أرأيْتَ هذي الصُّورةَ الخَرْساءَ |
فَوْقَ السريرِ تُجاورُ العَذْراءَ؟ |
هيَ بَيْنَ رَبّات الحِجالِ أميرةٌ |
شَأَتِ الثُّريّا رِفْعةً وعَلاءَ |
* * * |
ضَحِكَ الربيعُ وهَلَّ في نَظَراتِها |
راحاً ورَيْحاناً ومَوْجةَ نورِ |
والسَّحْر رَفَّ بخَدَّها أُهْزوجةً |
حَمْراءَ مِنْ وَرْدٍ ومِنْ مَنثورِ |
* * * |
وتَضوّعَ الشَّهْدُ الزَّكيُّ بثَغْرِها |
سُبْحانَ مَنْ حلاّهُ ما أحْلاهُ |
هامَ الخُزامُ به، ولمّا ذاقَهُ |
خَلَعَ المَخَافةَ واستَقَى وسَقاهُ |
* * * |
وتماوَجَ الشَّعْرُ المُذَهَّبُ ناشِراً |
مِنْ رأسِها خِصَلاً إلى قَدَميْها |
فكأنَّه شَمْسُ الأصيلِ تَنَاثرتْ |
تِبْراً وياقوتاً على كَتفيْها |
* * * |
خَلَقَ الإلهُ النـاسَ مِـنْ مـاءٍ ومِـنْ |
طينٍ، ومِنْ ألَقِ السماءِ بَراها |
تُرْدي القُلوبَ بنَظْرةٍ وبِنْظرةٍ |
تُحيي القُلوبَ وتَستَعيدُ صِباها |
* * * |
إملأْ عُيونَكَ مِنْ نَقيَّ جَمالها |
وحَذارِ تَخْدُشُها بنَظْرةِ كاسِرِ |
كمْ رَوْضَـةٍ لَفَـحَ الهَجـيرُ زُهُورَهـا |
فذَوَتْ، وكانَتْ بَهْجَةً للناظرِ |
* * * |
أتريد أن أروي حكاية حبنا؟ |
إني كتبتُ فصولَها بدموعي |
يا ويح قلـبي كـم تمـرّدَ في الهـوى |
ثم انتهتْ ثوراته لخضوعِ |
* * * |
كانت على جفنيَّ حلماً رائعاً |
حلواً تألَّق نضرةً وعبيرا |
ثم التقينا فجأةً فوجدتُها |
أحلى من الحلم الجميل كثيرا |
* * * |
أعطَيْتها قلبي هَديَّة عِيدها |
وسَأْلتُ نَفْسي وَيْـكَ مـا أعطيْتُهـا؟ |
ولو انَّني أهْدَيتُها الدنيا وما |
فيها لما استَعْظَمْتُ ما أهْدَيْتُها |
* * * |
كُرْمَى لعَيْنَيْها استطارَتْ شُهْرَتي |
وَعَلاَ مَقامي في العُيون وَشَاني |
مَنْ كان لا يُرضيه شِعْري بـاتَ مِـنْ |
عُشّاق شِعْري أو جُنود بَياني |
* * * |
سُقْياً لعَهْدٍ لَمْ نَذُقْ في ظِلَّه |
إلاّ السعادةَ والسلامةَ والهَنا |
بَشّتْ لنا الأيامُ ثمَّ تَجَهَّمَتْ |
يا ليـتَ لا بَشّـتْ ولا عَبَسَـتْ لنـا |
* * * |
كَمْ ليلةٍ أوْصَلْتُها لِخبائِها |
وفَمي على فَمها رَضيعٌ جائعُ |
ولطالما ضِعْنَا، وتَعْلَم أنَّني |
ضَيّعْتُ دَرْبي عامداً لا ضائعُ |
* * * |
صِرْنا نُخاطبُ بَعْضَنا بإشارةٍ |
وبنَظْرةٍ مَسْروقةٍ نَتَواعدُ |
إنْ ضمّنا نادٍ تَبادَلنا الهَوَى |
وعلى عُيونِ حُضوره نَتَباعدُ |
* * * |
وغَدَا فُؤادي في يَدَيْها دُمْيةً |
يَرْتاح خاطِرُهُ لراحَةِ بالهِا |
يَبْكي ويَضْحَك إنْ بَكَتْ واستَضْحَكَتْ |
ويَغار في الحالَيْن مِنْ خَلْخَالها |
* * * |
كَيْفَ افتَرَقْنَا؟… لا تَسَلْ يـا صاحـبي |
أشْقاني الحُلْم الذي هَنّاني |
أغْمَضْتُ أجْفاني عَسايَ أصونُه |
لكن سَهَوْتُ… فطـارَ مِـن أجفانـي |
* * * |
ذاكَ الهَوَى ولّى وحالَ بخاطِري |
أُسْطورةً تَقْتات مِنْ أحشائي |
لَمْ يَبْقَ منه غَيْرَ جُرْحٍ ناغِرٍ |
دامٍ… وهَذي الصورةِ الخَرْساءِ |