الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > الطفلة هدى.. وعيون عمياء وآذان صمَّاء

الطفلة هدى.. وعيون عمياء وآذان صمَّاء

عندما أنشأ الغرب الكيان الصّهيوني على أرض فلسطين العربية بدوافع سياسية ودينية أقدمت العصابات الصهيونيّة والإرهابيّة مثل شتيرن Stern والهاغانا Haganah والتي شكّلت النواة الحقيقية للجيش الإسرائيلي، هذه العصابات التي كانت أوّل من أدخل مفهوم الإرهاب في المنطقة العربيّة وبمباركة بريطانيّة معروفة، وكانت كذلك متحفّزة لبثّ الرّعب في النّفوس فأقدمت على قتل الوسيط الدولي الكونت بيرنادوت (Count Folk Bernadotte) في عام 1948م، لأنّه رفع تقريرًا في 16 سبتمبر 1948م للأمين العام للأمم المتحدة آنذاك يعلن فيه معارضته لتهجير العرب من أراضيهم في فلسطين وإحلال المهاجرين اليهود في ديارهم، كما أقدمت عصابة شتيرن Stern على عضّ الأصابع البريطانيّة التي أحسنت إليها؛ فأقدمت على تصفية الوزير البريطاني المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط اللورد مودين (Lord Modyne) وذلك في عام 1944م، ولم يسلم وزراء الخارجية البريطانيون المتعاطفون مع العرب من العداء اليهودي بدءًا من الوزير للشؤون الخارجية في حكومة (أتلي) العمالية 1945-1951م إيرنست بيفين (Ernest Bevin)، وتخلصت (مارجريت تاتشر) المعروفة بميولها الصهيونيّة من وزيرين اثنين إرضاءً لليهود، أولهما وزير الخارجية اللامع اللورد كارينغتون 1979-1982م (Carington) والذي أدان بشدة الغارة الإسرائيلية على المفاعل النّووي العراقي في عام 1981م، والثاني فرانسيس بيم (Pym) الذي استنكر بشدة في مجلس العموم الاجتياح الإسرائيلي للبلد العربي لبنان في عام 1982م، فلم تدعه تاتشر يكمل عامه الأوّل في حكومتها، ومع تشكيلة وزارتها الجديدة 1983م أقالته فجأة.

* ولتخويف العرب أقدم سفاحو هذا الكيان العنصري على ارتكاب المجازر الأولى في حقّ الشّعب الفلسطيني الأعزل فكانت مذبحة دير ياسين في 9 إبريل 1948م، والتي قتل فيها ما يقرب من 254 فلسطينيًّا من سكّان القُرى العزّل، وفي أكتوبر من عام 1953م توجّهت قوّة صهيونيّة عسكريّة متنكّرة فقتلت بدم بارد ما يقرب من خمسين فلسطينيًّا في قرية (قبيه) وكان معظمهم من الشّيوخ والأطفال. وفي خضم أجواء العدوان الثّلاثي على أرض مصر العربيّة، وعلى الحدود مع جزيرة سيناء قتلت قوّة إسرائيليّة ما يقرب من خمسين قرويًّا فلسطينيًّا وهي المذبحة التي حملت اسم القرية التي جرت فيها وهي (كفر قاسم).

* يستوي اليمين واليسار في إسرائيل في تشبّعه روحيًّا ونفسيًّا بنزعة رؤية الدماء العربيّة المسفوكة، فشارون هو سفاح مذبحة (صبرا وشاتيلا) عام 1982م، وإسحاق رابين هو الذي أمر بتهشيم عظام صغار الأطفال في انتفاضة الحجارة الأولى. وبنيامين نتنياهو اليهودي القادم من ناطحات السحب في أمريكا هو من دبّر مذبحة الحرم الإبراهيمي، أمّا (شيمون بيريز) الذي يعدّه البعض زورًا من حكماء العالم فهو سفاح مذبحة (قانا) في الجنوب اللّبناني، ومعظم ضحاياه من الشّيوخ والأطفال والنّساء.

أوليمرت (كيدما) مدّ يده للعرب مصافحًا زاعمًا أنّه توّاق للسّلام فإذا بتوقه الحقيقي يتجسّد في مجزرة شواطئ غزّة.

* كانت (هدى) الطّفلة الفلسطينية تستغيث، تصرخ، تنادي (وا أبتاه)، وكان العالم يعيرها أذنًا من الصمم، وعينًا من العمى، ولو لم تكن هدى عربيّة ومسلمة وكانت عوضًا عن ذلك مسيحيّة أو يهوديّة أو حتّى بوذيّة لحرّك جورج بوش أساطيله انتقامًا للعدالة، ولأخرج بلير جنود صاعقته من مخابئهم، فالدّماء الأخرى غالية وثمينة، بينما رخص الدم العربي في نظر أهله وأعدائه على حدٍّ سواء.