شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-32-
لِمَ لا تكون للمجانين دولة كما كانت للعقلاء دول؟
إن تاريخ الأرض يقص علينا حياة الإمبراطوريات والدول التي حكمت الأرض من يوم أن عرفت الأرض، وليس بين هذه الإمبراطوريات والدول دولة واحدة أو إمبراطورية يصح أن تنسب إلى المجانين.
إن في هذا من الغبن ما لا يرضاه عادل.. فما يمنعنا أن نحاول ولو مرة، لنهيئ للمجانين دولة يتمتعون بصولتها وينعمون بنفوذهم فيها؟
لقائل أن يقول: إننا لا نأمن عواقب المجانين في دولة لا يحكمها غيرهم، وفي هذا من الأنانية والتسرع ما لا تبرره هذه الحجة.
إننا جربنا العقلاء في جميع أدوار التاريخ، وتتبعنا قصصهم في جميع الإمبراطوريات والدول التي أنشأوها على الأرض من يوم أن خلقت الأرض، فلم تر في جميع ما تتبعنا أثراً يطمئن بالنسبة للعواقب التي يشفقون منها.
إن الصفة العامة لتاريخ العقلاء في جميع آفاق الأرض -إلاَّ في الشاذ النادر- مشبعة بالدماء، مطبوعة بآلات الفتك والدمار، ممتازة بألوان من الخراب لا يحدها وصف، فلماذا لا نقنع بما قاسينا في عهودهم، ونجرّب ولو مرة واحدة أن نعطي فرصة الحياة للمجانين. فنمنحهم قيادنا، ونسلم إليهم زمامنا، ونبيحهم ليحكموا آفاق الأرض في دول محدودة أو إمبراطوريات مترامية؟
إن جماعة المجانين يهزلون أكثر ممّا يجدون، ولا أستبعد أن تكون مآسي الدمار التي شهدها التاريخ في أظهر عصوره مستمدة من عناية العقلاء بجد الحياة، ومزاولتهم أمورها بأساليبهم الصارمة، فإذا أحلنا الأمور إلى المجانين.. فإن آمال مثلي تنعقد على هزئهم بالحياة، وسخريتهم منها، وهما خِلّتان لهما قيمتهما كلّما تعقدت المشكلات.
لسنا نطلب شططاً من الأمور ما دمنا نستلهم التجربة، ولا ننوي التسليم لدول مجنونة إلاَّ على إثارة بيّنة تثبت صلاحيتها بعد فساد العقلاء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :354  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 65 من 114
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.