شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سَلـي أُمَّ الرَّشيـد
في استقبال الشاعر القروي، عام 1932
سَمَوْتَ فقَصَّرَتْ عنك العُيونُ
وزَلّتْ عَنْ مكانَتِك الظُنونُ
نُحاوِلُ أنْ نُجسّم فيك عَيْباً
يكونُ مِنَ التَّفاهة ما يكونُ
فنَعْجزُ أنْ نُلَفِّقَه دَليلاً
عَلَنّك مِثْل كلِّ الناسِ طينُ
وَقفْتَ على هَـوَى الفُصْحـى لِسانـاً
تَفَجَّر تَحْتَه السِّحرُ الأمينُ
شَريفٌ إنْ يُقارِعْه شَريفٌ
وأشْرَفُ إن يُهاتره مِهينُ
إذا صالَ الفُجورُ عليه يَوْماً
نَهاه عَنِ الخَنا أدَبٌ ودينُ
صَلَيْتَ بناره سُفَهاءَ حاموا
على الأوْحـالِ، لَـمْ يأخُـذْكَ لـينُ
تُحاولُ أنْ تردَّهمُ رِجالاً
يَزينُ نفوسَهم خُلُقٌ مَتين
تُحاولُ أنْ تُجرِّدَهمْ سُيوفاً
تَتيه إذا رأتْهم مَيْسلونُ
تُحاول أنْ تُحفّزَهم لُيوثاً
يَعِزُّ بحَوْلِهم ذاكَ العَرينُ
فثارَ عليكَ باسْمِ الدينِ قَوْمٌ
بغَيْر الفَلْس يَوْماً لَمْ يَدينوا
وثارَ عليك باسم الفِكْر رَهْطٌ
بغَيْر حُماتِه لَمْ يَستهينوا
وثارَ عليك باسمِ الفَنّ ناسٌ
تَبَرّأ منهمُ الفَنّ الرَّزينُ
زَعانِفُ لا يُحرّكهم إباءٌ
ولَيْسَ يُثيرهم خَسْفٌ وهُونُ
إذا اخْتَلفوا مَشاربَ ألفَّتَهْمْ
مآربُ في نِطاق الذُّلّ جُونُ
* * *
رسولَ الشِّعْر حِلْمك إن تَجَنّوا
فكلُّ سِلاحهم هذا الطَّنينُ
حَسِبتَ سَرابَهم ماءً ولكنْ
خُدِعْت، وطالما خُدِع الفَطينُ
وقالَ الوَهْمُ إنَّهمُ رِجالٌ
فلَسْتَ بمُذْنِبٍ إنْ لم يكونوا
وحَسْبُك أنّ في الدنيا نُفوساً
يَهيجُ بها لمرآكَ الحَنينُ
مَلَكْتَ زِمامَها طَوْعاً بشِعْرٍ
زَكَا يَنْبوعُه وَصَفا المَعين
تُجرّدُه يمينُ الحقِّ سَيْفاً
إذا احمرّتْ على الحقِّ العُيونُ
وتَشْهَرُه الفضيلةُ حين تُسْبَى
نَصيراً لا يَخونُ ولا يَهونُ
رَفَعْتَ بآيِه لِلشِّعْر عَرْشاً
تَقاصَرُ دونَ غايَتِه القُرونُ
وصُغْتَ علـى جَبـين الشَّـرْق تاجـاً
(بأزْيَنَ مِنْه لَمْ يُوسَمْ جَبينُ)
* * *
رَسولَ الشِّعْـر قُـدْ بالشِّعْـر شَعْبـاً
تَناهَبُه الحوادِثُ والشُّؤونُ
ولا تَعْبأْ بمَنْ عَقَموا فقالوا
على الأحْلام لا تَجْري سَفينُ
فكَمْ جاءَ الخَيالُ بمُعْجِزاتٍ
يَحارُ بحَلّها العَقْل الرَّصينُ
وكَمْ نَسَفَتْ شَظاياه صُروحاً
يُشيّدها على العِلْم اليَقينُ
* * *
رسولَ الشِّعْر إنْ يَخْصُب بياني
وَيزْهُ وَيرْتَفِعْ عمّا يَشينُ
فأنْتَ وَضَعْتَ لي أُسُسَ القَوافي
وقُدْتَ خُطايَ إذْ عُودي عَجينُ
دَرَسْتُ على يَدَيـك فكَيْـف تَرْقَـى
إلى شِعْري المآخذُ والظُّنونُ؟
لكَمْ زَحْزَحْتَ عَـنْ صَـدْري قُنوطـاً
تَمَلْمَلَ تَحْتَه أمَلٌ دَفينُ!
وما أنا مَنْ يَضيع لَدَيه دَيْنٌ
إذا ضاعَتْ لَدَى غَيْري دُيونُ
طُبِعْتُ على الوَفاء ولقّنَتْني
تعاليمَ النَّدَى أمٌّ حَنونُ
نعمتُ بظِلّها فَرْخاً، فلَمّا
شِبْتُ تَنَكَّر الدَّهْر الخَؤونَ
فجَفّتْ بَعْدِ نُضْرتِها رِياضٌ
وذَلَّتْ بَعْدِ عِزّتها غُصونُ
وأقفرَتِ الخمائلُ مِنْ هَزارٍ
لَعوبٍ بالعَواصف يَستهينُ
* * *
أأمَّ البُلْبُلَين لَئِن نَأَيْنا
فلا تَذْهبْ بهمَتِك الشُّجونُ
فإن اللَّيْل يَتْلوه صَباحٌ
وإنّ الريحَ يَعْقُبُها سُكون
سَلِي أمّ الرشيدِ كَم استَهانَتْ
بدَهْرٍ لا يَرِقّ ولا يَلينُ
وكَمْ راضَتْ حوادِثه بنفسٍ
لها مِنْ صَبْرها حِصْنٌ حصينُ
سَيَجمعُنا الزمانُ غداً فنَنْسى
خَطاياهُ ويَبْتَسم الحَزينُ
ونُطْلِق أدْمُعَا حُبِسَتْ إباءً
وصانَتْها عَنِ الخَسْف الجُفونُ
فإنَّ الدَّمْعَ يُرْسِلُه تَلاقٍ
لِغَيْر الدَّمْعِ يَبْعَثُه الحَنينُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :535  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 463 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج