شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عـروس الوعـر
أنشدها في حمص، سنة 1984
نَفَيْتُ عَنْكَ العُلا يا شاعـرَ العَـرَبِ .
إنْ لَمْ تَهزَّ عروسَ الوَعْرِ مِنْ طَـرَبِ .
جاءتْك تُعْربُ عَنْ مَكْنـونِ لَهْفَتِهَـا .
فهَلْ تُطيقُ سُكوتاً يا فَـمَ الذَّهَـبِ؟.
وفَّيْتُها حقَّها بالأمْسِ مُغْتَرِباً .
فكَيْفَ تَغْمُطُ هذا الحقَّ عَنْ كَثَـبِ؟.
رُحْماكِ غَلْـواءُ إنّ العَـيَّ قَيَّدنـي .
فكَيْفَ أنْقُلُ خَطْوي دونمـا رَهَـبِ؟.
حِمْصُ العدّيةُ لَمْ أذْكُـرْ مجالِسَهـا .
إلا تَثَنّيتُ مِنْ عُجْبٍ ومِـنْ عَجَـبِ .
هَتَفْتُ باسمكِ وَهْو الحُسْنُ مُجْتَمِعـاً .
لولا عيونُك كانَتْ مُنْتَهـى أرَبـي .
لولاكِ كانتْ عروسُ الوَعْرِ مَمْلَكتي .
وكانَ قَلْبي إلـى أحْضانهـا سَبَـبي .
هنا ذُؤابةُ مَجْدٍ في التـرابِ ثَـوَى .
تَوَدُّ لو كفَّنتْه الشمـسُ بالسُّحُـبِ .
حَمَى الرسالةَ في الجُلَّـى وعزَّزهـا .
بنورِ إيمانِه، بالجَحْفَلِ اللَّجِبِ.
سَيْفٌ لأحْمَـدَ باسـمِ الله جَـرَّده .
أرْسَى به أسسَ الإِسـلام والعَرَبِ (1) .
هنا أُصُولُ فروعٍ فـي مَهاجِرِهـم .
شادُوا المشافي وأعْلو دَوحـةَ الأدبِ .
الضَّادُ تَشْهَدُ كم في حَقْلِها بَـذَروا .
بلا تَعال، وكَمْ ضَحَّوا بلا صَخَـبِ .
لم تُخْفِ أعْلاقَها عَنْهمٍ ولا زَجَـرَتْ .
مَنْ جاسَ تُرْبتَها في البَحْثِ والطَّلَبِ .
تَجُرُّ أذيالها زَهْواً إذا ذُكروا
وكَيْفَ لا تَزْدَهي الجَوْزاء بالشُّهُبِ؟ .
لَمْ يَنْزِلوا بَلَداً إلا أحَلَّهُمُ
في حَبَّةِ القَلْبِ أو في ضَمَّـة الهُـدُبِ .
يَحْنُو عليهم فيَجْني مِـنْ شمائِلِهِـم .
أضْعافَ أضْعافِ مَنْ يَجْنونَ مِنْ نَشَبِ .
هنا مَسارِحُ "ديكِ الجِنَّ" ما بَرِحَـتْ .
فوّاحَةً بعبيرِ المَجْدِ والحَسَبِ
إن فاخروها بسَيْفٍ أو ببارِجَةٍ .
رَدّتْ على الفَخْر بالأقْلام والكُتُـبِ .
هنا مَدارجُ "نَصْـرٍ" كَيْـفَ أُنْبِئُهـا .
أنَّ الذي انْتَظَرَتْه العُمْرَ لَمْ يَـؤبِ (2) .
مضى وكانـت هُيَامـاً في سريرتـه .
ونفحةً حلوةً في قلبه التعب
بَرَى الحنـينُ إلى العاصـي أضالِعَـه .
ولَمْ يَنَلْ رَشْفَةً مِـنْ مائـه العَـذْبِ .
سارَتْ قصائِدُه فيهـا ومـا فَتِئـتْ .
تسيرُ كالشمسِ مِنْ قُطْبٍ إلى قُطُـبِ .
هنا ملاعبُ "حُسْني" هَلْ أقولُ لها
كم حنَّ "حُسْـني" إلـى فِرْدَوْسهـا الذهـبي؟
كم علَّلَ النفسَ بالرُّجْعَى وخادَعهـا .
والشَّوْقُ أقْتَلُ أحياناً مِـنَ الوَصَـبِ .
أحبَّها قَبْـلَ أنْ تَسْعَـى بـه قَـدَمٌ.
فكَيفَ لما نأى عَنْ صَدْرٍها الحَـدِبِ؟.
هنا مغاني "نسيبٌ".. دَمْعَةٌ جَمَـدَتْ .
في جَفْنها.. ليتني أقْوَى على الهَـرَبِ .
كيفَ المفَـرُّ إذا جـاءتْ تُسائلُـني .
نَسيبُ حيٌّ؟ أجَلْ حيٌّ على الحُقَـبِ .
آثارُه مِـلءَ سَمْـع الدَّهْـر باقِيـةٌ.
وروحُه بيننا جاءتْ مَـعَ السُّحُـبِ .
لم تُغْرِه جنّةٌ عنها ولا عَلقَتْ.
عَيناهُ إلا بهـا في البُعْـدِ والقُـرْبِ .
يا حِمْصُ لم يَبْقَ مِنْ قَلْبي سوى رَمَقٍ .
واهٍ! فرِفْقاً بهذا الظامـئِ السَّغَـبِ .
كَمْ بَعْثَر الأملُ الـبرّاقُ مِـنْ أُسَـرٍ .
وَحوّلَ المُدُنَ الكُبْـرى إلى خَـرَبِ .
ما ضَرَّ لو عادَ للأوطان مَنْ نَزَحـوا .
ونضَّروا قَفْرها بالسَّعْـي والـدَّأَب؟.
أغْلَى مِنَ التّبْر مهمـا عـزّ مَعْدِنُـه .
دُموعُ أمٍّ على ابنٍ... أو حَنـينُ أبِ .
* * *
يا حِمْص مَنْ بَطَلٌ في الشامِ يَحْرُسُها .
مِنَ الغُزاة ويَحْميهـا مِـنَ النُّـوَبِ .
يَبْني لها المجـدَ صاروخـاً ومَدْرَسـةً .
لولا المُعَلِّمُ والجُنْـديّ لَـمْ نُهَـبِ.
لا، لَمْ يَفُتْـنيِ ولا أخْطـأتُ هَيْبَتَـه .
ألَيْسَ هذا المُحيّـا حافـظَ العَـرَبِ .
الناشِرُ الذُّعْرَ في أعداء أمتِهِ .
والكاسِرُ السمَّ في حَيّاتهـا الرُّقُـبِ .
والكاشِفُ الغَدْر في دَعْوى "أبي لَهَب"
والفاضِحُ الكَيْدَ في "حَمّالة الحَطَبِ"
عَيْناه في السِّلْمِ دنيا رحمةٍ ونَدَىً
صافٍ... وفي الحَـرْبُ بُرْكانـاً مِـنْ غَضَـبِ
سَعَتْ به الزُّمرةُ الخرقاءُ وائتَمَـرتْ .
فردَّ خِطَّتَها بالصارِم الذَّرِبِ .
تَوَهَّمتْ حِلْمَه ضَعفاً فعلَّمها.
أنّ الرعُونةَ قادتْها إلى العَطَبِ .
وأنَّ دعوتَها لا بُدَّ خاسرةٌ
وأنَّ في يَدِها سَيْفـاً مِـنَ الخَشَـبِ .
وأنَّ حُرْمةَ سوريا مُقَدسةٌ
في نَفْسِ كل فَتىً حُرِّ الضَّمـيرِ أبـي .
وأنَّ مَنْ صالَ في تشريـنَ صَوْلَتَـه .
ما زالَ مِلءَ عُيونِ الغِيلِ لَـمْ يغِـبِ .
الدينُ يَبْـرأُ ممَّـا لا ضمـيرَ لَهُـم.
بئْسَ التديّنُ يَرْمي النـاسَ بالحـرَبِ .
يا حافظَ الشام تَرْعاك القُلوبُ فَقَـدْ .
رَعَيْتَها أنـتَ بالإِيمـان والقُضُـبِ .
هَتَفْتُ باسْمِكَ في شِعْـري فنمَّقَـهُ .
رُواةُ شِعْري بالياقـوتِ والذهَـبِ .
* * *
عادَ الغريبٌُ إلـى مَغْنـاه تَحْمِلـُه.
أشْواقُه بَيْـنَ مَكَبـوتٍ ومُلْتَهـبِ .
لكنَّه لَمْ يَجِدْ إلاّ هَواجِسَه خِـلاّ....
وإلاّ بقايا مَنْزلٍ خَرِبِ
لِداتُه ذَهبوا إلا أقلّهمُ
وأهْلُه انْتثَروا في كلِّ مُغْترَبِ
لولا التأسِّي بكمْ يـا مَـنْ أحبَّكـمُ .
قَلْبي، وأنزلَكُـم في بَيْتـه الرَّحِـبِ .
لَمَا تصاعَدَ غَيْرُ الحُزْن مِـنْ وَتَـري .
ولا تسرَّب غَيْرُ الجَمْـرِ في عَصَـبي .
يا آلَ حِمْصٍ، غداً أمْضي وأتْرُكُكُمْ .
لكنْ سأبْقَى هنا بالـروحِ والنَّسَـبِ .
إنْ أنْسَ ماءكُم يَوْمـاً وخُبْـزَكُـم .
فلا ارْتَوَيْتُ ولا عُوفيتُ مِنْ سَغَـبِ .
يَبْرودُ مَسْقَطُ رأسي لسْتُ أُنْكِرُهـا .
لكنَّ حِمْصاً عُكاظُ الشِّعـرِ والأدبِ .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :535  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 423 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج