شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(38) (1)
لو أنصف الناس استراح القاضي!.. لا أدري لماذا جرى اليوم على لساني هذا الشطر من البيت المعلوم.. دون مناسبة داعية.. أو سبب معقول..
وفي استعادتي له.. وتكراره للمرة الحادية عشرة إن صح الحساب.. أمسكت بهذا الشطر من جميع الأطراف.. وأخذت أقلبه من كل جوانبه.. ثم قلت:
ولو صدقوا.. لما كان هناك شيء اسمه الكذب!.. ولو جلسوا لما عرفوا السير.. أو لنسوا المشي!.. ولو بطلوا الكنس.. لتراكمت الأوساخ!.. ولو لم نحلق.. لغطانا الشعر.. ولو تكلم الناس بميزان.. في المليان.. لما كانت هناك صحف تقرأ.. أو مجلات تصدر؟!..
واستغرقت ذهني هذه الأكوام من ((اللوات)) المتعاقبة لا تقف عند حد.. وكنت قابعاً في ركن هادئ من أركان البيت.. تعج الحركة في باقي أجزائه.. وتصطخب به الحياة شائعة بين الكبار.. والأنصاف.. والأطفال.. على طريقة تصنيف شركات الطيران لركاب طائراتها.. كما تصطخب الحياة كذلك خارج الدار.. بالشوارع.. بالمكاتب.. بالأسواق.. بل.. وفي خارج الخارج من هذه الدنيا الطويلة العريضة.. حيث يتنافس المتنافسون فيها.. حتى على ارتياد الفضاء.. واكتشاف أجوازه ومراقيه!..
وقلت في نفسي أيضاً.. ولو أنني قعدت هكذا.. أبحلق وأفكر.. في هذا الشطر الشائع من البيت.. لو أنصف الناس.. وأتمنى من كل قلبي.. مع القائل أن أرى اليوم الذي ينصف فيه الإنسان أخاه الإنسان.. أو ينتصف من نفسه بنفسه.. ليستريح قاضيه..
قلت.. في نفسي.. ولو أنني قعدت هكذا هادئاً.. متفلسفاً في ذلك بركني الهادئ هذا.. لما تغديت.. ولما تعشيت اليوم؟.. ولو طاوعت جسدي الخامل.. لما اشتغلت العمر!.. ولو جابهت الناس أو بعضهم برأيي الخاص فيهم.. لما كان لي قريب أو صديق.. ولو أني لم أكتب أو أنشر شعراً.. لنسيني الناس في بلدي.. ولو أحسنت الكتابة والشعر.. كما أرضاهما.. لما نشرت شيئاً من هذا العلك المكرور.. ولو شاركت في السياسة بآرائي.. كما يفعل الكثيرون.. لما وقعت النكبة!..
واستطبت اللعبة بهذه الـ.. لو.. ووجدتها.. لذيذة.. وبالأخص وأنا الآن لا أمارس لعباتي المفضلة شطرنجاً.. أو صناً.. أو سكناباً حاراً مع أي شخص!
وتدحرجت منطقياً إلى الباعث على هذه اللوات، حتى وصلت بأمان وبسلام إلى منطقة الأماني.. حيث مناخها الطبيعي.. وجوها النفسي.. وحيث تعيش ((لو)) هذه عيشة مصالحة تامة مع الحياة.. يدفعنا لاصطفائها العزاء المسبب.. أو التمني المطلق المجرد.. أو السائح مع الأمنيات في رحلة من رحلات أحلام اليقظة كما يسميها علم النفس.. أو كما تحكم بها الطبيعة البشرية.. في بعض حالاتها الانسجامية.. أو الاستجمامية من عناء الواقع المر.. أو البغيض..
وانتهيت.. تقريباً.. إلى أن الحياة حركة وأسباب ومسببات.. تفضي كلها إلى وجود حسن.. ومكروه.. ومحتمل.. وإلى محاولات عملية.. أو كلامية لطلب الأفضل له وفيه.. وإلى أن الأماني مخدر لذيذ يحسن تعاطيه من آن.. لآن..
وبدافع من الجوع.. واستجابة لرائحة الغداء.. قمت لتناوله.. وأنا أردد.. جهراً مع القائل:
منى.. إن تكن حقاً.. تكن أحسن المنى
وإلا فقد عشنا بها.. زمناً رغدا!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :588  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 77 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج