شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نحن وهم.. في ميادين التنافس!
من أطرف ما قرأتُ عن الانتخابات الألمانية الأخيرة أن الأحزاب في ألمانيا الاتحادية عقدت اتفاقاً فيما بينها يحدد شكل الإجراءات الانتخابية، ويحد من وسائل التنافس ولا يبيحهم دخول المعركة إلاّ بالوسائل الشريفة. وقد جاء هذا الاتفاق في 12 فقرة تناولت أهم ما تناولت الإقلال من النفقات المالية في سبيل بث الدعاية، فتحظر وسائل الإعلان والدعاية بالطائرات من كتابة العبارات في السماء بواسطة السحب الصناعية، كما تحظر الدعاية في محطات الإذاعة والتلفزيون تفادياً من دفع الرسوم الباهظة التي ترهق الجيب الألماني، وأن لا توزع النشرات على البيوت بطريق البريد، ولا الإعلانات بواسطة الصحف والمجلات إلاّ في أوقات حددتها الاتفاقية، وأن لا تشرع الأحزاب في إقامة لافتات الدعاية إلاّ في أماكن قررتها الاتفاقية وحددت مواعيدها.
إلى آخر ما جاء في الاتفاقية ممّا يدلل على ميزة الوعي الألماني ومبلغ إدراكه لحقيقة الحياة البرلمانية التي يعيشها والحقائق العالية التي يعنيها أسلوب المنافسات.
فليت بلاد الشرق التي لذ لها تقليد الحياة البرلمانية تدرك الحقائق الدقيقة التي تنطوي عليها معاني حياة البرلمان.
ليت إخواننا وهم يتطرفون في الأخذ بأسباب الدعاية لأحزابهم فيتبارون في بذل الملايين وربما أباحوا لبعض المهتمين بنتائج انتخاباتهم من الأجانب والجيران أن يتعرضوا لشراء الأصوات في السوق العامة ليضمنوا صداقة النواب الفائزين.. ليتهم وهم ينفقون بشتّى الوسائل ومختلف الأساليب، ويعرضون مواطنيهم لأقسى أنواع الشقاق والمنابذة، ويضحون بعشرات القتلى ومئاتهم في سبيل فوز مرشح أو سقوطه.. ليتهم يعلمون أن حكمة الحياة النيابية قامت لغير هذه الأغراض.. وليت غيرهم يعرف أن عنايتهم بالانتخاب الصناعي الذي يوجّه الناخب ويفرض عليه الوسيلة ويعين أمامه النتيجة ليست إلاّ أساليب تسيء إلى روح الأمة وتفقدها أصالتها وتهيئها للحياة الزائفة التي لا يتحقق بأسبابها أي تقدم.
ليسوا سواء في هذه الحياة أمة تشترط الوسائل الشريفة في معاركها الانتخابية وأخرى لا يهمها إلاّ أن تظفر بالنتائج مهما كانت وسائلها.
ولا يقتصر الأمر على معارك الانتخاب فيما أرى، فميادين العراك سياسية كانت أو تجارية أو علمية أو أدبية لا يهيئها للنجاح شيء كما تهيئها الدراسة الصادقة. أمامنا اليوم مثل قائم في ميدان التجارة طالما شهدنا فيه أفراساً لا يهمهم إلاّ أن يتنافسوا دون أي اعتبار لما تقتضيه الدراسة الصائبة والنظر الصادق حتى جاء التنافس على أهم مقوماتهم.
وأمامنا مثله في ميدان الطوافة، ومثله في ميدان المناقصات وغيره في غير ذلك من شتّى مياديننا المحدودة.
ما أحلى أن يتعاقد المتبارون على أن يؤدوا مصالحهم ولا يسيئوا إلى مقدرات بلادهم ولا يهدروا أنفسهم وأموالهم، وأن يتبصروا العواقب قبل أن تخر السقوف من فوقهم وهم لا يشعرون.
لا مستحيل في هذه الحياة فكل ميادين التباري والمنافسات في البلاد الراقية نظمت في أشكال تصون مقدراتها وإلاّ لأغلقت المصانع والورش وبيوت التجارة وسائر الأعمال التي تتعرض للاحتكاك جميع أبوابها.
إن التنافس في كل ميادين الحياة لا يعني التدابر والمضاربات المدمرة، فيتعين على المتنافسين في كل مجال أن لا يفارقوا عقولهم ليثبت الرجل منهم أنه الوحيد القادر.. إنه شطط يجب أن يتلافاه عقلاء المتنافسين، فيقيدوا مضارباتهم بوسائل شريفة تنظم أعمالهم ولا تسيء إلى المستفيدين في الميدان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :358  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 29 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الجمعية النسائية الخيرية الأولى بجدة

أول جمعية سجلت بوزارة الشئون الاجتماعية، ظلت تعمل لأكثر من نصف قرن في العمل الخيري التطوعي،في مجالات رعاية الطفولة والأمومة، والرعاية الصحية، وتأهيل المرأة وغيرها من أوجه الخير.