شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أيتقاتلون للمبادئ؟؟
كم من مرة وجدتني أسائل نفسي: هل تحضر العالم بعد هذه المسيرة الطويلة التي أدمت قدميه في فدافد الحياة، وبعد هذه التجارب المريرة لازمت تاريخه فوق الأرض من أول يوم خلقت فيه الأرض؟
لقد كان ينازل خصمه بالحجر أو بالحديد في وحشية بالغة؛ لأن ذهنيته لضيقها لا تتسع لفهم خصمه، ولأن خلافه مع الخصم لم يكن خلاف رأي بقدر ما هو خلاف للاستئثار بالغنيمة، يطعم جوعته بها أو المرأة يطفئ لوعته عندها على نحو ما ألفت الوحوش في غاباتها.
كل ذلك كان مقبولاً يوم كانت الطبائع جلفة لم تهذبها الحياة أو تصقل مواهبها.
والجلف لا يبالي في سبيل انتصاره أن يدوس في شخصك كل مكرمات الحياة؛ لأنه لا يخاصمك إذا خاصمك خلافاً على رأي بل بدافع من حقد طاغٍ وشهوة عارمة وأعصاب تتوتر في غير منطق.
ولكن هذا الإنسان الذي ساير مئات الحضارات عبر التاريخ، وشذبت طباعه ملايين الأحداث، واستطاع أن يسمو بمدنيته فوق كل ما عرف من مدنيات فوق الأرض.. هذا الإنسان الذي تحدثك ثقافته العلمية عن أرقى النظريات الأخلاقية ما باله يسلك في معاملة مخالفيه أرخص المعاملات السلوكية وأدناها إلى أعمال وحش الغاب.
ما باله لا يبالي أن يقضي على خصمه بأفتك آلات الدمار وأكثرها هولاً وأشدها فناءً.
أيُقال إن بين المتخاصمين خلافاً على مذهب اجتهد فيه الرأي فآمن به أصحابه؟
أخشى أن يكون خلافاً على حب البقاء.. خلافاً على شهوة السيطرة، فكان لا بد له أن يصطدم ببقاء آخر لا يقل عنه شهوة وحباً في السيطرة.
ما يمنع الناس أن يختلفوا على المبادئ الفكرية دون أن يبالغ كل مخالف في تقدير ما انتهت إليه فلسفته الخاصة إذا كان مخلصاً بحق لمبدئه لا لشخصه.
ترى هل كان المذهب يعنيهم بقدر ما تعنيهم أنفسهم؟ إنهم يشعرون بالخطر يداهم نفوذهم من أدنى الأرض إلى أدناها فما بالهم لا يتواثبون!
أيُقال بعد هذا إنهما يتخاصمان على المبادئ؟.. لقد عاشت المبادئ مظلومة في كل أدوار التاريخ.. وعاش البشر يتنازعون تحت رايتها بهتاناً وإفكاً وهم في واقعهم لا يتنازعون إلاّ لأنفسهم في غوغائية كاذبة.. وسيظلون على أمرهم ما عاش الإفك والبهتان حتى يرموا بثقلهم على مركز الأرض فتخسف بكل ما على سطحها من بشر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :382  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 52 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الأول - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج