شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عزيزي الصديق
عشتُ.. وعاشت لي سطحيتك، فلا شيء ألذ من الغباوة التي تتمتع بها إلى جانب خفة روحك وسلامة نيتك.
لا يا صديقي.. لا تستعجل الحكم لصاحبك بهذه الميزات التي تتراءى أمامك في بعض ما يعامل به الناس.. كن حذراً ما استطعت قبل أن تحكم لي أو عليَّ فرضا الناس غاية لا تدرك.
نسيت أنه عبس وبسر يوم جاءته أم الصبايا ترجو نيله لمواصلة ابنها للدراسة.
ثق يا صاحبي أن الأخلاق العالية كثيراً ما تكون كياسة يفرضها الذكاء كضرورة من ضرورات النجاح.
ووعوده هذه التي تراها في أكثر المناسبات صادقة لا يكفي في شأنها أن تستغني بما رأيت منها، فثمة غيرك مئات جرّبوا ألواناً من مينه وبهتانه.. فهل يغر بك هذا لتتعلّم العمق أم تعيش كما عشت بادي الرأي، سعيداً بهذه الطيبة الحلوة التي حبّبتك إلى سائر مَن عرفوا غفلتك.
تعرف يا صديقي أنني أو إياك كثيراً ما نصدق أو نفي لأننا لا نملك إلاّ أن نصدق ونفي.. ترى هل تسمي هذا صدقاً نابعاً من الطبع؟
وهل تعرف أنني أو إياك كثيراً ما نتحاشى السيئة ونترفع عنها لأن بعض ملابساتنا أو ظروفنا الاجتماعية تفرض علينا سمتاً خاصاً.. ترى هل تُسمى هذه فضائل أصيلة؟
وهل تعرف أنني أو إياك ربما طرقنا بعض دروب الحياة في نزاهة مطلقة!! لأنه كان ينقصنا كثير من براعة غيرنا.. ترى هل تُسمّي هذه ميزة كريمة.
لا أريد أن أقول لك إن كل ما في الحياة بهتان، ففي هذا افتئات على النبيين والصدِّيقين والصالحين -وقليل ما هم.
أريد أن أقول لك: لا تستعجل الحكم قبل أن تتعمّق.. ولا تتزعم الرأي في هذه الحياة أو تسلم به قبل أن تقلب الأمور على سائر وجوهها.. وإن أبيت إلاّ أن تعيش لسلامة نيتك.. فهلم.
هلمّ يا صديقي.. وخذ سببك إلى أعلى جبل في صعيدك لتعيش مع أحلامك الناعسة وأوهامك اللذيذة.
لا تنسَ يا صديقي أن صاحبك يبدو شهماً عالي المروءة في بعض مواقفه وينسى كل هذا في مواقف أخرى.. فهل تظنه كان فاضلاً فيما بدا من شهامته أو خسيساً في موقفه الآخر.
أبداً.. فقد كان يخدم ذاته في الأولى كما يخدمها في الثانية.. إنه ذكي طويل المراس يعرف كيف يملك ناصيتك بمروءته إذا دعا داعيها.. كما يعرف كيف يؤيد ذاتيته بصلفه إذا قضت بذلك الضرورة.
تحسبني بعد هذا أريدك لتتنكر لما يبدو من إحسانه أو تكفر به يوم يخطئ ظنك فيه.
لا فلست عليه بوكيل، والحياة ذكاء.. حسبك أن تتولى نفسك فلا تنساق وراء كل بادرة فتحكم لها أو عليها، فذلك شأن البدائيين.. تعمّق وانس طيبة البله.. ولكن إلى قدر.. لئلا تفقد كل صداقاتك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :386  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.