتب الخاص لوزير المالية عبد الله السليمان ووكيله وشقيقه حمد السليمان زادت معرفتي وخبرتي وصلتي بالنمر الأسود، وقد أصبح كما قلت رئيساً لأركان الجيش السعودي بمكّة، يجيء على مكتب الوزير زائراً ومراجعاً ومشاوراً. فأتذكره يوم رأيته لأول مرة في ذلك المظهر الذي أسهبت في رسم معالمه في دمشق. ومرّت الأيام وأنا على معرفة شخصية به وصداقة تامّة معه.
أتذكّر في العام الأوّل الذي حلّ فيه الملك عبد العزيز بمصيف (الحوية) المشهور في الطائف، وكنت قد التحقت يومئذ بخدمته موظفاً في الشعبة السياسية بالديوان الملكي، أصحب الملك مع جميع مَن يرافقونه ويصحبونه ويعملون تحت أنظاره وحوله.
فاختار الملك عبد العزيز مصيف الحوية وهي واحة بين الجبال والأودية، كان الملك فيصل رحمه الله قد تخيّرها واصطفاها وأنشأ بها مزرعة وارفة الظلال كثيرة الفواكه شهيرة بالأعناب، واقترح على والده أن تكون المكان الذي يقضي فيه فصل الصيف قريباً من مكّة ولأداء الحجّ والعمرة بها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :481  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 71 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.