شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(81) (1)
صحوت يومي هذا على يدي وهي تأكلني.. فتفاءلت وانشرح خاطري.. وقد ألغيت عقلي المدرسي منساقاً ببلاهة وببساطة وراء الخرافة البلدية القائلة بأن كل من تأكله يده سوف يقبض فلوساً بالتأكيد!..
وكان في جيبي مبلغ محترم بالنسبة لمثلي.. فصرفته.. بل فرتكته فرتكة.. بانشراح صدر.. وإصرار قفر.. وذلك اعتماداً على المبلغ المنتظر.. المبلغ الذي وعدتني به نغمشة يدي أو أكلانها المتواصل على الأصح.
هذا.. وقد انقضى اليوم حسب التوقيتين العربي والإفرنجي دون أن أقبض أي مبلغ.. ولم أجد وسيلة للانتقام لإفلاسي الحاضر وفش غلي إلا أن أرجع لليد اليمنى ذاتها التي تحددها الخرافة بالأكلان مصدراً للمنظور قبضه.. فأخذت أعضها المرة بالمرة في حرد وعتب وغضب مستعيناً ببعض الكمادات اللازمة لتوالي العض.. دون رحمة أو إشفاق..
واقتضى الموقف بطبيعته أن أراجع قاموس خرافاتنا التي تزدحم بأمثال أكل اليد.. كرف العين اليمنى مثلاً وإنك سترى غريباً.. وكركوب إحدى فردتي الحذاء على الأخرى ركوباً من النصف كدليل على سفر قريب.. وكزن الأذنين زناً ثقيلاً.. دليلاً على أن عزرائيل يقيس الواحد.. أو في رواية أخرى.. دليلاً على سماعه خبراً مكروهاً.. وهكذا إلى آخر القائمة..
ولقد أطلقنا في السابق على هذه الخرافات التي يتشبث بها.. ويخضع لها معظمنا لا فرق بين مدرسي.. وكتابي.. وأمي.. اسم الخردوات الوجدانية.. تشبيهاً لها بكراكيب البيت القديم وخردواته.. وقمنا ببحث بلدي عقدنا فيه مقارنة شيّقة بين كراكيب بيتنا القديم بمجلسه وبصفته.. وبخزانته.. وبالدقيسي.. وبما تحت الكراويت فليرجع إليه من حظي بسماعه.. في حينه..
أما اليوم فشاهدنا الوحيد هذه النغمشة التي نسميها أكلان اليد وما جرته علينا من جرائر رغم قرارنا إسقاط وارد الخرافات من حسابه دخلاً غير منظور.. فليست هذه المرة هي الزيارة الأولى منها لنا.. فقد سبق أن عملت فينا نفس الفصل ولم نتب عن الاستجابة لها ثانية.. مع العلم بأننا قد قندلناها حينذاك بما يعتبر هجواً فاحشاً مقذعاً لها ولنا.. وإليك عينة بسيطة منه حيث قلنا لها:
بلاشي الأكل.. يا إيدي.. بلاشي
على كل العمى.. بعض الطشاش
بنغمشة تدب بوسط كفي
دبيب الواغش المدعو.. بغاشي
لقد طيرت نومي حين قلتي
ألا قم.. ناقزاً وسط الفراش
لتقبض حسبة.. لا شك فيها
وتسبق راكباً في جنب ماشي
ففرتكت القروش بوسط جيب
غدا بك فاضياً.. ملعون خاشي!
ألا تدرين يعني إن حظي
من الدنيا هنا.. باقي معاشي
لقد صدق الأوائل حين مازوا
على كل العمر.. بعض الطشاشي
كذلك كل من في الكون يسعى
وراء خرافة.. سعي المواشي
سيلقى في النهاية ما لقينا
بهذا اليوم مسود الحواشي
كفاية كدا.. فقولوها معانا
تكاثرت الظباء على فراشي!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :564  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 120 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.