شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(21) (1)
اعتاد بعضنا على اصطناع أسلوب محرج.. في بابه ـ أشد الحرج ـ لبعضنا المقابل له على الخط..
وقد حدث لي هذا اليوم بالذات ـ كما يحدث لأكبر ولأصغر مني بالطبع ـ وإني أتعشم أن أروي الأمر بأمانة تامة: ـ
لقد قيل لي ـ وأنا في البيت.. هناك من يطلبك على التلفون.. ولقد سبق حينما كنت غائباً أن ((فلاناً)) طلبك أكثر من ثلاث مرات.. وعليه فقد عدوت للتلفون وفي ذهني أن المنادي هو فلان الذي سبق وأن طلبني حين غيابي.. ثلاث مرات.. وكان يبني وبين فلان هذا ما يبرر الطلب وما يقتضي تكراره..
ولذلك.. فحينما رفعت السماعة.. وجاءني الصوت سريعاً.. مين أنا؟.. أجبت بنفس السرعة.. إبراهيم!! قال.. الله يجازيك يا شيخ.. إبراهيم ايه.. وعثمان ايه؟.. أنت كمان نسيتني.. مين أنا؟.. فتحيرت ـ بعد أن صدمت ـ وتبين لي أن المنادي غير من كنت أرجو أن يكون.. وصمت.. فاستمر.. ها.. ها.. أنا مين؟.. مين أنا؟.. واسعفتني أخيراً.. ولحسن الحظ النباهة في تمييز بعض نبرات صوته.. على التعرف.. بالحذاقة.. على شخصيته.. فقلت فلان! قال.. نعم.. نعم.. لا والله فيك الخير برضو..
وتم له ما أراد.. حديثاً منه.. وسؤالاً وجواباً مني بالطبع.. ولم يكن في الحديث أو في الإجابة ما يحتاج لهذا التدويخ منه يجعل منه حزيرة ـ كما نسميها ـ يختبر بها ذكائي لتمييز أنواع الأصوات ومعرفة صاحبها..
وحين سردت بعد ذلك على مسامع بعضهم ما كان.. أجابوا بإجماع إن تلك هي عادة الرجل مع الجميع.. وهو لا ينفرد بها.. أيضاً.. فتلك طبيعة فلان.. وفلان.. وعادة زعطان.. وفرتكان.. لا يمكن أبداً أن يطلبك بالتلفون إلا ويفتتح الطلب بهذه الفاتحة غير المباركة.. أنا مين؟.. مين أنا؟..
إن في هذا الأسلوب ـ كما أعتقد ـ إحراجاً منقطع النظير.. لعباد الله.. وبالأخص من أمثالي الذين يكادون ينسون نبرات أصوات أقرب الناس إليهم بالتلفون.. وبالأخص إن كانت به بعض الخشخشة.. أو كان الإنسان مندمجاً فيما يجلعه أشبه بالمسرح.. كما نقول..
إنني.. والشهادة لوجه الحق وحده.. ممن يفضلون دائماً حتى ولو كان من أطلبه بالتلفون على قسط كبير من الألفة لصوتي.. أن أسمي له نفسي قبل التحية مباشرة.. فأقول: فلاناً يتكلم!..
وإنني لا أدعي لنفسي حقاً لا أملكه وحدي.. وليس هو من اختراعي فذلك أسلوب يكاد في خارج بلادنا يصبح تقليداً متبعاً على الدوام.. وإننا كذلك قطعاً حين نسمي أنفسنا بالتلفون.. إنما نريح.. ونستريح!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :550  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 60 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.