كلما ثوبتُ في الليل أجلّي |
لست أنسى امرأةً قامتْ تُصلي |
ومحيَّاها وضيءٌ خاشعٌ |
طاهر القسمة كالبدر المُطِلِ |
وإذا ما ابتسمت لاح لها |
بارق من ذلك الثَغر المهلِ |
وعلى هامتها.. فدّيتُها |
مُحرم في آية النُسك المحلِ |
* * * |
ولقد كادت تُوفّي حججاً |
مهجة راحتْ لتتلو مهجَا |
قبلها أحبابنا قد عرَّجوا |
وأتتهم تبتغي منعرجَا |
وطيور الموت لاقتْ مدخلاً |
وإذا أينَ ترومُ المخرجَا؟ |
وإذا لم تبتهجْ في ظلهم |
فعسى أين ترى المبتهجَا؟ |
* * * |
يا مَلاكَ الموت قد نازعتَها |
رُوحها تبذُله في الباذلينْ |
لم تكنْ ورهاءَ أو باخلةً |
فانتهبْ من جُودها النصر المبينْ |
أنتَ لولا الله في قُدرته |
فذّة تقضي بها في العالمينْ |
أنت لولا ذاك ما خاتلْتنا |
هكذا في سَوْرةِ الداءِ الدفينْ |
* * * |
قل لها قائمةً أو صائمةْ |
لم تحلأْ في الطيور الخائمةْ |
كلما أشرق منها وجهُهَا |
شف عن مثل الذِّهابِ الغائمةْ |
قل لها: فاستبشري واستيقني |
لك نفس في الأعالي هائمةْ |
وإذا لم تَدُمْ الدنيا! ففي |
ذُخر الغيب هِباتٌ دائمةْ |
* * * |
وإذا البلبلُ غنَّى وانتشى |
في غصون بلحون مستطيلةْ |
مُردف البِنْصَر يتلو خِنْصِراً |
في ضُروب من خِفاف أو ثقيلةْ |
بات يُذْكي شُعلاً في خاطري |
مثلما تقْبِسُ زيتاً في فتيلةْ |
تلك أُمي وهي في سَجْدتها |
يوم تبدو مثل عذراءَ نبيلةْ |
* * * |
ذكرْتنيها خطوبٌ حدثتْ |
بعدها تُنْذر بالشر الوبيلْ |
فإلام اللوْم.. يا عاذلُ إنْ |
قد قصرتَ اللوْم فيها أو تُطيل؟ |
أَنفها كالسيف.. أمَّا فمُها |
فحفيل بالرحيق السلسبيلْ |
وحديثٌ كاللآلىء فذّةٌ |
متمناه بها يشْفي الغليلْ |
وعلى رَونقها مهما اكتستْ |
من غُبار الشيب، كالسيف الصقيلْ |
* * * |
هاهِ.. يَاهَا.. يا عليها رحمةٌ |
وعلى تُربتها نَوءٌ مبنُ |
وتحيات إليها أُنفاً |
مثلما ينفَحُه الروض الأغنُ |
وعليها رحماتٌ جمّةٌ |
كشف في قبرها لا تستجن! |
لا تُغنّوا.. كل روح.. عارجٌ |
في سماوات دُجاه.. لا تغنُّوا؟ |