شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيّك سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين، وصحابته الطاهرين.
الأستاذات والأساتذة الأفاضل..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تعاود اثنينيتكم نشاطها المعتاد، ويسعدني أن نواصل ما انقطع من فعاليات هذه الأمسية. ولعل خير مستهل لوصل حبل وداد اثنينيتكم مع محبيها من عاشقي المعرفة والعلم، النظرة المتفحصة لتاريخ بداية التعليم النظامي في بلادنا، وأن تكون انطلاقتنا المتجددة مؤسسة تعليمية رائدة. فمدارس الفلاح نرفع لها رؤوس التكريم في شخص صديقٍ قديمٍ، وهو نائب رئيس نظارها، السيد أمين عقيل عطاس.
إن التنويرية والظلامية نقيضان لا يلتقيان، إلا أن صروح الفلاح.. تلمست طريق علم، وتخطّت عوائق كُثر، وكادت تقبرها. لكنها خرجت من نفق مظلم إلى رحاب أوسع. وكان للعام الهجري 1323هـ، أي قبل 111 عاماً، موعد مع الشيخ محمد علي زينل -رحمه الله رحمة الأبرار- ليضع بأول شهادة ميلاد ((الفلاح)) نقطة تحول كبرى وصفحة مشرقة في سفر التعليم الأهلي، وذلك في غرفة منزل منزوٍ في جدة القديمة، بجانب ((برحة الزبيدي)). وكانت أول موقع يزوره الملك عبد العزيز في أول زيارة لـه لجدة فيما بعد، عرفاناً لما قدمته للوطن، في مجال العلم والمعرفة من الحرمين الشريفين. وقد كانت المدرسة بعيدة عن أعين الوالي التركي آنذاك، والذي أصدر بعد لأي وجهد وإلحاح من شيخنا الفاضل محمد علي زينل -رحمه الله- أمراً بإنشائها.. فلم يبخل عليها، حتى إذا مرت بضائقة مالية، كانت خديجة زينل خير معين لزوجها بحليها التي صاغتها راضية مطمئنة -بأروع المثل- مساهمة بذلك في استمرار كيان تعليمي، يبقى ما بقي التاريخ بإذن الله.. وتأرجحت المدرسة ما بين عسر ويسر، ثم ما لبثت أن وقعت في نفق الحاجة. فكان مؤسس الكيان الباني الملك عبد العزيز -رحمه الله- خير معين بحصافته المعهودة وحنكته المعروفة - فهكذا تسطع الأفكار لتضيء العواثر وتبدد الحواجز- حين فرض رسماً جمركياً معيّناً على جميع الطرود الواردة إلى موانئ المملكة لمصلحة المدارس.
إن شخصاً يقف وراء هذا الإنجاز حري ألا يغمض له جفن.. وأن لا تلين له قناة.. وأن لا يثبط له عزم.. لقد تفتحت قريحة الشيخ محمد علي أكثر بما يحفظ لهذا الصرح سيرورة وصيرورة. فقد كان يقدم راتباً شهريّاً لكل أب يدفع بابنه إلى المدرسة، تعويضاً له عن الاستعانة به في مهنته. وبعد سبع سنوات حطت التجربة رحالها واستُنسخت في موئل القبس النوراني، مكة المكرمة، في حارة القشاشية بدار الشريف علي باشا، حاكم مكة المكرمة آنذاك (إن لم تخني الذاكرة). وساهم في إنشاء المدرسة وإدارتها وتطويرها عدد من المربين الأفاضل الآخرين من المكيين البارزين، كالسيد طاهر الدباغ، والشيخ أمين فوده، والشيخ عبد الله حمدوه وغيرهم. ومن ثم انتقلت إلى حارة الباب بدار آل نصيف، ثم عادت مرة أخرى إلى "القشاشية" في مبنى ضيق مستأجر، ثم انتقلت إلى الشبيكة عام 1368هـ، وبنيت على أرض مجاورة اشترتها مدارس الفلاح. وانتقل إليها الطلاب وهي مبنى إسمنتي هيكل فقط. وهو أول مبنى أُسّس في مكة المكرمة ليكون مدرسة. ومن ثم انتقلت من هذا المبنى أيضاً إلى مبنى جديد جميل بحي "النزهة" في ساحة إسلام، ولهذا المبنى قصة يحدثكم عنها السيد أمين عطاس.
ويمكن اعتبار الفلاح أول مدرسة نظامية رائدة لمعت في منطقة الحجاز وجزيرة العرب، استطاعت أن تفرّخ جيلاً ذهبياً من العلماء والأدباء والمفكرين وكبار رجال الدولة البارزين في مرحلة التأسيس، من خريجيها الأوائل في فرعيها بجدة ومكة، ومن خيرة شامات الوطن.
لقد زاملت السيد أمين عقيل عطّاس نائب رئيس مجلس نظارها، ويمكنني القول بأنه فلاحي حتى النخاع. فقد درسنا معاً على أيدي أساتذة أجلاء من خريجي الفلاح السابقين. كما زاوجت الفلاح بميزان دقيق بين العلوم الدينية والعلوم المدنية الحديثة، من دون إخلال بهذه المنهجية التي اختطتها، والتي اعتمدتها المملكة رسمياً نسقاً للتعليم، وطورته بمواكبة مناهجها حركة العلوم المتجددة. وعلى الرغم من أن مدرسة الفلاح لم تكن معتمدة بشكل رسمي من وزارة المعارف في بداياتها، إلا أن تفوق طلابها أتاح لكثيرٍ من خريجيها فرصاً للدراسة الجامعية. فكان لتفوق السيد أمين عطّاس عظيم النفع في ابتعاثه لجامعة القاهرة لدراسة المحاسبة. كما توزّع عدد آخر من خريجيها بين جامعات مصر والهند وسنغافورة وأندونيسيا قبل الحرب، وانتشروا في أرجاء العالم الإسلامي بعد أن تزوّدوا بآداب الفلاح، وعادوا لخدمة بلدانهم مثل حضرموت والصومال، وأندونيسيا والهند.
هذه النجاحات التي تحققت تحت إدارة ورعاية الشيخ زينل -رحمه الله- ألهمته أن يبني لهذا الصرح فروعاً خارج حدود الحجاز.. لقد اتسع طموحه باتساع عطائه، فأوكل لخيرة خريجي مدارس الفلاح مهمة تأسيس فروع لها تحمل اسمها وإدارتها في بلدانهم. فأقام آل الدباغ فرعاً بحضرموت خرّجت المئات ممن تولوا أعلى المناصب في حضرموت. وبالتتابع نجح في إنشاء فروع للفلاح في الخليج العربي ودبي، وفي بومباي بالهند. ونجحت هذه الفروع في تقديم رسالتها لفترات طويلة. وللأمانة التاريخية نشير إلى دور المربي الجليل العالم الفاضل الشيخ إسحق عزوز رحمه الله، فقد انبرى للرعاية والعناية بمدارس الفلاح في مكة المكرمة بعد رحيل مؤسسها الشيخ محمد على زينل. فاجتهد في تأمين مصادر تمويلها والحفاظ على المعايير التي رسّخها سلفه، من شيوخنا المؤسسين والمدرسين الأوائل، فعزز تماسكها وقوة بنيانها، ومنحها القدرة على الاستمرار.
أكملت "الفلاح" في يومنا هذا مئة وأحد عشر عاماً من المساهمة الفعّالة في رفد الوطن بالعديد من القيادات البارزة من وزراء، ورجال أعمال، وأدباء، وكوكبة أضاء شعاع إبداعها خارطتنا الإبداعية.
أيها الإخوة باسمكم جميعاً نقف احتراماً وإكباراً للشيخ محمد علي زينل، ثم إلى الوجهاء الأفاضل الخيرين من كبار أهل مكة المكرمة وجدة الذين تساعدوا وتعاونوا على خدمة مدارس الفلاح، وفي مقدمتهم الشيخان: الجمجومان عبد الرؤوف وصالح، وغيرهما كثر.. كما نذكر بالفضل، على سبيل المثال لا الحصر، بعض العلماء والمشايخ الذين تولوا التدريس مثل الشيخ إبراهيم النوري، والسيد علوي عباس المالكي، والشيخ محمد العربي التباني، والشيخ محمد نور سيف، والسيد محمد أمين كتبي، والشيخ يحيى أمان أنعم ناصر، وإسحق عزوز رحمهم الله جميعاً رحمة الأبرار.
إن الحديث عن مدارس الفلاح، وعن السيد العطّاس، هو بطبيعة الحال حديث عن أقدس العواصم. فالرجل مكي الهوى والهوية، تربى في بيت خير، ودرس في دور خير، فنذر علمه ووقته وجهده للعمل الخيري، مؤسساً مع بعض أهل مكة المكرمة الجمعية الخيرية عام 1398هـ، واختير رئيساً لمجلس إدارتها بإجماع سكانها حتى يومنا هذا لفترة امتدت حوالي ست وثلاثين سنة من عمرها، ونجحت بمجاهداته في تغطية مكة المكرمة والقرى المجاورة لها في دائرة واسعة بمظلة من الأعمال الخيرية والخدمات الاجتماعية.
تحتشد أمسيتنا بالإمتاع والمؤانسة بحضوركم دائماً. ويتجدد موعدنا في اثنينيتكم القادمة، لنكرم الدكتور عبد الرحمن الرفاعي، الأديب والناقد والباحث في جذور اللغة والتاريخ، والذي اختارته جامعة الدول العربية ضمن أفضل عشرة علماء في اللغة العربية وآدابها، وكرمته بدرعها عام 2005م. كما أنه حاصل على جائزة الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود في تاريخ الجزيرة العربية في العام 2007م عن دارة الملك عبد العزيز. وقد بلغت حصيلة إنتاجه 47 مؤلفاً. وهو قادم إلينا خصيصاً من أرض الكادي والرياحين.
فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبكم..
وإلى لقاء يتجدد بكم ولكم.
طبتم وطابت لكم الحياة..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه، مؤسس ((الاثنينية)) في كلمته الترحيبية الضافية، متّعه الله بالصحة والعافية إن شاء الله..
الإخوة والأخوات، أود أن أشير إلى أنه بعد أن تُعطى الكلمة لفارس أمسيتنا، ستتم محاورته عن طريق الأسئلة، والتي نأمل أن تتفضلوا بإلقائها مباشرة. كما نرجو أن يسأل السائل أو السائلة سؤالاً واحداً.. وعلى السائل أن يُعرّف باسمه وبمهنته، ومن ثم يطرح السؤال مباشرة. وكما ذكرت سنكتفي بسؤال واحد من كل سائل أو سائلة، حتى تتاح الفرصة لأكبر عدد ممكن من الحضور لطرح أسئلتهم إن شاء الله..
ولكن قبل أن نستمع إلى ضيفنا وفارس أمسيتنا في هذه الليلة، هناك بعض الكلمات الترحيبية يبدؤها سعادة الدكتور والباحث الأكاديمي عبد العزيز سرحان.
 
طباعة
 القراءات :498  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج