أحْلَى الطيورِ حَمامة وكَناري |
وأرقُّ لَحْنٍ أنّهُ القَيْثارِ |
أرأيتَ رَوْضاً ضاحكاً إلاّ إذا |
غَنَّتْ بلابِلُه على الأشْجارِ |
القَفْر في عينيَّ أزهى مَنْظراً |
مِنْ رَوْضَةٍ تَخلُو مِنَ الأطْيار |
والنارُ أحْلَى مًوْرِداً مِنْ جَنَّةٍ |
لاَ تَزْدَهي بعجَائب الأوْتارِ |
يا مَنْ يلومُ علـى البَشَاشـةِ شاعـراً |
أرأيتَ فناناً أليفَ وَقار؟ |
العبقريةُ لا تَدينُ بِمَنْطقٍ |
هيَ فَـوْقَ مـا نرتـادُ مِـنْ أسْـرارِ |
لَمْ يَجْر فنَّـانٌ علـى سَنَـن الـورى |
إلا كبَا في أولِ المضْمارِ |
ليس العُبوسُ، كما زَعَمْـتَ، فضيلـةً |
كلاّ، ولا ألَقُ الوجوه بعارِ |
أيُقاسُ لَيْلٌ حالكٌ مُتَجَهِّمٌ |
بضُحىً يمـوجُ بضاحِـك الأنـوار؟ |
ما العُمْـر إلاّ ساعَتـين، فـلا تَكُـنْ |
عِبْئاً على الأسماع والأبصار |
مَتّعْ شبابك بالمحاسِـنِ واجْـنِ مِـنْ |
كَرَمِ الحياة يَوانع الأثمار |
لَمْ يَخْلقِ اللهُ الأزاهر وَالرُّبَا |
عَبَثاً... أتُعْرِض عن عطايـا البـاري؟ |
لو شاء أنْ تحيا شَقِياً عابساً |
خَلَق البسيطة ساحةً مِنْ نار |
يا مَنْ تَنادَيْنا إلى تَكْريمهم |
العيدُ عيدي، والمزارُ مَزاري |
جَمَعَتْ صِلاتُ الفَـنِّ بَيْـن قُلوبِنـا |
ووشائِجُ الآمالِ والأوطارِ |
فإذا بَكَيْتُ فدمعُكم في مُقْلَتي |
وإذا شَدَوتُ فصَوْتكم مِزْماري |
مَرْحَى بـني أمِّـي، لأنتُـمْ مَفْزَعـي |
في النائباتِ وأنْتُمُ أظْفاري |
الغوطةُ الخضراءُ مَهْدُ طُفُولتي |
والأرْزُ في شَرْع المحبة داري |
وزّعْتُ بَيْنَ الجنّتين صَبابتي |
ونَثرتُ في حَرَمَيْهمَا أزْهاري |
ليتَ الذين تجاهلوني أدْركوا |
أنِّي وَقَفْت عليهم أشعاري |
أحَبَبْتُهم مِلء الفؤادِ ولَمْ أزلْ |
أرْنُو لهم بالحبِّ والإِكْبار |
في ظِلِّهم نَبَتَتْ خَوافي شُهْرتي |
وزَها جناحي واسْتطار غُباري |
بالأمس بارَيْـتُ الـوَرَى بسخائِهـم |
واليومَ أهْتِفُ باسمهم وأُباري |
تأبَى عليّ مروءةٌ عربيةٌ |
أنْ أجْحَدَ المعروفَ في الأحرار |
أنا مَنْ يَغُضّ الطَّرْف عَنْ جَبَـلِ الأذى |
وَيرَى حَصَاة الفَضْل بالمِنْظار |
لَمْ أدْفَعِ العملَ القبيحَ بمِثْلِه |
إلاّ شَعَرْتُ بِخِسّتي وصَغاري . |
* * * |
يا مَـنْ أقَمْتُـم للفضيلـة والنَّـدَى |
عُرْساً يَموجُ بقُبْلتَيْ آذار |
إنْ قصّرتْ عـن شُكْركـم أقلامُنـا |
وبَدَتْ عليها لُكْنَةُ المُحْتارِ |
فقلوبُنا أبداً تُرَفْرِفُ حَوْلَكُمْ |
وعيونُنا خَلْفَ القلوبِ جَوارِ |
في كلِّ جارحةٍ بَنَيْنا هيكَلاً |
لكُمُ... وتَمَّمْنا حَديقةَ غارِ |