شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شمعة مضيئة
تواضعوا يرفعكم الله (1)
بقلم: حسين عاتق الغريبي
ـ من المؤسف أن تظل ملامح (الكبرياء والغرور والإعجاب بالنفس) تطغى على الإنسان (الجاهل) دون وعي للنتائج السلبية لهذه الصفة الذميمة!
ـ صور عديدة.. تعبر أمامنا.. تعكس مظاهر كريهة لا توحي بأن أصحابها يدركون قيمة (التواضع) وأثره في نفوس الآخرين.
ـ أتساءل أحياناً:
ـ ماذا يضيف الكبر والتعالي على شخصية الفرد؟
ـ وهل يشعر من تلبَّس مظهر (الفشخرة) بسهام النقد المصوبة نحوه؟
ـ وكيف يمكن علاج هذا (المرض النفسي) الوبيل؟!
ـ إن المتعالي على خلق الله لا يرى ـ في الواقع ـ إلا نفسه.. تحفُّه الأوهام من كل جانب فيعتقد أن الناس تحترمه لجاهه أو ماله أو مواهبه.. وبهذا المظهر المادي (الجاف)، وبخيلائه، يحاول إبراز شخصيته ليلفت الأنظار إليها!
ـ ونسي هذا (الجاهل) أن الرفعة (الحقيقية) لقدر الإنسان تكمن في الجوهر الذي يجذب الانتباه، ويعجب ذوي الأخلاق الرفيعة.. والتواضع هو (الجوهر) الحقيقي، ومن خلاله تعرف الشخصية الإنسانية السوية.
قال الله تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (الحجر: 88).
ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العفو لا يزيد العبد إلا عزاً فاعفوا يعزكم الله، وإن التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة فتواضعوا يرفعكم الله وإن الصدقة لا تزيد المال إلا نماء فتصدقوا يزدكم الله)).
ـ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم (أشد الناس حياءً وأكثرهم تواضعاً).
ـ وقال أبو مسلم صاحب الذخيرة: (ما تاه إلا وضيع ولا فاخر إلا لقيط، وكل من تواضع لله رفعه الله).
ـ ومن عجب أن تمرَّ الصور المشرقة بالتواضع أمام (المشغول) بمظهره الخارجي دون أن يتعظ، فيعدِّل من سلوكه المشين، لأنه ـ كما قلت: لا يرى سوى نفسه!
ـ إن من الفوائد العظيمة التي جنيتها ـ ولله الحمد ـ من انتسابي لاثنينية الرجل الفاضل الأستاذ عبد المقصود خوجه التعرف على نماذج مضيئة من الرجال الأفاضل (الكبار) الذين يمثلون بحق المعنى الأصيل للتواضع ـ قولاً وعملاً ـ ذلك ما أشعر به، ولا أزكي أحداً على الله تبارك وتعالى.
وممن شرفت برؤيتهم وأنست بحديثهم في هذا المنتدى الرفيع، معالي الأستاذ الدكتور عبد الهادي بوطالب.. الذي كرمته (الاثنينية) في 3/1/1425هـ الموافق 23/2/2004م وهو علم كبير من المغرب الشقيق، وشخصية عالمية عرف بإنجازاته العلمية والفكرية وإبداعاته المتنوعة، وليس هنا مجال الحديث عن مناصبه المتعددة ومؤلفاته العديدة، وإنما أردت الإشارة إليه كنموذج مضيء في تواضعه وخلقه الرفيع، وفي مجتمعنا السعودي الكثير من النماذج المشرقة.
ـ بعدما استمع معاليه إلى كلمات المتحدثين عنه من محبيه وعارفي فضله ألقى كلمة بليغة (مرتجلة) أقتطف منها هذه الإضاءة عن التواضع.. يقول معاليه: ((لقد طلب مني أن أتحدث في هذه الكلمة جواباً على الكلمات الطيبة الخيِّرة التي أخجل بها السادة العلماء الذين تقدموني تواضعي حتى إنني أحياناً أترك نفسي وأنا أسمع الواحد تلو الآخر يمجد ويضفي عليَّ من الألقاب ما لا أستحقها، كنت أتساءل: تراهم يتكلمون عني أم عن غيري، ذلك أننا تربينا في تربيتنا داخل الأسرة وفي حلقات القرويين وتتلمذنا على أعلام شامخين في المعرفة، تتلمذنا على (التواضع) والتواضع هو الذي يتوافر دائماً للعلماء والعلماء أكثر الناس تواضعاً، ومن لم يتواضع والذين لا يتواضعون هم الجاهلون..)).
ـ فالمسألة ـ إذن ـ مرتبطة بالتربية المنزلية والمدرسية وغرس فضيلة (التواضع) لا بد أن يتم مبكراً، ومن خلال تربية سليمة، تحرص على مبدأ (القدوة الحسنة) ثم التزود بالعلوم والمعارف التي تحيي النفوس وتؤصل فيها مبادئ الأخلاق الفاضلة.
ـ وحين يغيب مثل هذا النهج القويم عن الأفئدة المؤمل صلاحها فإن (الجهل) ـ والعياذ بالله ـ هو البديل المدمر للسلوك الإنساني.
إضاءة أخرى
ـ مر أحد أولاد المهلب بمالك بن دينار وهو يتبختر في مشيه، فقال له مالك: يا بني لو تركت هذه الخيلاء لكان أجمل بك، فقال: أو ما تعرفني: قال: أعرفك معرفة أكيدة، أولك نطفة مذرة (أي فاسدة) وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة، فأرخى الفتى رأسه وكفَّ عما كان عليه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :882  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 161 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج