شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لغـة الجنَّـة
عِشْ كما تَهْوَى، ودَعْني في سبيلـي .
خُلِقَ الإِنسـانُ حُـراً يـا خَليلـي.
كلُّنا أبناءُ رَبٍّ واحِدٍ
لَمْ يُمَيِّـز بَيْـنَ ضَخْـمٍ وهَزيـلِ
نَحْنُ مِـنْ طـينٍ ومِـنْ تِبْرٍ مَعَـاً
فارْتَفِعْ عَنْ بُـؤرةِ الطـينِ الرَّذيـلِ .
لا تَقُلْ إنِّي دَخيلٌ بَيْنكم
ربَّما شَـفّ دَخيـلٌ عَـنْ أصيـلِ
عُظماءُ الناسِ لَوْ غَرْبَلْتَهم
لَمْ تَجِـدْ أكْثَرَهُـمْ غَـيرَ دَخيـلِ
مَرَضُ الحِقْدِ وَبيلٌ... فَقِنا
يا إلَهـي، خَطَـرَ الـداءِ الوَبيـلِ
لا تَقُلْ إنِّي عَميلٌ مارقٌ
كَمْ وليٍّ هُوَ شَرٌّ مِنْ عميلِ
غَسَلَ الحبُّ فؤادي، فغَفَتْ
مُقْلَتي جَذْلـى علـى قَلْبٍ غَسيـلِ .
حَسْبيَ اللهُ إذا أنْكَرْتَني
وهْوَ في مُعْتَقَدي خَيْرُ وَكيلِ
شُهداءُ الهَذْرِ فِينا كَثْرةٌ
والذينَ استُشْهدوا دونَ القَليلِ .
كُلُّنا نَجْدٌ... ولكنْ قَلَّما
نَنْتَخي إلاّ على مَلْيون ميلِ
لَمْ يَزَلْ ثَوْبي نقِيّاً ناصِعاً
طاهِرَ الأرْدانِ مِنْ قالٍ وقيلِ.
مالُ قارونَ مَتاعٌ زائِلٌ
لا يساوي في يَدي شِـرْوَى فَتيـلِ .
أرْخَصُ الدُّر احتقاري قَدْرَه
أيْنَ مَـنْ يَزْهَـدُ بالـدُّرِ مَثيلـي؟
كَمْ ظَريفٍ مَجَّـهُ قلْـبي... وكَـمْ .
ضَحِكَتْ رُوحـي ارتياحـاً لثقيـل .
* * *
لا تَقُلْ إنِّ خَليعٌ في الهَوَى
شَطَّ ما بَيْنَ خَليع وقَتِيلِ
إنَّ حُبِّي كشُعـاعِ الشمـسِ، لَـمْ .
يَتَلَوَّثْ بسَفيهٍ وسَفيلِ
ليسَ في شِعْري صَـدَىً مِنْ "عمـرٍ".
بَلْ سِماتٌ واضحاتٌ مِنْ "جميـل" (1) .
مَنْ يَكُنْ في الحـبِّ يرعَـى أمـلاً.
فأنا أسْعَى وَراءَ المُسْتَحيلِ
طَلَعْتَ "غَلْواء" في أفْقي سَناً.
وتُهادَتْ نَفْحةً في سَلْسبيلي
هِمْتُ منها – وهْيَ في عِزِّ الصِّبـا –.
بجَمال الروح والطَّـرْفِ الكَحيـل .
وتصَبّاني حَديثٌ ناعمٌ
وسبتني هَزَّة الخَصْرِ النَّحيلِ
سَخِروا منهـا فقُلْـتُ استَغْفِـروا .
إنَّها في مُهْجَتي أغْلى نَزيلِ
باسمها الشِّعريِّ أعني وطني
سَلِمَتْ صاحبـةُ الخـدِّ الأسيـلِ!.
* * *
يا أخا الغُرْبةِ إنّا مَعْشَرٌ
لَمْ نَزَلْ نَطْـرَبُ للـوَزْنِ الخَليلـي .
ما رَكِبْنـا مَوْجـةَ الشِّعْـر الـتي
شَوَّهَتْ كلَّ جَميلٍ وجَليلِ
ما شَربْنا مِنْ إناءٍ قَذِرٍ
أوْ تَزاحَمْنا على زادِ بخيلِ
ما نَقَلْنا في المخازي قَدَماً
أوْ شَرَعْنا قَلَماً غَيْرَ صَقيلِ
جَمَعَتْنا مِهْنةُ الحَرْفِ، فهَلْ
يوجبُ الحرفُ انتقاصاً مِنْ زَميـلِ؟.
ذَلَّ مَنْ عَقّ مَزايا أهْلِهِ
أيُّ حُرّ يَرْتَضـي عَيْـشُ الذَّليـلِ؟.
إنْ تُشرِّقْ أو أُغرِّبْ، إنَّنا
مِنْ رعايا الفـنِّ، مِنْ خَيْـر رَعيـلِ .
أمي الرحمةُ، والحبُّ أبي
وضَميري، أينمـا سِـرْتُ، دَليلـي .
قُلْ لمَنْ يُطْرِبُه هُرْجُ الوَغَى
وصَليلُ السيفِ... أشْئمْ بالصليـلِ .
إن أُذْني تَتَأذَّى بهما
فأداويها بموسيقى الهَديل
أعْطني مَجْدَ أديبٍ زاهِدٍ
خامِلِ الذِّكْر، وخُذْ مَجْـدَ "أتيـل".
قَدْ تعالَيْـتُ عـنِ الدنيـا... فيـا .
طالبَ الدنيا تهيّأ للرَّحيلِ
أنا كالطـيرِ ارتـوى مِـنْ حَسْـوةٍ.
رُبما أغنى قليلٌ عَنْ جَزيلِ
لُغَتي، يا سائلي عَنْ لُغَتي
مَعْدِنُ الحِكْمـةِ والشِّعْـر الجَميـلِ .
كَمْ طَوَى الدهرُ لِسانـاً وهْـيَ مـا .
بَرحتْ في ذِرْوَةِ المجدِ الأثيلِ
نَزلَ الإِعجاز والوَحْي بها
وبَنَتْ مَمْلكةَ الفِكْرِ النبيلِ.
بَذَلَتْ لِلْمُسْتَقِي كَوْثَرَها
وأباحَتْ حَقْلَها لابنِ السبيلِ.
هِيَ كالشَّمْس سَناءً وسَناً
لَمْ تَعِبْ إلاّ لذي الطَّـرْقِ الكَليـلِ .
وسِعَتْ كلَّ اخْتراعٍ وَوَعَتْ.
مِنْ حَضاراتِ الوَرَى كـلَّ أصيـلِ .
صُنْتُ في دارِ النَّوى حُرْمَتَها.
وتبادَلْنا جَميلاً بجَميلِ
كَمْ سَهِـرْتُ الليـلَ في مِحْرابِهـا .
خاشعاً أشْفِي بريّاها غليلي
إنْ زَكَا نَبْتي فمِنْها بِذْرَتي
لَيْسَ يَزْكو النَّبْتُ مِنْ بِـذْرٍ عَليـلِ .
* * *
بِنْتَ عَدْنان اطْمَئِنِّي، إنَّنا
لَمْ نَزَلْ نَحْميـكِ بالبـاعِ الطَّويـلِ .
ارْتَعي مِنْ حُبِّنا في واحةٍ
ضَحِكَتْ بالمـاءِ والظـلِّ الظليـلِ .
لاسمك الخالدِ شُدْنا حَرَماً
وأحَطْناه بزَهْرٍ ونَخيلِ
سَوْفَ تَبْقين – وقد تَفْـنى الثَّرَى –.
لُغَةَ الجنةِ مِنْ جيلٍ لجيلِ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :440  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 422 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.