شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في الطواف
إن كثيراً من أفكار الحياة تحيّرني فلا أفهم لها معنى.
يذكرني بهذا ما أشهده من ضوضاء الطواف وجلبته التي تقضي على هدوء الطائف وخشوعه ومتعته بالاتصال بربه.
إنني أفهم معنى أن يصرخ المطوف وهو يتقدم حجاجه في الطواف ليسمعهم الكلمات التي يتلقنونها واضحة. أما الشيء الذي لا أفهمه فهو متابعتهم إياه بنفس الصراخ.
إذا كنا نجيز له أن يصرخ لأنّه مكلّف بإسماع مَن خلفه، وربما بلغ عددهم العشرات، فهل كان تابعوه مكلفين مثله بإسماع أصواتهم إلى أحد ليجيزوا لأنفسهم هذا الصراخ الذي يملأ المطاف جلبة وضوضاء، ويقطع على الخاشع لذّة الهدوء في طوافه.
أرى أنه أمر في أشد الحاجة إلى نظر الجهات المعنية بالدِّين. فإذا بدا لها أن من الخير للحجاج أن يرددوا ما يسمعونه من مطوفيهم في ذات سرهم دون أن تصحبه أصوات صارخة فإن في استطاعتهم الإيعاز إلى وزارة الحج لتكلِّف المطوفين بالتنبيه على حجاجهم قبل كل طواف أن لا يرفعوا أصواتهم فيما يتلقنون، وأن يعيدوا ما يسمعونه سراً دون أن تجهر به أصواتهم.
ويلفت نظر الطائف في أسبوع الزحام كثرة الأوساخ في المطاف على الرغم أن المشهود لأغوات المسجد عنايتهم بالكنس والتنظيف في صورة مستمرة ولكن الزحام الذي يأبى إلاّ أن يغلبنا على كل شيء لا يتركنا حتى في المطاف، ولو قدرنا لهذا حقه لاستطعنا أن نعد للشيء عدته بفرض نوبة على بعض المختصين من الأغوات ليتعقبوا الأوساخ في أيام زحام الطواف ويحاولوا إزالة أهمّه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، فإن من يشاهد أوساخنا في ذلك اليوم ربما حكم على قصورنا ونسي جميع جهودنا المضنية في سائر أيام السنة.
ولا تقتصر الأوساخ في أيام زحام الطواف على المطاف بل إن أكثر زوايا المسجد ومشاياته وأركانه تجمَّع فيها كثير من أوساخ الحجاج حتى أحيلت إلى مناظر تكتئب لها النفس، فلو عنيت إدارة المسجد بانتداب مراقبين لا يملون من الزحام ليشرفوا على نظافة المسجد لظهرنا أمام الحاج بما يشرفنا.
ويبدو أن المعنيين بدار الرعاية غفلوا في غمرة الزحام عن المتسولين في المطاف أيام الزحام، فقد شوهدوا يعرضون عاهاتهم للطائفين، وربما كان الحاج معذوراً، إذا انتقد ما يشاهده وهو لا يعلم ما نبذله لهم وما ننفقه على إعاشتهم في دار الرعاية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :389  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 32 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

وحي الصحراء

[صفحة من الأدب العصري في الحجاز: 1983]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج