شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-28-
صديقي:
لك السعد.
كل شيء هنا طلق يمضي على طبيعته دون أن يكون فيه أي أثر للصنعة والتكلف، ودون أن يجرحك فيه تعكير تحتال له بشيء من الزيف، وتستبين فيه بألوان من الخداع والغش.
كل شيء هنا صادر صريح.. فهم لا يغفرون لك أي إشارة تبدو فيها أثر التهول، ويرفضون بعناد جميع الألفاظ التي تختارها في مناسباتها الجميلة وتسمّيها أدباً.
ولقد هالني شيخ القبيلة بمواهبه القوية عندما كان يحدثني عن بدعة المجاملة في دنيانا، وما ترتب عليها من أخطار، وأدهشتني نظراته الثاقبة عندما كان يقول: ((عندما ابتدع الضعفاء أسلوب التخدير بالمعاني المنتقاة، والألفاظ الموشاة دللوا على مبلغ استهانتهم بمقادير أنفسهم في الحياة، وأثبتوا من جهة أخرى غفلة كبارهم إلى الحد الذي يجوز فيه عليهم الغش، ويلتبس عليهم شؤونه)) ثم قال: ((وتفاقم الخطر عندما درجت الأيام بهذه البدعة. فطغت فريق الضعفاء على الصغار، ولوثت بها دماءهم وتركت الأقوياء يألفون الغش ويتعودون أساره ويبيعون به هيام الحشاش بعقاره المكيف)).
((وما انتهى المطاف حتى فقد الدنيا صغارها بما تلوثت به دماؤها، وفقدت كبارها بما تزلزل من عقولها الراجحة، وأصبحت الحياة في الكون رهينة بمقوماتها من ألوان الخداع أسيرة بأنواعه المخدرة)).
وبعد فأنت قمين بالنظرة العادلة التي تربك مكاني من مواطن الرشد كما أنك قمين بالرأي الثاقب الذي يزيد الأشياء ويفيها حقها.
ولا أتمنى شيئاً في حياتي إلاَّ أن تُلهَم الرشد في ضوء بصيرتك النيِّرة، وأن يمتعني بلقيا أمي ولقياك في قاع من قيعة الجن، أو حلقة من حلقات فلاسفتهم على أكتاف الروابي وراء العدوة القصوى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :355  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 111 من 114
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .