شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عبد اللَّه بغدادي.. لمحات من بيانه الأدبي (1)
بقلم: حسين عاتق الغريبي
لن أتحدث عن الأستاذ القدير عبد الله عبد المجيد بغدادي، مربياً وأحد أعلام الإدارة التربوية في المملكة العربية السعودية، فتلك سمة بارزة يعرفها طلابه ومحبوه، وكل رجال التربية والتعليم.
والحقيقة أن أستاذنا الراحل تغمده الله بواسع رحمته كان من المبدعين في النثر الأدبي، يختار مفرداته بعناية، وينظمها في عقد يزهو بالمحسنات البديعية، وله في الشعر ومضات باهرة تعكس صوراً شعرية في غاية الجمال.
وقد كان رحمه الله من عشاق مجالس الأدب، لازم منتدى (الاثنينية) منذ تأسيسه، ويعتبره الأستاذ عبد المقصود خوجه أحد أعضاء (أسرة الاثنينية) تقديراً لمكانته الأدبية، ووفاء لمشاركاته في فعاليات أمسيات التكريم.
في 29/5/1408هـ الموافق 18/1/1988م احتفلت الاثنينية بتكريم الرياضي المعروف الأستاذ عبد الله كعكي.. وكانت كلمة الافتتاح للأستاذ عبد الله بغدادي التقط منها هذه الباقة الزاهرة من الجمل البديعة. يقول رحمه الله: (ولو ذهبت بحثت عن روّاد هذا المنتدى وصناع الفكر فيه، لوجدتهم جميعهم رجال صدق عند الله، استجاشوا وفاءهم لرسالتهم، وحسن صنيعهم وبر عهدهم وصدق وعدهم، هم رجال من الطراز الأول علماً وتعليماً وحسن دراية، ولو نظرت إليهم لوجدت لباسهم التقوى، ورياشهم العلم، ولفاعهم الأدب، ورداءهم الرزانة، عليهم مسوح النور الجابر، والشعاع الحاني).
وفي أمسية تكريم الشاعر المبدع الأستاذ فاروق صالح بنجر بتاريخ 26/10/1415هـ الموافق 27/3/1995م، نثر مفرداته البلاغية، وغرد بأبيات شعرية أهداها لفارس تلك الأمسية قال فيها:
يا زنبق الشعراء يا روح الصبا
صارت لك الدنيا ترف وتعبق
شعراً ندياً راق فاتنة الربا
فتمس رياه الفصول وتنشق
ما أنت راسم لوحة بل كوكب
لك في سماء المنتدى بك مشرق
تستاف من عبق اللحون أريجها
يسري به عبر الخمائر زورق
يا عاشق الإبداع صوتك كم به
أكمام أزهار البديع تفتق
شعر تهيم به القلوب شجية
وتغوص في أحلامها وتصفق
.. إلى آخر القصيدة.
وعندما كرمت (الاثنينية) أديبها الأستاذ عبد الله بغدادي في 18/11/1424هـ كان شاعرنا فاروق بنجر وفياً لأستاذه.. تحدث عنه وأهداه أبياتاً طرب لها الجميع، وأسعدت المحتفى به، قال فيها:
هنيئاً لك الحب الحفي ومثله
تجلة أجيال بزهرك عطروا
طلعت وأعباء البكور مطلة
ينابيع من رؤيا المنار لتذكر
وكوكبة أبهيت فيهم وافقكم
مدل بإشعاع الفصول مؤزر
قرأناك في الجيل المضيء أما ترى
فصول غواديكم تضيء وتكبر
وها أنت في نهر السنين مبجل
بمرآة أيام العبير منور
أدر طرفك الحاني ففي الضوء شرفة
لمرآك ما أحلاك بالعطر تنثر
وفي بداية مشاركته فعاليات (الاثنينية) نجده يكشف لنا عن جانب (التأصيل) في شخصيته الأدبية. ففي تلك المشاركة الأولى مساء يكرم الشيخ أبي تراب الظاهري 1/7/1404هـ أعطيت له الكلمة حيث جاء فيها: (نحن أمام رجل قد تجمعت في رأسه قواميس اللغة العربية، وتجمعت في شخصيته دوائر معارف، كأنني أتذكر أستاذنا علي الجارم بك ـ رحمه الله ـ وهو يملي عليَّ قصيدة من قصائده، وكان يحلو لأستاذنا الجارم عندما كنت أتتلمذ عليه في كلية دار العلوم في جامعة فؤاد الأول في القاهرة، وكان ذلك قبل أربعين عاماً. كان الجارم يقول: احضروا الولد الحجازي لأملي عليه قصائدي. كان يستملح خطي، فيملي علي هذه القصائد).
ومن كان أستاذه الأديب الشاعر المعروف علي الجارم لا غرابة أن يبرز في مجال الأدب، خاصة إذا كان قريباً منه.
ولعلّ قرب أستاذنا البغدادي من العالم الموسوعة أبي تراب الظاهري حبب إليه مجاراته في الأسلوب البلاغي، فقد كانا معاً في رحاب (الاثنينية) ونلاحظ هذا التأثير في الكلمة التي ألقاها في أمسية تكريم السيد علي حسن فدعق 22/7/1404هـ حيث جاء فيها: (لقد أثرى الفدعق هذه الحياة الإنسانية ضارباً فيها متوغلاً في دروبها، لذلك جاءت أعماله التي تقلدها في المالية أو البلدية وضاءة، وكانت أفعاله وضاحة وصنائعه مفصاحة، لا تستهدي الأمر، لأنها الأجر.. ولا تبغي نوالاً لأنها النوال، ولا تستمرئ أحداً لأنها في عافية من ربها، وسلاة من خالقها، وكفل من حينها، وسياج من ضميرها، وإسعاف من وجدائها، ورضاء من ذاتها، وإدراك لحيواتها، وقناعة بمالها، وسكينة في أحوالها.. لا نقول إنه توارى في الزاوية الهجيرة، واختفى في الناحية الجهيلة، واستحلس (أي الزم) (الأرض الواسعة البعيدة) النسيان، وافترش أفناء رمال دارسات.. فإنه إذا أخفى اللئام أعماله رأيته وعليه مسوح النور الجابر.. والشعاع الحافي والضوء الهادي) إلى آخر الكلمة التي لا تخلو من الفنون البلاغية التي نجدها في قاموس أبي تراب الظاهري.. غير أن شعر أستاذنا البغدادي لا تظهر عليه الألفاظ المعقدة أو الغامضة.
هذه بعض الومضات التي أردت بها التعريف عن جانب من شخصية أستاذنا الراحل عبد الله بغدادي. أسأل الله تعالى أن يكرم مثواه، ويجعل الجنة مأواه ويجزيه خير الجزاء على ما قدم لامته ووطنه، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :460  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 194 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج