شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(60) (1)
طالعتنا اليوم صورة البطل الملاكم المسلم الأسود محمد علي كلاي.. وقد قال الحديث عنه مع من كنا نطالع معهم صورته هو وزوجته الجديدة بعد أن حدث له ما حدث مما هو معلوم ومتداول..
ثم تطور الكلام في موضوعه حتى وصل بطبيعته لنقطة التعصب.. تعصب البيض ضد السود.. وتعصب الكافر ضد المسلم كما قال أحدنا في ضيق.. وفي هياج.. واستمر كلامنا في بورصة الصعود التدريجي حتى بلغ الغاية مدار البحث العالمي من حين إلى حين.. وهي عار التفرقة بين الإنسان والإنسان لا لشيء.. إلا لأن هذا أبيض.. وهذا أسود..
وهنا طلب مني أحد المشاركين في الحديث أن أسلفهم بما تسعفني به الذاكرة من قصيدة.. ذا بلاك أند ذا هوايت.. كما يقول الفرنجة.. أو الأسود والأبيض.. كما يقول العرب الأقحاح.. فتمنعت أولاً كما يحلو لبعضنا وخصوصاً المغنين.. حين الطلب.. ولكنني بالإلحاح استجبت على أساس إيراد نتف منها ليس إلا.. وذلك منعاً للإرهاق والملل.. ومسايرة لضعف الذاكرة الطارئ..
وقوام هذه القصيدة.. للعلم.. محاورة تمت بين مراسل من مراسلي جريدة من جرائد بلادنا وبين واحدة من بلاد بره.. والواحدة هذه من عاداتها أنها تمضغ اللبان الشحري باستمرار.. وتقول: ياه.. بمناسبة وبدون مناسبة.. وتكره الزنوج كراهية تحريم.. وتخاف موت من الهنود الحمر.. وتحتقر اليهود في قرارة نفسها.. ولكن ذقنها في أيديهم لأن كل سنداتها المالية وثروتها من أبها والتي لا تدري شيئاً عنها في جيوبهم.. يتشطرون بها لحساب مسز رودي.. وهذا هو اسمها الوارد بالقصيدة.. أما اسم المراسل المحلي فهو الشيخ عبودي.. ويقول في مطلعها:
بعد التحية نهديكم رسالتنا
لا شفرة.. أو كلاماً غير محدود
بل خطبة.. وحديثاً شيقاً لبقاً
عبوا له كل مانشت وعامود
مسلِّمين على الأولاد كلهمو
وبالأخص على المحفوظ مسعود
أما الجماعة فالرحمن يكلؤهم
لقد رسلت لهم قرشين.. موجودي!
يا سيدي.. حسبما قلتم لنا.. ولكم
طول البقاء.. وكل الشكر يا سيدي
أمس الذي قبل أمسي كان موعدنا
صبحاً.. لأخذ حديث من مسز رودي
قلنا لها.. كيف حال الجو عندكمو
كيف العيال؟ ومن أنتي؟ ومن ديدي؟
أما أنا ((فسئودي)) (2) .. ومهنتنا
جمع النيوز.. واسمي ((الشيك أبودي)) (3)
قالت لنا.. ((ثانك يو)) (4) .. فالطقس معتدل
((نوكولد)) (5) .. ((نوهوت)) (6) .. فيفتي (7) .. غير منقود
أما العيال فشقر كلهم.. وأنا
أوف كورس (8) .. شقراء.. من رجلي إلى إيدي
فقلت.. شوفي هداك اللَّه إن لنا
ديناً هو الحق.. والإسلام.. يا رودي
ما فرَّق الدين بين الناس أسودهم
كحلي.. وأبيضهم كالفل في العود
ما الفرق يا ست عيني.. يا مدامتنا
بين المواليد.. مولود.. ومولود؟
ولو نظرت إلينا.. في مساجدنا
لشفت جمعاً كله دا.. غير معدود
الأحمر الأسمر الكحلي جاوره
الأبيضاني.. بها.. من كل أملود
لا فرق بين برنس (9) في عباءته
أو بين راعٍ وسيرفنت (10) وذي نيدى (11)
قودباي.. قودباي.. إني راحل لغدي
إلى بلاد بلا عبد.. ولا سيد!!
والقصيدة في طولها المفرط ترسم صوراً عديدة لحالات العار الإنساني في هذا العصر.. وتجلو بجانب ذلك مزايا الإسلام.. وسجايا الطبع العربي المهضوم الحق.. فليرجع إليها في المركاز من شاء على أسلوب المحققين المتبع..
ولقد اختتم بعضنا الحديث بالإشارة إلى ضعف الاعتبار القائمة عليه فكرة التعصب اللوني.. أو العنصري.. مفلسفاً الأمر بنظريته القائمة هي أيضاًعلى التجربة.. وموجزاً إياها في قوله.. إني ألاحظ دائماً تطبيق الشطر الشعري القائل..
وبضدها تتمايز الأشياء..
والضد يظهر حسنه الضد.. في مجال الحياة.. فالأبيض يميل غريزياً للون المضاد للونه.. والطويل للقصيرة.. والنحيف للسمينة.. والناري المزاج للبارد.. وهكذا.. فلماذا لا تخلص المسألة أدبياً بإشاعة.. السلطة ـ بفتح اللام ـ بين الناس فيخلصون ونخلص من وجع القلب والدماغ وإزهاق الأرواح وإساله الدماء.. وأخيراً من حالة حرماننا من رؤية بطل ملاكم.. وإن كنت أكره الملاكمة.. مثل الأخ محمد علي كلاي.. على الحلبة لا فرق فوقها بين أبيض وأسود.. أو بين زنجي وأمريكي.. أو أوروبي؟
فقلنا له.. إن للحياة منطقها.. منطق القوة والواقع.. لا منطق الشعر.. في خيال الشعراء أمثالك وأمثال ذلك ((العبد)) لله!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :612  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 99 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.