شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يـا أبـا الأحـرار
نادَتِ الشّامُ فلَبّيْنا نِداها
كَيْفَ لا نَسْتَعـذِبُ المَـوْتَ فِداهـا؟
إنَّها – مَهْما نأيْنا – أُمُّنا
فَيأَ اللهُ على الدَّهْرِ خُطاها!
لا نَرَى أطْيَبَ منها مَرْتَعاً
لا ولا نَهْنأ بالاً في سِواها
كَيْفَ لا نُطْعِمُها أكبادَنا
وَهِيَ مِنْها ودِمانا مِنْ نَداها؟
أرْجَفوا أنّا سَلَونا حُبَّها
خابَ فألاً خـابَ فـألاً مَـنْ سَلاهـا
قَدْ حَمَلْناها على أهْدَابِنا
حُلُماً يُشرقُ حُسناً بِرُؤاها
وافتَتَحْنا باسْمِها أعْيادَنا
يا شَذاها ليـسَ أزْكَـى مِـنْ شَذاهـا
كلَّما شطَّ فتاها في النَّوَى
زادَتِ الأشْواقُ في قَلْبِ فَتاها
قَدْ يُملُّ الحُسْنُ إلاّ حُسْنَها
إنَّه الحُسْـنُ الـذي لَيْـسَ يُضاهَـى
أنا مَنْ زَغْرَدَ في أعراسِها
وبَكَى جَفْناً وقَلْباً لأسَاها
بَرَدَى في يَدِها قَيْثارةٌ
نَزَلَتْ مِنْ جَنَّةِ الخُلْدِ لُغاها
حامَتْ الطَّيْرُ عليهِ زُمَراً
فزَكَتْ ألحانُها مِمَّا سَقاها
بالدمِ الغالي بََنَتْ دَوْلَتها
وعلى الإيمان أرْسَتْها يَداها
لا يُنالُ الحَقُّ إلا عَنْوَةً
خابَ سَعْياً خاملٌ عنه تَلاَهى
كم قَويًّ عادَ عنها خاسِئا
عاثِرَ الطالِعِ يَسِتَجَدِي رِضاها
بارَكَ اللهُ لها في ضَعْفِها
إنَّه القُوّةُ إنْ خَطْبٌ دَهاها
آيةُ القوّةِ أنْ تَبْني… فإن
خَدَمَتْ كانَت وبَالاً وسَفَاها
لا أحبُّ الحَرْبَ، لكنْ إنْ تَكُنْ
حَرْبُ تَحريـرٍ فَـدَوْري يـا رَحاهـا
* * *
يا شُبولَ الشام هَيّا للْعُلا
ناطَتِ الأمّةُ فيكم مُرْتجاها
باسْمها خُوضوا المنايا وارْفَعوا
عَلَمُ العُرْبِ عزيزاً في سَماها
اجْعَلوا وَحْدَتَها غايَتكم
أينَ لولا الشامُ مَـنْ يَرْعـى لِواهـا؟
قَدْ طَلَعْتُم مِنْ ثَراها أنْجُماً
نيّراتٍ… نضّرَ اللهُ ثَراها!
أنْتُمُ السَّيْفُ الذي لَمْ يَنْثَلم
أنْتُمُ السورُ الذي يحْمي بِناها
أنْتُمُ نارٌ ونُورٌ ونَدىً
وإذا اسْتَهْدَتْ فأنتم مَنْ هَداها
أنتُمُ مفْخَرة العُرْبِ، فلا
يَرْتَفِعُ صَوْتٌ عَلَيْكُم في ذراها
مَنْ أرَادَ المَجْدَ فلْيَمْشِ على
إثْركمْ يَبْلُغْ مِنَ العُلْيا مَداها
* * *
يا أبا الأحْرار قُدْنا لِلْعُلا
تَعْرِفُ الأمّةُ في الجُلّى أباها
بَنْدُها الخفّاقُ، بَلْ حافِظُها
كلَّما أشْفَـى علـى المَـوْتِ رَجاهـا
تَعْرِفُ الطَّوْدَ الذي في ظِلَّهِ
حَقَّقَتْ في زَحْمةِ الهَوْلِ مُناها
وثِقَتْ فيه فما خَيَّبَها
وتَحَدَّتْ هَيْبَةَ السَّيْفِ عَصَاها
يـا أبـا الأحـرارِ يا رَمْـزَ الفِـدَى
أنْتَ فَجْـرُ الشَّـامِ بَـذْلاً وضُحاهـا
عَصَفَتْ بالعَرْبِ ريحٌ زَعْزَعٌ
فازْجُر الريـحَ تَقِـفْ عَـنْ مُبْتَغاهـا
حقّقِ الوَحْدةَ وارْفَعْ بَنْدَها
عالِياً واقْطَعْ يَداً حلّتْ عُراها
لَوْ حزمْنا أمرَنا لم نَنْقَسِمْ
شِيَعاً يَسْتَوطئُ العاديِ حِماها
تَجمعُ الضادُ الذينَ افْتَرقوا
وهيَ حَبْلٌ مـا تَوانَـى أو لا تَواهـى
ويُؤاخيهم مَصيرٌ واحدٌ
وطريقٌ يتلاقَى طَرَفاها
نَحْنُ جُنْدُ الحقَّ فاغْمِزْنا نَثُرْ
ثورةً يَجْتَنِبُ المَوْتُ لَظاها
هُزَّنا في وَجْه صُهْيونٍ ظُبىً
كَيْفَ تَكْبُو أمَّةٌ نَحْنُ ظُباها؟
لا يَعِشْ مَنْ خَيَّبَ الشامَ ولا
قَرَّ عَيْنـاً مَـنْ تَـداوى عَـنْ هَواهـا
لم يَجُزْ حَصْباءَها الدُّرُّ فمَنْ
قال إن الـدُّرَّ أغلَـى مِـنْ حَصاهـا؟
* * *
أيها الشامتُ إنّا أمّةٌ
جَدَّدَتْ في مُلْتَقى النارِ قِواها
كم شعوبٍ بَعْدَها قدْ طُويتْ
وَهْيَ تَطْوي – كلما جـاء – رَداهـا
نَشَأتْ والدَّهْرُ ِصنْوَيْن، فَقَدْ
يَهْرَمُ الدَّهْرُ ولا يَخْبُو سَناها
منْ ثَراها طَلَعَ النورَ فلا
ظُلْمةٌ داجيَةٌ إلاّ مَحاها
طَبََعَتْ في كل ثَغْرٍ بَسْمةً
وَسَقَتْ كُلَّ فؤادٍ مِنْ دِماها
نَدِيَتْ كفَّا وطابَتْ شُهْرةً
أيْنَ في ساحِ المعالي مَنْ شَآها
مَدَنياتُ الشعوبِ اقْتَبَسَتْ
مِنْ سَنا آياتِها عِزاً وجاها
لمْ تَغُصْ في الوَحْلِ أوْ تَرْفَعْ على
حائطِ العُدْوان والبَغْي لِوها
كلُّ حَرْفٍ خُطَّ في تاريخها
جَنَّةٌ تَضْحَكُ بالنَّصْرِ رُباها
في ربوعِ الشَّرْقِ أرسَتْ دولةً
ردَّدَ الغَرْبُ بإجلالٍ صداها
رَفَلَتْ أنْدَلُسٌ في ظلَّها
بحُلًى ما بَرحَتْ أحْلى حُلاها
سائلوا الحَمْـراء هَـلْ شـادَت يـدٌ
أختها أو أبدع الفنُّ أخاها؟
لم تزَلْ أعجوبةَ الدنيا وإنْ
ماتَ بانيها وأقوَى مُنْتداها
* * *
يا وزيرَ الخَيْرِ قَدْ طَوَّقْتَني
بجميلِ حاتميَّ لا يُجاهَى
كم يَدٍ تَخْتَنِقُ النَّفْسُ بها
ويَدٍ يُرجَـى علـى العُسْـر عَطاهـا
قد تَرَكْتُ الشام، لكنْ لم أزلْ
أيْنَ شَرَّقتُ وغرّبتُ فَتاها
لم يَزِدْني البُعْدُ إلاَّ شَغَفاً
كم قَريبٍ بالأراجيفِ رَماها
لا تَرَى عَيْني سِوَى آلائِها
عَشِيَتْ عَيْنٌ تُماري في بهاها
* * *
يا وزيرَ الخَيْرِ كرَّمتَ الوَفا
كَيْفَ لا يَحْلُـو هَديِلـي في هَواهـا؟
أنا مِنْ خَلْف المسافات يَدٌ
تَنْثُرُ التَّبْرَ ولا تَفْتَح فاها
أينَ منَّا دَوْلةٌ شَرْقِيةٌ
في رُبوع الغَرْبِ ماتَـتْ فـي صِباهـا
وضَعَتْ آساسها "رابِطَةٌ"
وحَّدَتْ رابطةَ الفِكْرِ خُطاها
وُلِدَتْ في الفَقْرِ لكنْ خَلّفَتْ
ثَرْوَةً لا يُدْرِكُ الظَّنُ مَداها
قادَها جُبْران لكنْ أنَجَبَتْ
ألفَ جُنْـديَّ غَفَـوْا تَحْـتَ ثَراهـا
نَشرتْ في كل طَوْدٍ رايةً
وأتى الدَّهْرُ عليها فطَواها
جدّدَتْ لكنَّها ما انْتَهكتْ
حُرْمَة الضاد… فمَـنْ مِنَّـا بكاهـا؟
طارَ في أفْقِ المعالي صِيتُها
وحَلا حتى لشَانيها جَناها
لم تَزَلْ مَفْخَرةَ الفَنَّ ولَمْ
تَطْمَس الأيـام ذِكْـرى مَـنْ بَناهـا
إنْ تَكُنْ أطلالُها قدْ بَقِيَتْ
فلِكَي تَرْوي لنا سِرَّ بَقاها
* * *
يا رفاقَ الحَرْفِ لولاكم لَمَا
ضَحِكَتْ دَرْبي ولا انجابَ دُجاها
إنْ زَكَتْ خَمْري فأنْتُمْ كَرْمُها
أينَ مَنْ قَطّرها ممَّن سَقاها
وإذا اهتَزّتْ لشدْوي أيْكةٌ
فقَـدْ استَوْحَيْـتُ مِنْكـم ما شَجاهـا
هاكُمُ مِنْ آخِر الدُّنيا يَدي
صافِحوها تُنْعِشوا فيها رَجاها
من يُفاخرْني أُفاخِرْه بكُم
إنّ أبناءَ الدَّراري لا تُباهَى
سَوْفَ يبْقَى رَسْمُكـم فـي خاطـري
جَنَّةً يَمْلأ آفاقي شَذاها
1992
 
طباعة

تعليق

 القراءات :345  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 511 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.