غَلْواءُ إنْ سألوكِ يَوْماً مَنْ أنا |
قُولي لَهُمْ هُوَ شاعـري هُـوَ شاعـري |
لولا عُيوني لمْ يَكُنْ أُسْطورةً |
في الحُبَّ، أو أُحْدُوثةً للسَّامرِ |
لمْ أنْتزعْه عَنْوةً بل ساقَني |
قَدَرٌ يَخُطُّ غَـدِي ويَرْسُـمُ حاضِـري |
الحبُّ وَحَّدَنا،فلَيلاهُ أنا |
في دَفْتَرِ العُشّاقِ، وهْوَ العامِري |
مِنْ قَبْلِ أنْ ألْقاه كانَ يُحبُّني |
وأُحبُّهُ وأُحِلُّهُ في ناظري |
ألفٌ مَضَتْ وأنا أهيمُ وراءَه |
- مِنْ غَيْر أن أدْري – بقَلْـبٍ حائـرِ |
تَحْلُو الحياةُ لمَنْ يُحبُّ جمالَها |
وتمدُّ راحَتَها لكَفَّ الصابرِ |
هوَ مِنْ ذُرَى بَكـْرٍ، وَجـدّي تَغْلِـبٌ |
وَيْحَ الفُـؤادِ مِـنَ الأسـيرِ الآسِـرِ؟ |
أنا مَنْ نَثَـرْتُ الزَّهْـرَ فـي طُرُقاتِـه |
فإذا ضَحِكْـنَ فـذاكَ فَضْـلُ الناثِـرِ |
أنا مَنْ أحَلْـتُ اليَـأسَ فـي عَبَراتِـهِ |
أملاً كحاشيَةِ الرَّبيعِ النَّاضرِ |
كم أشبَعَـتْ شَفَتـايَ جُـوعَ حَنينِـهِ |
ومَسَحْتُ رَشْـحَ جَبينـهِ بضَفائـري |
وكم انْتَشَتْ رُوحـي بخَمْـرةِ شِعْـرِهِ |
وخَشَعْتُ في حَـرَمِ البَيَـانِ الساحِـرِ |
وكم اغْتَفَرْتُ ذُنوبَهُ في لَحْظةٍ |
وكَتبْتُها في لائحاتِ جَرائري! |
* * * |
صَدَقتْ!… وأحلِفُ ما نَظَمْتُ قصيدةً |
إلاّ تمايلَ طَيْفُها في خاطِري |
يُحيي بِزَوْرَتِهِ بَقيَّةَ نازحٍ |
فأقولُ يا أهْلاً بأكرمِ زائرِ |
مِنْها المعاني المُتْرفاتُ، وليس لي |
مِنْهُنَّ غيرُ لِباسِهِنّ الفاخرِ |
منها شَذا شِعْري، فإنْ خَلَـبَ النُّهَـى |
شِعْري، فذلكَ مـن شَذاهـا العاطِـرِ |
مَنْ كانَ مِنْ أفْيائِها في جَنَّةٍ |
لَمْ يَشْكُ عادِيَةَ الزَّمانِ الغَادِرِ |
ماذا إذا أعْلَنْتُ زُهْدي فـي الضُّحَـى |
وَطَوَيْتُهُ عِنْدَ المساءِ الدابِرِ؟ |
قَدْ نَنْبِذُ التُّفاحَ في رَيْعانِهِ |
ونَودُّ لَوْ ذُقْناه عَنْدَ العاصرِ |
لولا هوانا لم تطر لي شهرة |
ويردد اسمي في قرىً وحواضر |
كَمْ عَبْقَـريٍّ مـاتَ مَغْمـوراً وكـمْ |
راجَتْ بِضاعةُ واغِلٍ مُتَشاعِرِ |
الشِّعْرُ عاطفةٌ ولَفْظٌ بارعٌ |
ويَدٌ تَصـوغُ القَـوْلَ عِقْـدَ جواهِـرِ |
* * * |
غَلْواءُ إنْ يَقْطعْ طريقي عاذِلٌ |
أقْطَعْ سَفاسِفَهُ بمُدْيَةِ عاذِرِ |
وأقُلْ له أحْبِبْ كحبّيَ مَرَّةً |
وإذا استَطَعْتَ فبَعْدَ ذلك هاتِرِ |
ما عَشْتروتُ ومـا نَضَـارةُ حُسْنهـا |
إنِّي أجلّكِ عن جَمالٍ فاتِرِ |
* * * |
غَلْواءُ أدْرَكَنا الخَريـفُ، فـلا أسـىً |
إنّا بَلَغْناهُ بقَلْبٍ طاهرِ |
المَوْتُ جِسْـرٌ للحيـاة، فـلا يَخَـفْ |
- مَنْ مات – غاشِيَةَ التُّـرابِ الدائِـرِ |
مَهْما تباعَدْنا فسَوْفَ نظلُّ في |
كَنَفِ الهَـوَى رَوْضـاً يَهُـشّ لِطائـرِ |
جِئْنا إلى الدُّنيا بدَمْعَةِ واجِفٍ |
فلْنَذْهَبَنْ منها بِبَسْمَةِ شاكِرِ! |