شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أي أزمَا.. تأزَّمي!
نُشرت هذه القصيدة على صفحة كاملة بجريدة "الرياض"، العدد 8317، بتاريخ2/4/1990م. وتجدر الإِشارة إلى أنَّ هذه القصيدة نُظمت على نمط ساخر معروف في الشعر العربي، بدأه شاعر عباسي بقصيدة مطلعها:
أيْ دبدبا تدبدبي
أنا عِليّ المغربي
وقد نظم الشاعر العراقي الكبير (الأستاذ محمد مهدي الجواهري) قصيدة على هذا النمط أواخر الأربعينات، ومطلعها:
أيّ طرطرا تطرطري
تقدمي تأخري
كما أنَّ لصاحب هذا الديوان قصيدتين أُخريين على هذا النمط، إحداهما مطلعها:
أيْ أمركا تأمركي
وكلّ جمع فكِّكي
إنّ اجتماعَ الشمل دا
ءُ الخامل المرتبكِ
وقصيدة أخرى على النمط ذاتهِ يجدها القارئ في صفحاتٍ قادمة.
 
أي أزمَا.. تأزَّمي!
قدمت (الرياض) للقصيدة بهذه الكلمات: [هذه صيحة غاضبة وصرخة ألم مكبوت في وجه طاغية بغداد يطلقها شاعر طالما اكتوى بنار الظلم والطغيان وما زال مشرداً عن وطنه حاملاً جراحه النازفة... ينتظر ساعة الخلاص على أيدي شعبه الثائر]:
أي أزما .. تأزمي!
أي أزما تأزَّمي
هذا أوانُ الأَزَيمِ
الناسُ في بَحبوحةٍ
من ألهنا والنِعَمِ
قد أبطرتهم نعمةٌ
من الإِله الأكرمِ
فاستكثروها وعدَوا
فكوفئوا بالنِقَمِ
* * *
أي أزما تأزّمي
واتَّسعي واستعظمي
تكوّري وانتفخي
مثلَ خبيثِ الورمِ
تعيا به جراحةٌ
والطبُّ عنه قد عمي
وليس إلاَّ يدُ (عز
رائيلَ) خَيرُ مرهمِ
تخرسُ في أفواهم
ألسنةً لم تُلجمِ
تُحيلُهم إلى هبا
ءٍ ضائعٍ في العَدمِ
تجعلُ منهم عبرةً
لناطقٍ وأعجمِ
تجتثُّهم من حُلُمٍ
قد كان بئسَ الحلمِ
أفزعهم كابوسُه
من رأسهم للقَدمِ
وانسابَ في أعماقهم
حتى نخاعَ الأعظُمِ
وما أفاقَ حالمٌ
من الضحايا النُوَّمِ
حتى أحاطَ بالحِمى
طوفانُ "سيلِ العرمِ"
* * *
أي أزما تأزمي
قدمت خيرَ مقدمِ
نزلتِ أهلاً (بالعرا
ق) فارزمي ودمدمي
وزلزلي الأرض بنا
وطهِّريها بالدمِ
حذارِ تُبقي نطفةً
من صُلبنا فتندمي
فنحن شرُّ ما استوى
على الثرى من (آدمِ)
* * *
نأمر بالمنكر ما
كان طريق مغنمِ
ننهى عن المعروف أن
يشُذَّ أزر مسلمِ
وإننا نأكل من
لحومنا والأدم
وإن عَرَتْنا غصةٌ
عابرةٌ من نهم
نهرعُ للشراب من
دم الأخ المحرّمِ
* * *
وإن تفاخرنا فقد
جزنا مدار الأنجم
أباؤنا.. أجدادنا
خير الورى في القدم
وقد علت راياتهم
فوق رؤوس الأمم
قد كان فيهم (حاتم)
مَنْ مثلُه في الكَرمِ؟
وكان (صخرٌ) فيهم
ناراً برأس العلم
إن صهلت خيولهم
شوقاً إلى مقتحَمِ
أو برقَت سيوفُهم
في حومة الملتحَمِ
يزدحمِ الخلقُ على
أقدامهم ويرتمي
* * *
أي أزما تأزمني
جئتِ إلينا فاحكمي
على "ابن عمّ" جائرٍ
سارَ بليلٍ مُعتمِ
يغزو ديارَ أهله
بمنطق التحكـم
فهل تُلامُ إذ تُرى
بالأجنبي تحتمي
أو أن تصافي (كافراً)
لردِّ كيدِ (المسلم)
* * *
أي أزما تأزمي
وبالورى تحكّمي
وأبطلي خرافة الـ
ـعهدِ وحفظِ الذِّمَمِ
وزوِّري ما شئتِ في الـ
ـتاريخ: قولي واجزمي
واتَّهمي الذئبَ بأكل
(يوسفٍ) وأقسمي:
أن (علياً) لم يكن
قاتلُه (ابنَ ملجمِ)
وأن (عثمانَ) قضى
فُجاءةً في (الحَرَمِ)
وأن دين الله لم
يُحِلَّ أو يُحرِّمِ
إلاَّ لترقَيْ للعُلا
طالعةً من عَدمِ
وجدَّك الأولَ في
(تكريت) باني (الهرم)
وأن (مومياءَهُ)
أسرَتْ بليلٍ مظلم
واستوطنت أرض (الكــــويت) في الزمان الأقدم
فاجتاحها حفيده
بجيشه العرمرم
لينشرَ الخير بها
فتزدهي بالنعم
وجنة موعودة
(ذات عماد... أرم)
ويهزم الليل بما
يُشعله من ضرم
ليستنيرَ أهلُها
بداجيات الظلم
قولي فما جوابُنا
غير (بلى ) أو (نعم)
من يا تُرى يقول لا
وأنتِ أمُّ الحِكَمِ
* * *
صُبي على طعامنا
الـ ـطاعون ثم أطعمي
وكدّري شرابنا
بالسم أو بالعلقم
سوف ترين أننا
نجترّه في نهم
فإننا صرنا مع الـ
أزمة شِق توأم
أما الملايين التي
تعيش مثل الغنم
تجتر ما يعطى لها
وبالذئاب تحتمي
فإنها منساقة
طوعاً إلى جهنم
يمضي بها رعاتها
إلى طريقٍ مبهم
وهي تغني طرباً
خلف زعيم مُلْهَمِ
سارحة في عالم الـ
لا وعي والتوهم
لو سُلِخَت جلودها
ما شعرت بالألم
* * *
أما أنا فشاعر
ولست شبل ضيغم
بكل واد هائم
ودائم التبرم
وليس لي من السلا
ح عدة في محزمي
سوى قراطيس أخط فوقها بالقلم
لا يدفع الشاري بها
في السوق نصف درهم
وكم قصفت مثله
من قلم مكرَّمِ
وكم رميتِ شاعراً
إلى مهاوي العَدم
* * *
أي أزما تأزمي
إلى الورا تقدمي
أنتِ (المَهيبُ) قد رقــــــيت المجد دون سلم
فحاربي من كُوَّة الـ
ـملجاءِ ثم انهزمي
وفاخري العالم بـ (انســـــحابك) المنظم
ووقعي على (الشروط)
مُرَّةً كالعلقم
ثم ادعي وكابري
أنكِ لم تستسلمي
بل اعزفي (أنشودةَ الـ
ـنصر) وبالغيب ارجمي
لن يرفض المذياع بث
الكلم المرجَّم
ولن يرى الناس حطا
م عرشك المنْهدِم
فأنت (أمُّ النصر) أبر
متِ السلام فاسلمي
* * *
لا تأبهي للناس إذ
تقول ما لم تفهم
فإنهم ليسوا سوى
دريئةٍ للمغرَم
وإنهم بعض قرابينك
إن تُقَدِّمي
لمذبح السلطان في
معبده المحطَّمِ
تنالُهم مرحمةٌ
من سادنٍ أو صنم
* * *
أي أزما تأزمي
لا تشفعي أو ترحمي
لك العراق كله
أسورة في معصم
أبناؤه رِقٌّ أبيـــــــكِ حازَهم في (الموسم)
فهم عبيد وإما
ءٌ لكِ منذ القدم
وختم (تكريت) على
جباهم كالميسم
فإن تشائي فاسلخي
جلودَهم كالغنم
وخيّمي على (العراق)
كالقضاءِ المبرم
إذا اشتكى (جَنوبُه)
وثار فرطَ الألم
فأخرسي الشكاة
في أفواهه بالحمم
وإن شكا (أكراد كُر
دستان) فوق القمم
فأحرقي شبابهم
بـ (خردل) و (دمدم)
ما دمت في (بغداد) فا
لموقف جِدُّ محكَم
* * *
فإن زهت بنفسها
(بغداد) أمُ الشيم
وانتفضت جسورة
بهمة المنتقم
و (الكاظمية) انتخت
لصرخة (المعظم) (1)
واصطبغ (الجسر) و (شا
رع الرشيد) بالدَم
والتحمت (رصافة)
بـ (الكرخ) أم الهمم
وزلزلت بك الثرى
ولات حين مندم
فهدِّميها واهرعي
لملجأٍ واعتصمي
* * *
لكنني أقولها
صارخة ملء الفم
هيهات منجىً لك من
مصيرك المحتم
ولا مفر فاعلمي
سوى إلى جهنم
تصلينها مدحورة
جزاء ذاك المأثم
أي أزما تأزمي
هذا أوان الأزَمِ
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :593  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 22 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج