شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(40) (1)
في مثل هذا اليوم بالصيف الماضي.. وكنا في المصيف بالجبل الأخضر البارد.. دعاني جارنا المواطن الطيب القلب.. لا العقل!.. إلى الذهاب لحفلة تقام بالجبل قريباً من مكان نزولنا.. باسم الترفيه عن الأهل.. وعن العيال..
فاعتذرت بادئ الأمر.. في لطف.. ثم في مصارحة قاسية بأن مثل هذه الحفلات محرقة للمال.. وللبدن.. وخراب للجيب العامر.. فضلاً عن أنها عمليات نصب.. وشراك منصوبة.. خاصة للمصيفين.. هنا.. من أبناء البلاد المماثلة لبلادنا.. أو المنخفضة المستوى عنها.. يقعون فيها كالذباب الطائش المحروم.. فإن هذه الحفلات تقوم على الكذب.. والخداع.. والتضليل.. فهي بذلك كله.. جريمة يعاقب عليها القانون.. إن لم تردع مرتكبيها ذمة.. أو خلق.. أو دين.. حيث إنها من الأصل مغايرة.. مخالفة له بل ومحرمة بموجبه.
وأنت رجل خلق.. وذو دين.. وفضلاً عما سلف.. فإنك بتذاكرك هذه باهظة الثمن سوف لا تجد مقاعدكم المرقومة بها.. بل وسوف لا تجد الفنانين الذين استغلت أسماؤهم للاجتذاب.. وتزويق البرنامج للدعاية الكاذبة بأسمائهم!
واستهول جارنا.. ومواطننا الطيب القلب.. لا العقل.. ما قلته له.. وسألني إن كان ما أقوله نتيجة تجربة حديثة.. أو سماع موثوق بمصدره.. فأكدت له عدم هذه التجربة.. وإنما هو التسامع القديم من ممارسين لها.. وقعوا فعلاً في تلك الحبائل الفنية.. ثم هو القراءة في الصحف للنقد الكتابي لحالات هامة للحفلات من مخلصين في نقدهم.. ثم من شم الروائح العفنة من التهويل الخداع لشأنها ومن فهم ما وراء سطور الإعلانات المضللة تروجها للأسف المكرر مصادر الإعلان والدعاية.. لقاء كسب مادي رخيص!
وكان.. من جانبنا.. إن قضيت الليلة بالبيت كعادتنا مع الأولاد نمارس من حياتنا اليومية فيه ما يمارس عادة في البيوت.. مستريحي الأعصاب.. هاديء النفوس.. ولقد نمنا كذلك.. في وقت النوم المعتاد..
أما جارنا.. فقد احتفى بالأمر.. وساق أفراد عائلته كبيراً وصغيراً معه.. إلى حيث تقام الحفلة التي كثر الحديث بينهم عنها.. وما سوف يتمتعون به من سماع.. ومشاهدة.. وما سوف يستمتعون به من ترفيه حافل لا يتيسر لهم في حياتهم هناك.. كما يقولون..
وفي الصباح.. وفي موعد تلاقينا لارتياد المدينة وقضاء ما قد يلزمنا بها هالني من جارنا الطيب الحكاية البشعة عما صادف وسواه من حوادث مؤسفة بالحفلة.. وبلغ بعضها حد الاشتباك بالأيدي.. وبالكراسي.. وعما عانوه من إضاعة وقت.. ومال.. ومن حرق دم وأعصاب.. وكان في حكايته.. بين كل مقطع ومقطع منها.. يضرب كفاً بكف.. وإن أصر في النهاية على أن يقول.. ومع أنها كانت نكبة.. لا حفلة.. فإنها كانت ـ في الحياة ـ تجربة حية من تجاربها.
فقلت له: ولكن ما كان أغناك عن ممارستها فعلاً.. فقد كان مقرراً أن تصل إليك رواية منقولة على الألسنة أو مقروءة.. كنقد لاذع ـ في إحدى صحف الصباح!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :592  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 79 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج