شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-25-
قال لي صديق:
((أترى صاحب هذه الدكانة؟ إنه يغري طالبي الإحسان بالتجمع حوله، ليبدو أمام الناس سخياً كريماً)).. فاستنتجت أن صديقي أبعد الناس عن السخاء.
وقال لي آخر:
((أترى فلاناً ينفق في غير اتزان؟ إنه أمين صندوق إحدى الشركات، ولا أستبعد أن يكون قد استحل لنفسه من أموالها ما لا يحل)) فعلمت أن محدثي يطمح إلى أموال يستطيع اختلاسها لينفق في غير اتزان.
وقال لي غيره:
((أترى جارنا وقد تسلم ميراثه الجديد.. إن في استطاعته غداً أن ينشىء له مكتباً تجارياً يضرب به على كثير من أصحاب المكاتب، فأيقنت أن مخاطبي بعيد المطامح، وأنه لا ينقصه لكي يحدث دوياً في أوساط التجارة إلاَّ أن يهيأ له بعض المال.
إنها أحاديث عابرة تستمع إلى كثير من أمثالها في كثير من المناسبات، وهي في رأيي لا تدل على حقائق مَن نغتابهم أو ننقل عنهم بقدر ما تدل على حقائقنا المكبوتة.
إن في استطاعتك أن تقرأ جميع أفكار زملائك من مبادلتهم في الحديث، فالنفوس المطوية على خبث أو خداع أو أفكار فاجرة لا تراقب من أعمال الناس إلاَّ ما يتفق مع ميولها، أو يصلح تفسيراً لرغبات مكبوتة في ضمائرها، وليس كذلك النفوس المطوية على الطيبة والفضل والأمل الباسم، لأنها لا تراقب في الناس إلاَّ ما يفسر بالطيبة والخير ولا تلاحظ من أعمالهم إلاَّ ما يتفق ونزعاتها في الحياة.
ليس من آيات العقل عندي أن أسلّم بكل قصة تنال شرفك أو سمعتك، أو أؤمن على أي حديث يصلني عن مزاياك العظيمة.
وإنما آية العقل عندي أن أسمع في أناة إلى ما يرويه الناقل، وأن أراقب في خلال ما يروي ما يمكن أن أراقب من أهوائه وميوله، عساني أستطيع أن أستنتج لون الحقائق ممّا خفي وراء الكلمات.
قال لي رئيس إحدى المدارس وقد رأيته يؤنب طالباً في مدرسته:
إن هذا الطالب يتمنى الوقيعة بإخوانه، وليس لديه من وسائل الوقيعة إلاَّ أن يتهمهم بشرب الدخان، فإذا فسرت حبه للوقيعة بما يعتمل في صدره من خبث فكيف أفسر اختياره لتهمة شرب الدخان؟
قلت: إنه إمّا أن يكون مفرطاً في عداء الدخان أو مغرماً به إلى حد الهوس فالتمس أحد الأمرين فيه، وقد التمسه حتى وضع يده على ما قلت.
تلك آيات العقل في رأيي ولعلها من آيات جنوني في رأي الآخرين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :341  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 58 من 114
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .