شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(6)
حملت من يومين بطاقتك إلى صاحبك ولقد أعجبني فيه طلاقة المحيا ورحابة الحديث وحفاوته بأصحاب الحاجات؟ ولم يعجبني فيه أنه قالب حديدي أعد لصب المائعات في كيف محدود ليس فيه معدى ولا عنه تجاوز.
وما أن بدأته الحديث فيما جئت من أجله حتى احتفى بالفكرة وراح يدلل على رأيه فيها بمنطق حفاظ المتون وأسرارها.
قلت سيدي.. إن آفاق النفس أوسع من أن تحدها قاعدة صماء وإن منظمي القوانين ووضَّاعها عنوا بروح المادة قبل أن يعنوا برصف حروفها.. وإن ذهنية صافية تعرف كيف تفسر النظام خير من ألف خزانة حديدية تحفظ لنا محتوياته مصونة. فما زاد على أن أولاني ابتسامة فيها كل معاني الاستغراب ثم زايلني إلى أضابيره المصفوفة بعناية وترتيب.
هؤلاء قوم -مع احترامي لأبهتهم الوقورة- كلَّ استعدادهم في الحياة، أسفار من المجلدات الضخمة ينوؤون تحت أثقالها ويلوون ألسنتهم بالفخم من ألفاظها عند التلاوة والسرد.. أما معانيها وأما ما يفهم من ملابساتها فوالله إنه لأسهل عليك أن تجدها في حجر صلد على أن تلتمسها عند رؤوسهم الغليظة.
أردت أن أقول له أن الإثم في نظر أضابيرك الجامدة قد تلابسه ظروف واعتبارات لها ما تستحق من التوجيه وأننا لا نلتمس التوجيه وحسن التخريج في صوان مفعم بالكتب بقدر ما نلتمسه في ألمعية متوقدة وذكاء متوثب.
ولكني وجدت أني أزيح البوذيين عن معابدهم ولا أزيحه عما يعتقد فاستأذنته في مثل محياه الطلق وخرجت لا ألوى.
يا ضيعتنا بهذه الأخشاب المركزة على مساندها وفي أفواهها ألف لسان ينطق بألف لهجة لا تعرف منها إلاّ مخارج حروفها وموضع التفخيم منها.
ألا من مبلغ هؤلاء أن في خلايا الدماغ تلافيف تؤدي وظائفها مستقلة كل واحدة منها عن الأخرى وأن من هذه التلافيف من تقتصر وظيفته على الفهم والإدراك للأمور واستبطان حقائقها وأن شيئاً من الاستغناء عن هذه الوظيفة كفيل بأن يعطلها ثم يلغيها ويجعل من صاحبها أداة للمحاكاة والتقليد الأعمى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :290  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 63 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .