شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشّرطـيّ
القَرُّ يَجْلِدُه صَباحَ مَساءَ
والشَمْسُ تُمْطِرُه لَظًى وعَناءَ
وعلى ملاَمِحه تَرِفُّ عُبوسةٌ
كَتبَ النُعاسُ خطوطَها الصَفْراءَ
يَرْنو إلى الدُنيا بمُقْلَة قَشْعَمٍ
ويَضمُّ بَيْن ضَلُوعِه وَرْقاءَ
قَضَتِ الوَظيفةُ أنْ يَنامَ ضَميرُه
فقَسَا ولكنْ قَسْوةً زَيْفاءَ
مَسَخَتْه في الثوبِ المُشَرّط آلةً
صَمّاءَ، لكنْ لَمْ تَكُنْ صمّاءَ
أوَ ما ترى في مُقْلَتيْه – كلَّما
لَمَعَتْ عَصاه – دَمْعةً خَرْساءَ؟
إنَّي لأخْجَلُ كلَّما أبْصَرْتُه
يُغْضي حَياءً أوْ يَدبُّ عَياءَ
وَتُغيم عَيْني كلَّما شاهَدْتُه
ذاوي الجُفونِ يُغالب الرَمْضاءَ
كَمْ سامَه ما لا يطيقُ رئيسُه
فانصاعَ، لكِن مُكْرَهاً مستاءَ
يُبدي الرُّضوخَ وفـي حنايـا صَـدْره
نارٌ تأجّجُ ثَوْرَةً حَمْراءَ
ولَكَمْ تحدّاه المُديرُ بأمْرِه
وبنَهْيِهِ فتَصنَّعَ الإغْضاءَ
يَمْشي إليه مُطْرِقاً مُتَهَيّباً
ويَغُورُ فيه دَمُ الحياةِ إباءَ
وَلَكَمْ تناوَله الرَّعاعُ بهُزْئِهم
فأشاحَ عَنْهم عِفَةً وسَخاءَ
حتَّى إذا فَرَغَتْ كِنانةُ كَيْدِهِم
نسيَ الأذى وَتنفَّس الصُعَداءَ
غَمَطَتْ قوانينُ البلاد جهادَه
وهْوَ الذي مَلأ البِلاد صَفاءَ
يَطْوي على نارِ الغَضَا أجْفانَه
لِيَرُدَّ عَنْ أجْفانها الأقْذاء
وَيزُجّ في شِِدْق المَهالِك نَفْسَه
لِيَصُدَّ عنها الفِتْنَة الرَعْناءَ
ويَشقّ تيّارَ الرَّصاصِ بِصَدْره
لِيَقي ضَعيفاً أوْ يجيبَ نِداءَ
مِنَنٌ يقومُ بها ولا يَرْجو على
أعمالِه أجْراً ولا إطراءَ
يا مُسْتهيناً بالحياة، مُجازِفاً
بالرُّوح يَبْذُلُها يَداً بَيْضاءَ
إرْفِقْ بنَفْسِك، فالحياةُ قصيرةٌ
وارحَمْ شَبابك، لا تُضِعْهُ هَباءَ
لا يَسْتَحقُ الناسُ أنْ تَفْنَى على
حَرَم الجهاد مُروءةً وعَطاءَ
في عشَّك الساجـي فِـراخٌ عَضَّهـم
نابُ الزَّمان ومَضّهمْ بَلْواءَ
يَتَرقَّبون أباهُمُ، وقُلوبُهم
وجْفَى، وأعْيُنُهم تَفيض رَجاءَ
إن يَرْقُدوا فعَلَى القَتـاد، وإن صَحَـوا
فعَلى أشدَّ مِنَ القَتاد بَلاءَ
يتراكَضون إلى لِقائك كلَّما
سَمِعوا خطًى وَتَوَهَّموا أصْداءَ
فحذَارِ ثمّ حَذَارِ أنْ تَقْضِي على
آمالِهم زُغْبَ الجَناحِ وِضاءَ
حَقُّ البنوّةِ في الشّرائِعِ ثابِتٌ
والعَدْلُ ألاّ تَرْكبَ الأهْواءَ
فاعصِ الرئيسَ إذا أرادك سُلَّماً
لِلْعَسْفِ، أو لِضَغينةٍ عَمْياءَ
وبِعِ الوَظيفة غَيْرَ آسٍ إنْ تَكُنْ
عُقْبَى الجهادِ شَهادةً جَوْفاءَ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :417  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 612 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.