شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عندما تتأخر قوافل الحج
ممّا يلاحظ من شؤون مواسمنا في السنوات الأخيرة أن حجاجنا بات يلذ لهم كثيراً أن يتباطأوا ما استطاعوا في قدومهم إلينا سنة بعد أخرى حتى لأكاد أوقن بأن السنوات الآتية سوف لا نستقبلهم إلاّ بعد إهلال ذي الحجة أو قبيل يوم التصعيد.
ربما كان عذر الأغلبية الساحقة منهم أن الحج عرفة، فما عليهم إذا تباطأوا في انتظار آخر أسبوع أو حتى آخر يوم يشرق في نهايته صبح عرفة.. وما دامت وسائل النقل أصبحت أمامهم سهلة ميسورة؟ فما يمنعهم أن يختزلوا مدة إقامتهم إلى أدنى حد ممكن توفيراً للوقت واقتصاداً في النفقة؟
لقد مضت الأيام التي كان الناس فيها ينظرون إلى الحج نظرتهم إلى متعة روحية يحاولونها لتطول بهم في أماكن القداسة، ينسون في غمارها جميع مشاغلهم الحياتية، وينصرفون بقلوبهم إلى العبادة والابتهال وكسب المزيد من الحسنات كتعويض عما أسلفوا في حياتهم.
مضى كل هذا بمضي السنين وحل محله جديد لا يعنيه من أمر الحج إلاّ أن يقف يومه في عرفات، ولا يكاد يزدلف إلى منى حتى يهيب بمطوفه أن يساعده في النفقة، وإذا استطاع ذلك في أول فوج فتلك منة لا تقدر عند الحاج بثمن!!
ونحن إذا صرفنا النظر عمّا لا شأن لنا به من خصوصيات الحجاج فإن ما نعانيه حكومةً وشعباً من زحامهم في أسبوع الحج أصبح شيئاً لا يُطاق احتماله.
فبواخرهم تنهال أكثر ما تنهال في أيام هذا الأسبوع، فتضيق الميناء على سعتها بعشرات الألوف تتقاطر في تتابع مستمر، فيعاني الموظفون والمكلفون باستقبالهم وتوزيعهم وقيد أوراقهم وترحيلهم من المشقة والسهر والإرهاق ما يتجاوز طاقة البشر.
إذا أضفت إلى هذا ركاب الطائرات التي تهبط المطار بأكثر من عدد ساعات النهار والليل، تحمل الأفواج تلو الأفواج وألحقت به ألوف السيارات التي تسيل بها سائر الطرقات إلى مكة، وما تفيض به البوادي من ركبان أو مشاة ظهر لك مدى ما تقاسيه البلاد حكومتها وشعبها، موظفوها ومطوفوها وسائر المكلفين بمرافق الخدمة في مجال الحجاج من نصب وإرهاق خلال أسبوع الحج.
إليك مثلاً واحداً.. كان المطوفون فيما مضى من سنيهم يستقبلون حجاجهم في أناة، فلا يأخذ الفوج من القادم برقاب ما قبله.. وكانوا إذا أهلَّ شهر الحجة يحصون ما في بيوتهم من عدد الأشخاص ولا يعجزون عن تقدير ما ينتظرونه في اليومين الآتيين، وبذلك يعدّون عدتهم للترحيل والخيام وما يلزم من عدة وخدم، فيمضون أياماً هادئة هانئة.. أما اليوم وقد زلزلت الطائرات السريعة والبواخر القوية علينا أرضنا، فقد أصبحنا في غمرة من الزحام المفاجئ.. فلا غرابة إذا ارتبك موظفونا، واضطرب حساب مطوفينا وضغط التدافع على سائر مرافقنا وأسواقنا وبيوتنا.
إني أقترح على أصحاب الأمر أن يحاولوا تخفيف هذه الوطأة ما أمكنهم ذلك، فيعلنوا إلى أصحاب شركات البواخر والطائرات وسيارات البر بأن لا يقلوا ركابهم إلاّ إلى يوم محدد يعينونه ليكون كافياً لاستقبال الحجاج في عناية لا يرهقها الزحام.
إننا بذلك ربما حملنا الحجاج في سائر أقطارهم على أن يفكروا في رحيلهم مبكرين ما استطاعوا، وبه نمنح الفرصة واسعة لسائر المختصين بالخدمة في سائر مرافق الحجاج بأن يؤدوا واجباتهم في تؤدة تساعد على راحتهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :374  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 30 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأربعون

[( شعر ): 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج