شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-33-
لست أعجب لشيء عجبي للمفكرين من أصحاب العقول السليمة.
إن مذاهبهم في الحياة لا تتفق في نظرية واحدة قط.. تعددت آراؤهم بتعدد شيعهم، واختلفت باختلاف مشاربهم ومثالبهم وألوان أفهامهم.
وليس في هذا ما يستحق الاعتراض في رأي المجانين من أمثالي.. ولكن مثار الدهشة أن تضيق أذهان الفريق من كل نوع أمام مخالفيه في الرأي، فلا يحاول فهمه، وتفنيد ما يعتقد في حرية واستقراء.. يتوخى فيهما التعرّف إلى النقطة التي أثارت الخلاف، ودراستها في دقة تكشف مكان الخطأ، وتضيء مسالك الصواب.
مثار الدهشة أن الفريق المخالف في أي حال لا يعنيه كثيراً أن يتلاقى مع مخالفيه في نقطة الابتداء بقدر ما يعنيه أن يعتز بشيعته، وأن يثبت لمبادئهم مهما كلّفه الثبات دون أن يمنعه تفكيره الراجح أو يثوب به عقله الراشد.
كنت أقول مرة لأحد المتعصبين في بعض مذاهب الفكر: إن نظرتك إلى الأشياء لا تتسع لجميع الزوايا مهما حاولتها لتكون شاملة، وإن حكمك في ضوء هذا لا يتعدى أن تقارب الصحة، لأن الصحة كاملة، لا يستوعب حقائقها عقل من البشر. فما زاد عن أن زوى ما بين عينيه!! وحدجني في اشمئزاز!! ثم أولاني ظهره!!
هذه الكبرياء على مناقشة الحقائق سعياً وراء الحلول الصحيحة ستظل مأساة البشر ما عاشت الحياة، وسيبقى مبعث الخلاف، ومدعاة الفتن التي عانت الأرض وتعاني من بلوائها ما لا ينتهي عند حد.
أمّا نحن -معشر المجانين- فستظل شقة الخلاف قائمة على سعتها بيننا وبين إخواننا العقلاء ما ظلوا على تعصبهم لما ألفوه من آراء أشاعوها عنا، وسيعجزنا أن نتلاقى بهم ما داموا نائين، يكبرون على النقاش، ويأبون الفلسفة إلاَّ في ضوء ما ورثوا من مذاهب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :332  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 66 من 114
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج