شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وَجه العملة الواحِد
العبودي.. وأدب الرحلات (1) ؟!
بقلم: حامد عَباس
ـ أعترف بأنني ألقيت نظرة على بعض كتب شيخنا الأستاذ محمد بن ناصر العبودي، ربما على العناوين، ربما على الاسم، ربما على الغلاف، ربما على كل ذلك معاً، لكنني لم أجد ما يغريني للجلوس مع كتاب من كتبه لأقرأه، أو على الأقل لأتصفحه، وهذا بلا شك خطأ النظرة السطحية التي تلامس المظهر، ولا تتعمق إلى الجوهر..؟!
يوم الاثنين الأسبق كان موعد (( الاثنينية )) مع الشيخ محمد بن ناصر العبودي، وأعترف مجدداً بأنني أتيت متأخراً بعض الشيء، ومجاملة للمضيف أبي محمد سعيد الأستاذ (عبد المقصود خوجه) لأنني لم أتوقع أن يكون هناك ما يشد، أو يستقطب في حديث الشيخ العبودي، غير أن المسألة تغيرت بعد سماعي له للمرة الأولى، فقد لمست لطفاً وظرفاً وتفتحاً في حديثه مما شدني إليه إلى نهاية الجلسة، ووجدت ثلاثة كتب من تأليفه في ركن الكتب في ((بيت الاثنينية )) وهي واحدة من أفضال صاحبها الأستاذ عبد المقصود خوجه الذي يصر على أن تكون (( الاثنينية )) ممونة سخية للفكر والعقول والبطون بما لذ وطاب من إنتاج المطابع والمطابخ؟!..
بعد أن استمعت إلى الأستاذ محمد بن ناصر العبودي رأيت من الواجب أن أطلع على الكتب الثلاثة، وكانت فرصة عطلة نهاية الأسبوع مع ((نوبة)) برد جاءتني على غفلة أن أعتزل مع الكتب الثلاثة وكانت:
1 ـ زيارة لسلطنة بروناي الإسلامية.
2 ـ رحلات في أمريكا الوسطى (مشاهدات في المكسيك وكولومبيا وبنما وكوستاريكا).
3 ـ شهر في غرب أفريقيا (مشاهدات وأحاديث عن المسلمين).
وكانت خلفيتي الأولى أن رحلاته أو نتاج رحلاته ليست إلا كتباً جادة تخصصية بعيدة بعباراتها وأسلوبها وتناولاتها عن إمكانية أن يهضمها مثل عقلي المتواضع، لكنني فوجئت حقيقة بأسلوب بسيط راقٍ قريب إلى القلب ينفذ إلى الأعماق بلا رقيب أو حسيب، وينبئ عن أدب رحلات رفيع المستوى.. واضح العبارة، ذكي الملاحظة، متفتح إلى كل جديد، يتناول برفق كل ما يراه، ويبدي رأيه بلطف لكي لا يصدم القارئ.. أو يحجر عليه، أو يجفله بدور الواعظ الذي يسفه كل شيء..؟!
ولم أجد صعوبة في قراءة كتابيه الأول والثاني عن بروناي، وأمريكا الوسطى، وبدأت في الثالث، وكل هذا خلال ساعات من عطلة نهاية الأسبوع الماضي، حيث استمتعت بقراءتها وكوّنت فكرة ومعلومات عن مجتمعات وتقاليد لم أطلع عليها من قبل بدون عناء أو جهد أو كد، وإنما من خلال متعة المعيشة وكأنني معه في رحلاته ومشاهداته.. وهي قدرة إبداعية أن يستطيع كاتب بقلمه أن يجعلك ترافقه عبر السطور إلى كل ما يرى ويسمع ويشم ويتذوق ويلمس وكأنك حواسه وقد أعارك إياها من خلال كتبه لتكون معه تستمتع وتمتعض في آن.
وما قرأته إلى الآن مما كتب الأستاذ محمد بن ناصر العبودي يؤكد أن الرجل رحالة معاصر من طراز فريد، فهو يرحل لكي يتعلم ويعلم، بمعنى أنه يزور ويشاهد ويكون انطباعات ويسأل ويدقق ويقدم معلوماته عبر كتبه بدون تكلّف وكأنه يتحدث من القلب إلى القلب، ويعطي وجهي العملة بتجرد ونزاهة كما أنه يعطي لمن تحدث عنهم حقهم وينصفهم وإن خالفوه في العقيدة والقيم الاجتماعية كما أنه يعرض للدعوة الإسلامية ومجالاتها ودعاتها عرضاً موضوعياً بعيداً عن التزمت والانحياز ويقدم صورة مشرقة للداعية المسلم الذي يعرف مكامن القوة والضعف في مجالات الدعوة وأساليبها.
وله ملاحظات نافذة وذكية فقد قال في كتابه (رحلات في أمريكا الوسطى ص 149 عن بنما) ((من الأشياء اللافتة للنظر بشدة في هذه البلاد كثرة المستشفيات والمستوصفات فيها كثرة ظاهرة، وبعضها تابع لدول أخرى مثل المكسيك والأرجنتين وبعضها تابع لهيئات أجنبية بمعنى أنها هي التي فتحته وتشرف على تشغيله..
ولا أدري سبب كثرة هذه المستشفيات والمستوصفات إلا إذا كان ما قيل لنا من وجود الملاريا وبعض الحميات في البلاد، وقد سألت بعد ذلك عدداً من أهل البلاد عن السبب في ذلك ولكنهم لم يقدموا لذلك جواباً كافياً ربما يكون ذلك لكونهم قد ألفوا رؤيتها فأصبحت لا تثير تساؤلهم))..
ثم قدم معلومات مركّزة عن بنما وقناتها الشهيرة ودور الأمريكيين والمعاهدة بينهم وبين بنما.. ولم يغفل الحديث عن المسلمين في بنما وهم قلة لا تذكر للأسف.. (50 مسلماً من أهالي بنما من عدد سكان يصل إلى 2 مليون نسمة، و (200) أسرة من المسلمين المهاجرين من الهنود واللبنانيين)..)).
ويقول في نفس الكتاب ص (212): ((وكانت أول فكرة طرأت على خاطري عندما شاهدت الناس والمدينة (سان خوزيه عاصمة كوستاريكا) هي أننا قد رجعنا بالفعل إلى أمريكا الجنوبية بجوها وجمالها ونسائها ورجالها.. وكأنما كنا في غربة عنها في بنما أو قل كأنما كنا في حلم نقلنا فيه إلى بلاد استوائية في إفريقية أو في البحر الكاريبي..)).
وتحتاج المسألة إلى عودة، فجهد وأسلوب مؤلفنا الفاضل يحتاجان إلى وقفات، ربما أجد ما يساعدني على وقفة أخرى في أقرب فرصة، وإلى أن تكون سأجهد نفسي في البحث عن بقية الرحلات والمشاهدات وهي أربعون كتاباً بين مطبوع وتحت الطبع ومخطوط بعد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :414  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 16 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج