شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ليفنغستون وازدواجية المعايير في السلوك الغربي ..!
كنت قبل مدة وجيزة قد كتبت عن عمدة لندن أو ما كان يعَرف منصبه في الثمانينيات الميلادية بمصطلح G.L.C. Leader، والنائب العمالي السابق كين ليفنغستون Ken Livingstone، وعن مناصرته للقضايا العربية في مقدمتها القضية الفلسطينية، وهو بانتمائه العمالي لم يحرج فقط توني بلير، ولكن زعماء الحزب السابقين حتى أولئك النفر الذين ينتمون ليسار الحزب مثل: مايكل فووت، ونبيل كينيك، وهو التيار الذي ينتمي إليه ليفنغستون ووزير الخارجية البريطاني الراحل روبن كوك، وقد ترشّح ليفنغستون لمنصب عمدة لندن كمرشح مستقل بعد أن عمل كلّ زعماء حزب العمال للابتعاد عنه لانتقاداته المتتالية لسياسات الحكومات الإسرائيلية. ومعروف أنّ حزب العمال يحتضن لما يزيد عن ثمانين عامًا منظمة يهودية داخل الحزب تدعى Paole Zion، ويحق لهذه المنظمة الاعتراض على سياسات الحزب ويمكنها نفوذها القوي من الاعتراض على المرشّحين كنوّاب للحزب في البرلمان البريطاني، ويحقّ لمنظمات أخرى تابعة للحزب أن تتمتع بمثل هذا النفوذ القوي.
وفي الوقت الذي كانت الهيئات السياسية والثقافية الغربية تتحدّث عن حرية التعبير في سياق التبرير لما نشرته الصحف الدانماركية وسواها لرسوم تتعمّد الإساءة لنبي الإسلام في الوقت الذي يحتفظ فيه المسلمون جميعًا بكل معاني الإجلال والتعظيم لأنبياء الله ورسله وفي مقدمتهم؛ إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، بذات الدرجة التي يعظمون بها نبيهم، في هذا الوقت الذي يمثّل انعطافة غير مسبوقة في تاريخ العلاقة بين المسلمين والشعوب الغربية؛ حكمت هيئة قضائية على رئيس بلدية لندن ليفنغستون أو بمن يطلق عليه مناوئوه بـ(الأحمر) Ken Red، لوصمه بالاتجاه اليساري المتشدد، حكمت عليه تلك الهيئة بالإيقاف عن العمل لأربعة أسابيع بذريعة أنه شبّه صحافيًا يهوديًا كان يلاحق (العمدة) اللندني في كلّ مكان لإحراجه شبّهه بحارس معتقل نازي، وكانت هذه العبارة كفيلة بدق مسمار في نعش ليفنغستون.
ويتساءل المرء أين ذهبت حرية التعبير؟ وهل أدرك بعض بني جلدتنا والمبهورون بكل ما هو غربي حتى وإن كان خطأ، ورأى بعضهم في القضية لنصرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم سلوكًا لا يتفق مع ما يتوهمونه عن حضارة خالية من الأخطاء ومصيبة في كلّ السلوكيات، هل أدرك هؤلاء أنّ المساس بما هو يهودي وصهيوني يعتبر سلوكًا إجراميًّا وتضيع معه كلّ مفاهيم حرية الكلمة كما حدث مع المؤرّخ البريطاني الذي شكّك في (المحرقة) فعوقب من دولة غربية وهي النمسا بالسجن، وكبّلت يداه أمام كاميرات التلفزيون حتى لا يقدّم قلمه في المستقبل للتعرّض لهذا الجانب الذي يعتبر مقدّسًا في عرف ما هو ديني وسياسي على حدّ سواء.
ولمعرفة دواعي كف يد عمدة لندن عن عمله، فإنّه يمكننا الوقوف على قوة نفوذ هيئات يهودية داخل بريطانيا وفي مقدمتها مجلس النوّاب اليهودي Board of Deputies of British jews، فهذه الهيئة لم تنسَ أن ليفنغستون في منتصف الثمانينيات الميلادية، كما نقلت مجلة اليمين المتطرف في لندن آنذاك Nationalism Today في عددها الصادر بشهر مايو عام 1985م العدد 29، لم تنسَ انتقاده لهذه الجمعية أو الهيئة المتسلّطة سياسيًّا وفكريًّا داخل بريطانيا، وتجسّد كثيرًا من مفهوم الولاء المزدوج لبعض الشخصيّات اليهوديّة التي يفترض أن تمثّل المصالح البريطانيّة؛ ولكنّها في الواقع تتّخذ من موقعها في مجلس العموم أداة لخدمة المصالح الإسرائيلية.
وكان انتقاد ليفنغستون واقعيًّا عندما تحدّث عن تحكّم شخصيّات يهوديّة تنتمي لحزب (حيروت) Herui المتشدّد في رسم سياسة مجلس النوّاب اليهود البريطانيين.
ولم تسلم بعض الشخصيّات السياسيّة المعتدلة ذات الجذور اليهوديّة من انتقاد المجلس ومنهم جيرالد كوفمان Gerald Kaufman وزير خارجية الظل السّابق.
وعندما انتقد الأب الروحي السابق لمجلس العموم تام داليل Tam Dalyell حكومة بلير أثناء الهجوم الأمريكي-البريطاني على العراق، بأنّ الذي يرسم سياستها الخارجية شخصيّات يهوديّة من أمثال اللورد ليفي وبيتر ماندلسون Mandelson، إضافة إلى أنّ وزير الخارجية الحالي جاك سترو من جذور يهوديّة، هبّ مجلس النوّاب اليهودي في وجه أقدم النواب البريطانيين، حيث دخل البرلمان عام 1962م كممثل لمنطقة West Lothian. وآثر داليل في الانتخابات الماضية التي حملت بلير لداوننغ ستريت للمرة الثالثة على اعتزال الحياة السياسية.
إنّي أدوّن المعلومات عن شخصيّات غربيّة محايدة ومعروفة، فهل يكفي هذا للبعض من الذين يريدون الدّفاع عن هذه الازدواجيّة الصّارخة في السّلوك الغربي، ويأخذون على الآخرين انتقادها أو كشفها؟!
 
 
 
طباعة
 القراءات :193  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 37 من 100
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.