جِسْمي يَؤُجُّ بشَهْوةٍ حَمْراءِ |
ويثورُ بركانُ الصَّبا بدِمائي |
شَفَتايَ ظامِئتان… هَـلْ مِـنْ قُبْلـةٍ |
مَجْنونةٍ، أو غَضّةٍ رَعْناِءِ؟ |
ما حاجـتي لَهمـا يَضيـع شَذاهُمـا |
ونَداهما في القَفْرة الجَرْداء؟ |
ما كـان أخْسَـرَ صَفْقَـتي وأضلَّـني |
لمّا قَنَعْتُ عَنِ العُيون رِدائي |
وحَبَسْتُ في قَفَـص التقشّـف مُهْجَـةً |
خُلِقَتْ لتَحْيا حُرّة الإهْداء |
هاضَت جَناحي التُّـرُهات فلـم أفُـز |
برسالةٍ أو أغْتَبِطُ بلِقاء |
خَنَقَ الحَياءُ سعادَتي في مَهْدِها |
يا حبَّذا لو عِشْتُ دون حَياءِ |
الطَّيْرُ مِنْ حَوْلي تعيش طليقةً |
في كل حَقْلٍ تَحْتَ كل سَماءِ |
تأتي وتَذْهَبُ لا يَغُلّ جَناحَها |
صَقْرٌ بزيَّ حَمامةٍ بَيْضاء |
وأنا تَعضُّني القُيودُ، ورُبَّما |
أوْجَسْتُ مِـنْ ظلَّـي يَسـيرُ ورائـي |
لا زَنْدَ يَطْويني فأشْعُر أنّ لي |
قَلْباً، وأنَّي جِئْتُ منْ حَدّاء |
أوَ لَيْسَ في عينيّ ما يُغْوي، وفي |
خَدّيَّ ما يُغْري عُيونَ الرائي؟ |
خاطوا فمي بهُرائهم، يا لَيْتني |
أسْطيع كَسْر يمينهم بهُرائي |
أنا جُثَّـةٌ تَمْشـي… أما مِـنْ راحـمٍ |
يَهْوي بقبْضَته على أشْلائي؟ |
أنا جُثّة تَسْعَى إلى لا غايةٍ |
هَلْ تَرْفِقونَ بميّتِ الأحياء؟ |
الناسُ مَصْدَرُ علَّتي وتفاهتي |
والناسُ أصْلُ تعَاستي وبَلائي |
لا، لا… ظَلَمْتَهُم فما هَـدَروا دَمـي |
كلاّ، ولا هُمْ جاهَروا بِعدائي |
وَحْدي الغَبيّةُ، والمُلوَّمةُ، التي |
رَضيَتْ بدَورْ الصَّخْرة الصمّاءِ |
عَلّقْتُ مَشْنَقَتي أنا وَعَقَدْتُها |
بِيدَي… فلا تتَوجَّعُوا لِبُكائي |
مَنْ جَاوَرَ النَّبْعَ الزَّكـيَّ ومـاتَ مِـنْ |
عَطَشٍ فلا يَشْتُم جِوارَ الماءِ |
حَوَّلْتُ عَنْ مُتَـعِ الشبـاب نَواظِـري |
فَلألْقَ بالصَّبْرِ الجميل جَزائي |
ما ضرّ لـو لَبّيـتُ شَيْطـان الهَـوَى |
وَمَلأتُ مِنْ شَهْدِ الحياة إنائي |
أنا نَعْجَـةٌ ضاعَـتْ وذئـبٌ جائـعٌ |
كَيْفَ النجاةُ مِـن اصْطِـراع دِمائـي؟ |
لو كان مَـنْ يَهْـوى أثيمـاً لم يَكُـنْ |
خَلَقَ الجوانحَ باسِطُ الغَبْراء |
إنَّ النَّعيم هنا بكل فُتُونه |
وهنا الجَحيمُ بِنارهِ الحَمْراء! |
* * * |
يا رَبَّ عَفْوكَ إنْ كَبَوْتُ فإننَّي |
ضَيّعتُ في لَيْلِ الشَّقاءِ ضِيائي |
خُلُق الخُزام لرَوْضةٍ ريَّانةٍ |
بِئْسَ الخُزامُ يعيشُ في الصحراءِ |
ابسُطْ عليّ يَدَيْ رِضـاك فلَيْـس لـي |
إلاّك في السَّرّاء والضرّاء |
إن أنْتَ لم تَمْسَـحْ بعَطْفِـك دَمْعـتي |
فمَنِ الذي أُلْقي عليه رجائي؟ |