شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(16) (1)
كنت اليوم في زيارة لبعض المعارف عائلة كريمة طيبة.. وقد لاحظت أن كبير العائلة ـ وهو شخصية ممتازة ـ كان لا يفتأ.. ولا يكل من ترديد كلمة.. شكراً.. يقولها لكل من يقوم له بأية خدمة سواء كان من العاملين بداره.. أو ممن يضمهم المجلس زواراً مثلي.. وسواء كانت تلك الخدمة تقديم كأس ماء.. أو فنجان شاي.. أو إدناء طربيزة صغيرة.. أو ما شاكل أياً من تلك الخدمات البيتية البسيطة وبمقدار تنوع تلك الخدمات وتكررها كان تنوع الشكر.. وتكرار جملة مثل.. أشكرك.. شكراً.. ممنون.. متشكر.. إلى آخر هذه الفصيلة اللفظية في مودرنيتها هذه.. أو في بلديتها مثل.. عشت.. تسلم.. من أيد ما نعدمها..
وقد لاحظت غضب زوجته من توجيه الرجل كلمات الشكر هذه إلى خدم البيت ومن في حكمهم من الصبيان والفتيات باعتبارهم أولاد البيت وخدمتهم له واجبة.
وفي مرة بعد مرات مطردة من كلمات الشكر وجهها هذا السيد المهذب لخادمه.. صاحت به زوجته بما ترجمته.. كان يا خويا.. بطل.. شكراً شكراً.. وممنون.. ممنون.. مو هو الخدام هادا لازم يعمل كدا من غير شكراً.. ومكرا دي اللي ما تطيح من لسانك.. إن الشكر لمثل هذا معروف له في آخر الشهر لفة ورقية معدودة يفهمها.. ويقدرها أكثر من الثناء اللفظي الجاف.. فانكمش الرجل.. وألقى إليها نظرة طويلة وكاد أن يتفوه ببعض ما قد يعكر علينا جو الجلسة..
وهنا تذكرت حكاية واقعية قصيرة.. كان الموقف فيها بالنسبة للزوج ولزوجته عكس الموقف الحاضر.. ولم أشعر إلا أن لساني تدلدل على عادته دون إذن مني.. فرواها للحاضرين.. على أن تكون هبة منه للزوجة.. ومستنداً تاريخياً للزوج المسكين..
والحكاية هذه تقول.. إن ممثلاً أجنبياً لبلاده أقام في مدينة جدة سنوات وحده.. ثم صادف أن طلب زوجته من بلاده للإقامة معه بجدة.. ولاحظ الزوج بعد حضور الزوجة وإقامتها أنها كانت لا تفتأ.. تقول لكل من يقدم لها خدمة.. من نوع الخدمات المقدمة للسيد المهذب.. من العاملين بالدار صفرجي ـ أو طباخ ـ أو معائن.. ثانك يو.. ثانك يو باستمرار في أعقاب كل خدمة.. ولا تغفل قاعدة توجيه الشكر هذه أبدا.
فتضايق منها زوجها ـ رغم دبلوماسيته ـ ثم التفت إليها يوماً قائلاً لها.. إن مثل هؤلاء الذين تزجين إليهم الشكر لا تحتمل أخلاقهم هذا الطراز من المعاملة.. فأجابته الزوجة في كلمات قاطعة مانعة حادة المغزى حاسمة الأداء.. إنني أتصرف هنا بأخلاقي أنا شخصياً.. ولا عليَّ أبداً من نوعية صداها لدى الطرف المقابل.. إذ يكفيني أن أرضي أخلاقي.. وعادتي..
وفي نهاية هذه الحدوتة المنزلية أرسل إليَّ رب الدار وصاحب عادة شكراً نظرة شكر.. برضو.. بينما بعثت إليَّ الزوجة بزغرة غيظ.. وتأنيب رغم أنها شاركتنا الضحك.. والإعجاب بالأقصوصة.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :595  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 55 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.