غالَيْتَ في المَدْح أشكالاً وألْوانا |
هَيْهات لَيْسَ يصـيرُ الشـوكُ رَيْحانـا |
غالَيْتَ في المَدْح حـتى قـالَ قائِلُهـم |
الحبُّ يَخْدَع أبْصاراً وآذانا |
كَمْ صوَّر العَيْبَ في المَحْبوب مَحْمَـدةً |
وصيَّرَ البُخْـلَ في المَمْـدوح إحْسانـاً |
لَمْ تَزْكُ خَمْري، ولكنْ طـابَ شارِبُهـا |
سُبْحان مَنْ حـوَّلَ الصَحْـراء بُسْتانـا |
ولا حَلَتْ نَغْمَتي لكنَّ سامِعَها |
أحبَّها فحَلَتْ رُوحاً وأوْزانا |
ولا تَلأَلأَ في آفاقه قَمَري |
لكنْ شأوتُ الـوَرَى أهْـلاً وأخْدانـا |
يا تَوأمَ الروح لا تَعْذِلْ أخـاكَ، فَقَـدْ |
تَرَكْتَه برَحيق الفَنِّ سَكْرانا |
يُغْري السَرابُ، ولكنْ لا يَبُـلّ صَـدىً |
ومِنْ "سَرابك" عِشْتُ العُمْـر ريّانـا
(1)
|
ذِكْراك هاجَتْ دفينَ الوَجْد في كَبِـدي |
يا لَيْتَ لَمْ تَفْتَرقْ يَوْماً مَطايانا |
وادي العَرائش في نَجْواك يُنْعِشُني |
أريجُه، أتُرى تَعْنيكَ نَجْوانا؟ |
عزّتْ بكَ الضَّادُ واخْتالـتْ عَرائسُهـا |
فهَلْ وَرِثْتَ رَسولَ الشِّعْـرِ "حَسَّانـا"؟ |
هَبْنِي جَناحَـك ألْحَـقْ بابنِ ساعِـدَةٍ |
ولا أقصّرْ إذا بارَيْتُ "جُبرانا" |
لا أنْظِم الشِعْـر إلاّ مَحْـضَ تَسْلِيَـةٍ |
هَلْ أستحقُ علـى التَرفيـهِ شُكْرانـا؟ |
تَمْشي الرَطانـةُ في حِلّـي ومُرْتَحلـي |
فكَيْف تَخْطُـب ودّي بِنْـتُ عَدْنانـا؟ |
إذا فَتَحْتُ فَمـي بالشِّعْـر أخْرَسَـني |
خَوْفٌ يغِلٌّ خَطيـبَ العُـرْبِ سَحْبانـا |
الشَّوْقُ للأهْل يُذْكـي نـارَ عاطِفَـتي |
واحرَّ قَلْـبي، لكـم عالجْـتُ نيرانـا |
نَزَحْتُ عَنْهم وراء المالِ أطْلُبُهُ |
فكان ربْحي في مَنْفايَ خُسْرانا |
لَمْ يُجْدِني السَعْيُ، أو يَسْلَمْ بـه شَرَفـي |
ولَمْ يُثِبْني عَنِ الأوْطان أوْطانا |
ويْحَ الغَريـبِ يلاقـي كـلَّ داهيـةٍ |
والمَوْتُ أهْونُ ما يَلْقاه أحْيانا |
أنا الغَريق، فمدّوا للغَريق يَداً |
إنِّي أخوضُ مِنَ الأهْوال طُوفانا |
أغْفو، ولكِنْ كَمَنْ يغْفو علـى وجَـلٍ |
وأستَفيقُ حَزينَ النَفْس وَلْهانا |
لولا بَصيصُ رَجاءٍ فـي الفَضـاء لَمَـا |
صارعْتُ مِنْ مِحَنِ الأيام أفْنانا |
غَلْواءُ تَعْلَم مـا قاسَيْـتُ مِـنْ زَمَـني |
إنِّي لأصْبرُ مَـنْ قاسـى ومَـنْ عانَـى |
قَدْ شَارَكَتْني، ومـا زالَـتْ تُشارِكُـني |
ما اشْتدَّ مِنْ نُـوبِ الدُّنْيـا وما هانـا |
* * * |
لِعَيْنِها - سَلِمتْ - يَحْلو العَذابُ، ولا |
أنْفَكُّ، مَهْما رَوَيْتُ القَلْبَ، ظمآنا |
في كلِّ ثَغْرٍ أرَى غَلْواءَ تَضْحَـكُ لـي |
تباركَ الحُسْنُ أرْدانا فأحيانا |
آمنتُ يا شاعري بالشِعْر يَجْمَعُنا |
- رَغْم اختلافِ الهَوَى والدارِ - إخْوانا |
إنْ لَمْ يوفّرْ لنا ثَوْباً وعارِفَةً |
فحَسْبُنا أنَّه مَلْقَى شكاوانا |
نُفْضي إليه بما في النَّفْـسِ مِـنْ قَلَـقٍ |
ولا نُمَوّهُ، أوْ نُخفي خَطايانا |
ماذا علينا إذا أزْرَى السفيهُ بنا |
ألَمْ تَطِبْ كالشذَا الزاكـي سَجايانـا؟ |
بَيْني وبَيْنك قامَتْ ألْفُ رابِطَةٍ |
فَهلْ تريـدُ علـى الإِيمـان بُرهانـا؟ |
الشام مَهْدي، ولكنِّي – علـى شَغَفـي |
بالشامِ – أعْشَقُ عَـيْنَ الأرضِ لُبْنانـا |