شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الصالونات الأدبية في السعودية (1)
بقلم: عبد العزيز خميس
صليت العشاء بالحرم المكي. وملأت عيني وقلبي من أنوار الكعبة المشرقة. وشربت كوباً من ماء زمزم.. ثم توجهت، وأنا أدعو الله أن يرزقني ـ ما حييت ـ العودة إلى هذا المكان الطاهر.. توجهت إلى فندق الحرم عبر الميدان الفسيح الذي يفصل ما بين الفندق والحرم المكي، لكي أتناول عشائي الخفيف ولكي آوي بعده إلى فراشي.
وبينما النوم يحاول التغلب على الأرق، الذي أصبح طبيعة من طباعي إذ برنين التليفون يعود بي إلى اليقظة.
كان المتحدث هو الصديق هانئ ماجد فيروزي.. قال أنه في انتظاري لكي نتوجه إلى مركز الشباب لشهود الاحتفال بافتتاح معرض الفنون التشكيلية..
وفي الحقيقة لم أتخيل أبداً، إقامة معرض للفنون التشكيلية بمكة المكرمة، ولهذا رحبت بدعوة الأخ هانئ.
وفي مركز الشباب بمكة وهو مركز مبني على أحدث طراز، شاهدت قاعات عديدة للعروض الفنية. بالإضافة إلى قاعات أخرى للرياضة بمختلف فروعها، وحمام سباحة ومكتبة، وقاعة للمسرح وللتدريب على مختلف الآلات الموسيقية.
ووجهت إلي أسئلة كثيرة عن مؤسسة روز اليوسف كمدرسة نشأ وأشتهر من أبنائها كثير من روّاد الفنون التشكيلية ليس في مصر وحدها ولكن في العالم العربي كله.
سألوني عن العملاق جمال كامل وعدلي فهيم، وعن المرحوم حسن فؤاد، وعن عبد العال وشريف عليش وإيهاب شاكر..
وحدثوني كثيراً عن أسلوب مدرسة روز اليوسف الذي تميزت به في معالجة القضايا السياسية والاجتماعية بالكاريكاتير.
وعلمت من بين ما علمته أنهم يستعدون لإقامة معرض كبير للإنتاج الفني للفنانات السعوديات بالولايات المتحدة ورحبوا كثيراً حين ذكرت لهم، أن مصر هي المكان الطبيعي الذي يجب أن يكون فيه مثل هذا المعرض.
وظننت أن برنامج الليلة انتهى بحضوري لافتتاح معرض الفن التشكيلي لكني فوجئت بالأخ هانئ يخبرني بأنه سوف يقدمني للمهندس عبد القادر كوجوك الأمين العام لمنظمة العواصم الإسلامية وأمين العاصمة المقدسة السابق وذكر لي في معرض تعريفه للمهندس كوجوك أنه من أوائل أبناء السعودية الذين تخرجوا في كلية الهندسة بجامعة القاهرة.
وتخطيت باباً واسعاً يؤدي إلى بهو واسع تطل عليه أبواب تجاوزنا إحداها فإذا بنا في صالون واسع مؤثث على الطراز العربي وتمتد الأرائك والمساند على امتداد حوائطه وبالأرض المفروشة بالسجاد صنعت أواني الطعام والأطباق وإلى جانبها الفاكهة على استعداد لكي تشبع جوع الحاضرين.
وجلست إلى جوار المهندس عبد القادر كوجوك وبدأنا نتبادل الحديث، قال إنه سوف يسافر في اليوم التالي إلى القاهرة تلبية لدعوة يوسف صبري أبو طالب محافظ القاهرة وفوجئت بأنه صاحب اهتمام خاص وهواية بالتراث الموسيقي، وطلب مني أن أدله على من يعاونه على إشباع هوايته، فذكرت له اسم الصديق إبراهيم زكي خورشيد والزميل سليمان جميل وتحولت الجلسة إلى ندوة يتبادل فيها الحاضرون الحديث في مختلف الشؤون، خاصة تلك التي تهم الإنسان العربي وتعالج آلامه وآماله..
وكانت سهرة استمتعت فيها بلون راقٍ من الحياة الاجتماعية، هو اللون الإسلامي الذي اندثر في كافة أنحاء العالم العربي، ولا زالت له بقايا يحرص على إحيائها بعض خيار المواطنين في المملكة العربية السعودية.
وفي هذا المقام أقول إنني شهدت في جدة أمسية أدبية ثقافية، هي في حقيقتها إحياء للصالونات الأدبية الثقافية التي وجدت في مصر، وكان لها دورها الذي لا ينكر في إثراء حياتنا الأدبية حتى نهاية الأربعينيات.
فقد أتاح لي أصدقائي السعوديون فرصة حضور الأمسية التي يقيمها السيد عبد المقصود خوجه وهو من كبار رجال الأعمال بالسعودية مساء الاثنين من كل أسبوع وكان الموضوع الأساسي الذي نوقش خلالها هو كتاب الدكتور عبد الله الغذامي الذي حصل على جائزة من الدولة منذ فترة قصيرة.
تحدث الدكتور الغذامي مؤلف الكتاب عن كتابه في عرض موجز، أبان فيه الأفكار التي ركّز عليها والنهج الذي سار عليه وهو يطرح هذه الأفكار.. ثم بدأت الأسئلة من الحاضرين وجلهم من رجال الفكر والأدب والصحافة.
وكان المؤلف يرد كل استفهام يوجه إليه بصدر رحب لأن بعض الأسئلة كان يحمل في ثناياه النقد اللاذع للمؤلف.
وبعد أن انتهت المناقشات في جو أدبي ثقافي ـ راقٍ، دعا صاحب الأمسية عبد المقصود خوجه الحاضرين إلى الموائد التي انتشرت في البهو الكبير الذي يقع في مدخل منزله.. وانتقل التسامر من قاعات المنزل الداخلية إلى الموائد التي ضمت كل منها مجموعة من الحاضرين.
.. الحقيقة أن ما أتيح لي أن أشهده خلال زيارتي الأخيرة للسعودية كان جديداً عليّ فقد كنت في كل زيارة سابقة أركّز على العبادة وحدها سواء في مكة المكرمة أو في المدينة المنورة.. ولما ذكرت ذلك للأخ هانئ ماجد فيروزي قال لي ((لا تنس أن العمل عبادة)) وأخذت بنصيحته فأرضيت ربي بالتوجه إليه عابداً متعبداً في الحرمين المكي والمدني وأرضيت نفسي بالعمل الذي لا يخرج برحلتي عن هدفها الأصيل وهو العبادة.
واذكر هنا أننا مقصرون في استكشاف أسلوب الحياة الذي نحياها في عالمنا العربي.. فالمصري لا يركّز في غالب الأحيان إلا على الطريقة التي يعيشها أبناء مصر.. واليمني لا يعرف إلا أسلوب حياة اليمنيين والسعودي لا يعرف إلا عن السعودية.. إلخ.. بينما نحن في أشد الحاجة إلى المزيد من المعرفة لبعضنا البعض، حتى نزداد قرباً، المصري والسعودي واليمني والسوري، والكويتي والجزائري، والسوداني، والمغربي،.. إلخ..
وللأسف الشديد فإن التقدم المذهل في وسائل الاتصال زاد من معرفتنا بالعالم الغربي، ولم يزد من معرفتنا ببعضنا البعض، نحن أبناء العالم العربي!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :338  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 198 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج