حَمَلَ الشَّرابَ وطَافَ في البشرِ |
يا ربّ سَلّمْه مِنَ الخَطَرِ |
يكْفِيه أنَّ الشَّمْسَ تَجْلِدُه |
أَبَداً بأسْوَاطٍ مِنَ الشَّرَرِ |
فإذا اتّقَى بالظلِ لَفْحَتها |
هبّتْ عليه الريحُ مِنْ سَقَرِ |
هاضَتْ جناحيهِ الصِّعَابِ فلم |
يَقْعُد، ونَاشته فلَمْ يخرِ |
ما دامَ في عَرِنينهِ شَممٌ |
فلْتَعْصِفِ الأهوالُ ولْتُثَرِ |
ما دامَ يُؤْمِنُ في قَرَارَتِه |
باللهِ، فلْيَصبرِ على القَدرِ |
يا لقمةً بِدِمائهِ انْغَمَسَت |
لم تتْرُكي منه سِوى أَثَرِ |
يَسعى إليكِ وَأَنتِ في سَفرٍ |
هلاَّ اختَصرتِ مراحِلَ السَّفرِ؟ |
بعضُ الدَّلالِ – وإنْ غَـلاَ – حَسَـنٌ |
والبَعْضُ إثمٌ غَيْرُ مُغْتَفَرِ |
إنْ نَامَ كُنْت بليله حُلُماً |
زَاهي الحَواشِي زَاهرُ الصُّور |
وإذا أفَاقَ فأنتَ في فَمِه |
نَغَمٌ شَجيُّ الجَرسِ والوترِ |
ضَحَّى على قدمَيكِ راحتَهُ |
وطَوى ليَالِيه على سَهرِ |
لولاكِ لم يَحْملْ على مَضضٍ |
عبثَ الثَّقِيل وَمِنْه الهَذَرِ |
ويَخُضْ غِمار الهولِ تَقْذفه |
من نَابِ "حافلةٍ" إلى ظُفُرِ |
ويَحُمْ على الأبوابِ يَطْرُقها |
بأرَقَّ من أناتِ محتضرِ |
ماتتْ أهازيجُ الحياةِ على |
نبرَاتِه… فَكَأَنهُ حَجَر! |
* * * |
يا حِليةَ الملْهى وقِبْلَتَه |
ومناطَ مَنْ وردُوا ومَنْ صَدَروا |
لولاكِ لم تَضْحكْ مجالسُه |
طَرباً، ولَمْ تتألقِ الجُدُر |
وتحُم على شُرفاتِه زمرٌ |
وتَحُمْ على أبوابِه زُمَرُ |
سُقْياً لعهدٍ كَانَ لي مَرحٌ |
في ظلِّهِ الضَّافي ولي سَمَرُ! |
كَمْ جِئْته والشَّمْسُ في أثَري |
وتركتُه واللَّيلُ مُعْتكِر |
لا لَفْحَة الرَّمْضَاءْ تَحْبِسُني |
عَنْهُ، ولا يُثْنِيني المَطَرٌ |
يا قرَّةَ الأنْظَارِ لا عَبَسَت |
في وَجْهِكَ الأحداث والغِيَرُ |
نَمْنَمْتُ باسمكَ رَوْضَتي فَزَهَت |
وهَتَفْت فيهِ فَصَفَّق الزَّهرُ |