شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(28) (1)
قابلني اليوم فتى.. مشرق العبارة.. وجداني التعبير.. جدي الموضوع.. وقد سألني الرأي للطريق لأن يكون شاعراً.. فهو يحس أن نفسه تريد أن تقول شعراً.. ويحتاج أن يعرف من أصوله العروضية.. أكثر مما لديه منها.. وأن يتعرف على بقية المستلزمات المرتبطة بلغة الشعر.. نفسها.. وتداولنا الحديث.. من بداية الموضوع.. وكيف أن الشعر ذاته وجد شعوراً مصاغاً في قصائد ومقطوعات، وأغنيات موزونة وزناً موسيقياً.. نطقت به الفطرة الشاعرة.. والوجدان الحساس.. ورسمته تلقائياً في صور وأنماط نطقت بها السليقة.. وأقرها العرف الشعري المتداول آنذاك لتكون النماذج الثابتة تقريباً.. مثله في ذلك مثل بقية الفنون الجميلة من موسيقى.. ورقص.. ورسم.
ثم جاء دور التقنين العلمي.. الموجود فعلاً.. فوضع المسميات الأساسية وحددها.. في بحور.. وقافية.. وأوزان.. ثم في علل جائزة.. وأخرى غير مستساغة.. أو مهجورة.. نزولاً على حكم الذوق.. وحواس الإدراك..
وكدنا نتفق مبدئياً.. على أن العاطفة.. لا العقل وحده.. هي المنطلق الأول لقول الشعر إحساساً معبراً لدى الشاعر الأصيل عن ترجمة ما تجيش نفسه شعوراً داخلياً منها سواء أترجم عنها ذاتياً.. أم استعار عن غيره بعد أن تأثر به ما تأثر به الغير.. وخضنا في كلام قريب من ذلك وبعيد عنه.
ومن بعض ما قلته له في هذه النقطة بالذات، أن بعض ما قيل في نقد شعر العقاد أنه في أكثريته عقلي صرف.. وإنه ربما شاهد المنظر.. أو اقتنص الفكرة.. فقال إن ذلك.. أو تلك يصلح كل منهما موضوعاً لقصيدة أو مقطوعة.. ولهذا فأنت لا تتأثر عاطفياً أو تتجاوب مع شعره ذلك نفسياً وعاطفياً.. وإن كنت لا ترفض ما قاله.. صورة.. معقولة!.
أما بصدد رغبتك أيها الفتى في أن تكون شاعراً.. فإنه ما دامت نفسك تلح عليك.. وتدوي بهذه الرغبة فإن ذلك أول خطوة صحيحة في الطريق.. وكتب العروض موجودة.. كأساس لمعرفة البحور والأوزان ـ وتقطيع التفصيلات ـ ودراستها.. كعلم ذات فائدة.. وجدوى.. وعون..
ولكن السر يكمن في الأذن الموسيقية تدرك بها الخلل إن كان.. ولهذا فإن قراءة الشعر باستمرار تعين على تقوية الحس الموسيقي..
وشيء آخر مهم جداً.. وهو عليك ألا تقول شعراً أبداً إلا إذا أرغمتك رعشته القوية لأن تقوله.. مترنما بموسيقيته دون تقطيعه العلمي أولاً فأولاً ـ بالطبع ـ وإن كثيراً من الشعراء ينسون التفاعيل.. فقد ذابت القواعد العروضية الأولى لديهم.. كما تذوب حروف الهجاء مرتبة أو غير مرتبة لدى الكاتب.. أو الناطق بالكلمات اليومية.
والنظم.. كما يفهم من كيان اللفظة ذاتها لضم ألفاظ وتركيب جمل عروضية.. فهو في مبادىء الشعر.. صنعة.. لا طبيعة.. صنعة تمارس في أي موضوع ولعل خير مثال عليها ألفية ابن مالك في النحو.. وسواها في بقية الأغراض..
وباختصار شديد.. فإن عليك أن تتمثل بهذا البيت المحدد للموضوع بدقة: ـ
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه
فليس خليقاً أن يقال له شعر!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :587  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.