شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
محمود سفر مفكِّر التنمية، والحضارة، والإعلام
جعل من (( التنمية.. قضية )) (1) ، ومن (( الحضارة.. تحدٍ )) (2) ، ومن (( الاعلام.. موقف )) (3) ، وقد حاولنا هنا الاحتفاظ بعناوينٍ كتبه، كما هي بين قوسين معتذرين لسيبويه لعدم الالتزام بالقاعدة النحوية.
هذان (( الثنائيان )) أو (( القطبان )) يتمحور داخلهما فكره القائم على الروافد الثقافية القرائية، والتجاريب الحياتية، و المعايشة الواقعية، تأصيلاً لرؤى متشابكة، معقَّدة، يحاول تفكيكها، وتحديد مفاصلها وذلك لفتح كُوى، أو نوافذ تستشرف خصوصية وطنه وهموم المجتمعات العربية والإسلامية، المؤكدة للحفاظ على ((الهوية الخاصة)) في خضم ((الهويات الأخري)) دون فصل، أو انفصال عن الآخر الذي يكمل ((الهوية الإنسانية المشتركة)).
وهو في مقارناته بيننا، وبين الآخر يشعرك بالفجوة الكبيرة، فالآخر لم يقطع مسافة زمنية معينة فحسب، بل قفزبخطى حثيثة في كل مجالات الحياة، وشؤونها بصورة وجدنا أنفسنا في صفوف الدول المتخلفة !!
يود ان يوصل إليك رسالة واضحة المعالم بأن الآخر حقَّق ما حقَّق بما فيه غزو الكواكب الأخرى، في الوقت الذي كنا نرى بعيون مغمضة مصابة بالرمد، ونعيش كمريض في غرفة ((إنعاش)) بحكم عوامل داخلية وخارجية، و تاريخية، واجتماعية !!
وحين فتحنا عيوننا لنرى الشمس بحاسة (( البصر الطبيعية )) وخرجنا من ((غرفة الإنعاش)) لنشاهد ما حولنا (( بالبصيرة الذاتية ))، وجدنا المسافة بيننا وبين الآخر تحسب بأرقام فلكية، وأن تفكيره الدائم في ((الغد)) بينما نحن أسرى ((الأمس)) بكل تراكماته المزمنة بالتقادم !!
كان عليه أن يتحسَّر، وينوح بصوت مرتفع أمام (( الأمية التعليمية )) و (( الأمية الثقافية )) وأمام تشرذم، وتقزم، وتفكك أمته!!
كان عليه أن يقوم بذلك، وأكثر، لكن إيمانه العميق، وشعوره المتفائل في قدرات أمته ((العقدية)) التي صنعت أروع، وأنبل حضارة باهرة متكاملة في تاريخ الحضارات البشرية، إلى جانب إمكاناتها ((البشرية، والمادية)) وموقعها ((الاستراتيجي)) الحساس على خارطة الكرة الأرضية، كل هذه العوامل دفعته لاشعال عود ثقاب بدلاً من أن يلعن الظلام، أو فتح (( ثقب في جدار التخلف )) (4) !!
كان العلم، والتعليم هما المفتاح السحري لتحدي ما يؤرقه فحصل على أعلى شهادة (( الدكتورا )) من أمريكا، اختصاص (( ميكانيكا التربه، وهندسة الأساسات في الهندسة المدنية )).
يرى أن (( إنتاجية مجتمع )) (5) ـ أي مجتمع بشري ـ هي طريقه إلى التقدم، والترقي ـ فأي مجتمع لا إنتاجية له، هومجتمع خامل يعيش كل أنواع ((البطالة))، ((المقنَّع))، منها و ((غير المقنَّع، !!مجتمع يسكن جسمه كل عناصر ((التخلف)) من بيروقراطية إدارية تعطل مشاريع التنمية، وتثقل كاهل تنفيذها، وتبديد الأموال العامة فيما لا طائل منه، ودون مردودات إيجابية !!
فالطريق إلى الحضارة تبدأ عنده بتنمية شاملة للمجتمع، والشمولية عنده يجب ألا تتركز في المدن الكبرى، بل يجب أن تتجاوز هذا ((المنظور المركزي)) المحدود نفاذاً إلى المدن الصغيرة، والأرياف، لتحقيق ((التوازن)) في توزيع مشاريع التنمية.
وبتحقيق هذا (( التوازن )) يتحقَّق (( التكامل العام )) أو ((التكافؤ المجتمعي)) في استغلال الثروات الوطنية، وتتحقَّق أهداف (( الاستغناء عن الاستيراد )) الخارجي ليصبح المجتمع ((سيِّد نفسه)).
وهو حين يدعو إلى تنمية شاملة بكل أبعادها، فإن دعوته تعني دخول المجتمع عالم الحضارة، وبخاصة أننا ملزمون بالدخول في عصر (( العولمة )) الذي بدأ يطل بعنف على العالم، شاء من شاء، وأبى من أبى !!
وأخيراً، يحاول صديقنا العزيز محور موضوعنا الدكتور (( محمود محمد سفر )) من خلال كتبه التي أشرنا إليها في بداية الموضوع الدعوة إلى أن الأعمال الكبيرة، أو الرحلات الأطول تبدأ بخطوة تتلوها خطوات لتشكيل سلسلة مترابطة الحلقات لا انفصام بينها، لأن هذا الانفصام يعني التوقف الذي يعني التعثر !!
وأمام الهجمات الأخيرة على الدين الإسلامي ومناهجه، نجد أن صديقنا (سفر) قد سبق برؤيته المستقلبية في الإشارة إلى هذا الهجوم، كأنه يقرأ ما يضمره المستقبل في أحشائه، حيث ناقش ((أسلمة المناهج)) مركِّزاً على أمور ثلاثة هي:
* أولها: إن العلوم الطبيعية، والتقنية التي تخضع للتجربة لا تقوم على عقائد وعلينا أن نعد ما وصلت إليه الحضارة الغربية التقنية الآن امتداداً طبيعياً لما حققته الحضارة التي قامت في ديار المسلمين، والتي كانت هي أيضاً امتداداً للحضارات القديمة التي قامت في عصور سبقت الإسلام، وبين أمم أخرى... ومن ثم فهي بالنسبة للمسلم المعاصرلا تتحمل أي نقاش، وليس بينها وبين المناخ الفكري للمسلم أي تعارض، أوتناقض، ومن الواجب تقبلها دون أي حساسية، وأي نقاش قرأناه في هذا المجال يعد مضيعة للوقت، وتبديداً للجهد !!
* ثانيها: أن كل جهد، ووقت، ومال يجب أن يستثمر في العلوم الاجتماعية الحديثة، ونظرياتها، وأسسها، تفكيراً، وبحثاً، وتنقيباً، ومراجعة، وتقويماً، كي ترتكز تلك العلوم على مفهومات، وقيم عقيدة التوحيد التي تدين لها الأمة.
* ثالثها: إن العلوم الدينية، والدراسات الإسلامية يجب أن تتجه فيها البحوث إلى ما ينفع المجتمع المسلم المعاصر، والكف عن الدوران في حلقات حول موضوعات أُشبعت بحثاً، وتنقيباً، ولا تمت بصلة إلى واقع الأمة، ومشكلاتها اليوم، وغداً. (ثقب في جدار التخلف صفحة 158).
ويأتي موضوع الصديق الدكتور (سفر) عن علاقتنا بالغرب بعنوان ((نحن، والغرب)) مصوِّراً حرص وسائل الإعلام الغربية، على تشويه صورة الإنسان العربي المسلم، حرصاً يوصف بشراسة العداء التاريخي المتمكن من عقولهم، ونفسياتهم المريضة، فهي ظاهرة عامة زادت شراستها بعد حادث (11 سبتمبر 2001م)، مع أن موضوع الصديق (سفر) كُتب عام 1989م، أي قبل حادث (11 سبتمبر) بـ 11 عاماً !! والموضوع حين تقرأه تتصوَّر أنه كُتب بعد ذلك الحادث، وهذا يعني أن الغرب لايحمل لنا غيرالكراهية، والحقد التاريخي الدفين، بما يتنافى مع السلوك الحضاري الذي يدعيه زوراً، وبهتاناً، لأن الحضارة في الأصل، والأساس، والمنشأ هي سلوك، إنساني راق، قبل أن تكون اكتشافات، وتقنية (تكنولوجيا) متطورة، أوصعوداً إلى الفضاء !!
(يقول الصديق (سفر) في جزءٍ من موضوعه السالف الذكر:
((استوقفني إعلان دعاية لأحد البنوك الأوروبية التي لها فروع في بعض بلدان العالم العربي ـ وهي مأساة نضيفها من عندنا ـ نشرته ((مجلة نيوزويك)) في عددهاالصادر بتاريخ17/10/1983م يحمل صورتين على صفحة كاملة لرجلين يبدو من سماتهما أنها من الغرب.. يرتدي أحدهما اللباس (الغربي).. بينما يرتدي الآخر لباساً (عربياً) بعقاله الأسود، وثوبه الطويل.
والصورتان اللتان رأيتهما في الإعلان لها مدلول ما أحرانا أن نهتم به.. إذ تبيِّن إحداهما الرجل (الغربي) بلباسه، وهو يمسك بصفحة مصغَّرة لأجزاء (الكترونية) تتحكَّم باستخداماتها المتعدِّدة في أكثر الأجهزة (التكنولوجية) تعقيداً، بينما تبيِّن الصورة الأخرى رجلاً بلباسه (العربي) وهو يمسك بحبة طماطم من كوم أمامه، كأنه يقلِّبها للشراء، أو يعرضها للبيع !!
استوقفني هذا الإعلان لأن له مدلولاً واضحاً، وهدفاً محدداً، وهو تكريس صورة العرب في ذهن (الرأي العام الغربي) بأنهم قوم ذوي اهتمامات جزئية في الحياة، تدور حول ملء البطون، وانتفاخ الأوداج، والاستمتاع بملذات الحياة، أكلاً، وشرباً، وهي صورة تناقض الواقع.. وتصرخ بالافتراء، والحقد)) (المصدر السابق ص 222).
وسأزيدك يا صديقي العزيز (سفر) بيتاً من الشعر كما تقول العرب.. وهي حكاية أنكى من صورة الإعلان، وأكثر إيلاماً، وتعذيباً للنفس العربية الإسلامية، حكاية روتها الأدبية السورية المعروفة ((غادة السمَّان))، حين قرأتها شعرتُ أنني أشتعل من الداخل والخارج رغم بعد المسافة بيني وبينها !!
تقول الأدبية المذكورة بما معناه إنها وجدت في إحدى مكتبات ((بيروت)) عاصمة لبنان ((العربي)) رواية غريبة، غلافها يصرخ مجسِّداً حقد وكراهية الغرب، وعلى رأسه ((امريكا ـ اليهودية ـ الصهيونية)) للعرب، حقد وكراهية تاريخية، عقدية، فكراهيتهم للدين الإسلامي السمح بتعاليمه، وتشريعاته، وأحكامه ـ قاتلهم الله أنى يؤفكون ـ هي الأساس في كراهية العرب.
استغفر الله سلفاً قبل إيراد حكاية ((صورة غلاف الرواية)) القبيحة.. أما عنوان الرواية فقد كان ((THEDIRTY ARABIC)) ـ أي العربي القذر ـ... وهو عنوان لا يحتاج إلى تفسير، أو ذكاء خاص، لأنه يفسِّر نفسه بنفسه!!
أما ((صورة الغلاف)) التي لا تخدش سلوك الإنسان العربي المسلم فحسب، بل تسبب له الدوار والصرع والاشتعال كما قلت!!
كانت الصورة لعربي مسلم يرتدي ملابسه العربية كالثوب، والغترة، والعقال، يفترش امرأة غربية، كأنه يقوم باغتصابها!! وأين ؟ ياللهول.. إنه في المشاعر المقدسة، وأمام الحجيج !!
وقد كان تعليق الأديبة ((السمَّان)) حاداً على الصورة ـ بصفتها عربية مسلمة ـ هذه الصورة التي لا تقشعر لها الأبدان فحسب، بل أترك للقارئ الغيور على دينه، وعروبته أن يضع التعليق المناسب !!
وكانت الأدبية أكثر حدة لأنها وجدت الرواية معروضة في مواجهة زجاج ((فترينة)) العرض الخارجية، المطلة على الشارع للفت أنظار كل المارة في شارع مهم من شوارع ((بيروت العربية)).. على عينك يا نظام الأخلاق.. !!
فلو كانت الرواية بصورتها الفاضحة معروضة في مكتبة في إسرائيل، أو إحدى المدن الأمريكية، أو الأوروبية لما صرخت الأدبية العربية المسلمة بحدة، إن لم تلطم خديها، وتشق جيبها، وتمزِّق شعرها !!
وهذه الصورة، وصورة الإعلان مجرد إفرازات صغيرة حاقدة تجسِّد ((العداء العقدي التاريخي)) ضد الإسلام، والمسلمين، لهذا حين شاهد الرئيس الأمريكي (بوش) حادث (11 سبتمبر) قبل أن يعرف معلومة واحدة صغيرة عن الحادث، وهو يزور إحدى المدارس، صرخ قائلاً: إنها حرب صليبية !! هذه العبارة المرتجلة لا تحتاج إلى توضيح مدلولها، وأبعاها أكثر مما قلناه ((العداء العقدي التاريخي)) !!
هنا نصل إلى النقطة المهمة التي نريد إيصالها للقارئ بعامة، والصديق العزيز (سفر) بخاصة، وهي تختص بالعقيدة التي يعتنقها (بوش)، وبموجبها يسيِّر سياسة بلده، ومواقفها الداخلية، والخارجية، ليس من معلوماتنا الخاصة، بل سمعتها على لسان رجل كبير في منصبه الإسلامي في أمريكا، وعلى إلمام واقعي بما رواه من إحدى الفضائيات قبل أشهر من كتابة هذا الموضوع، ونظراً لمرور فترة زمنية غاب عن ذاكرتي المنصب الإسلامي الحساس الذي يتولاه الرجل.
وللأمانة فإنني لم أسمع حلقة البرنامج كاملة، بل سمعت نصفها احتفظت الذاكرة ما جاء فيها لأهميته، وأرجو من أي قارئ لديه معلومات أوسع، وأكثر توثيقاً أن ينشر ما لديه للإضافة، لأننا في أمس الحاجة لمعرفة أعدائنا، حتى نكون على بصيرة من أمورنا، ونحن نواجه أعداء يتربصون بنا من كل حدب وصوب، المعلَن منهم مثل إسرائيل، وغير المعلَن ممن يعمل ضدنا وضد عقيدتنا.
يقول الأستاذ (محمد السَّماك) (6) ، وهذا هو اسم الرجل الذي أشرنا إليه بما معناه:
توجد في أمريكا (( جماعة يهودية مسيحية يمينية متطرفة )) تتحكم في الإدارة الإمريكية، وتوجهات سياساتها في الداخل والخارج، وقد قامت هذه الجماعة حسب عقيدتها على تأييد إسرائيل، والوقوف معها في السر والعلن، ومن موقعها القوي، ومكانتها المتغلغلة في أحشاء ومفاصل الإدارة الأمريكية، تمارس ضغوطها لدعم حكومة إسرائيل بالمال، والسلاح لمزاولة عربدتها ((الهمجية)) ضد أخواننا الفلسطينيين، قتلاً، وإبادة للأرواح، وتدميراً للمنازل، ومصادرة للأراضي بمباركة الإدارة الأمريكية التي تصرِّح علناً، وفي كل مناسبة ان من حق الحكومة الإسرائيلية أن تقوم بكل ما يحلو لها في مواجهة ما تسميه ظلماً وعدواناً ((بالإرهاب الفلسطيني)) !!
وهذه الجماعة تحمل حقداً وكرهاً تاريخياً عقدياً دفيناً لكل ما هو عربي، وإسلامي تمارسه من خلال تحكمها في الإدارة الأمريكية بتأييد الرئيس (بوش) الذي يعد عضواً فاعلاً في هذه الجماعة التي كان لها الفضل في معالجته ـ ذكر السماك ما كان يعاني منه بوش ـ فاحتفظ لها بهذا الجميل بانخراطه فيها، وتنفيذ ما يطلب منه بطواعية، ودون رفض حتى لو لم يكن في صالح الشعب الأمريكي الذي يرأسه !!
وللدور الذي تلعبه هذه الجماعة لتنفيذ معتقداتها اللاإنسانية، تمكنها من احتواء بعض الشخصيات المؤثِّرة إليها، وكمثال على ذلك فإن الشخص الذي تحلف (( اليمين الدستورية )) على يديه كل رئيس جديد لأمريكا، هذا الشخص ان لم يكن رئيس الجماعة، فهو عضو فاعل ومؤثَّر فيها !!
ومما أذكره من حديث ((السمَّاك)) إن هذه الجماعة رغم أنها لا تشكِّل تلك الكثافة الكبيرة قياساً إلى مجموع سكان أمريكا، إلا أنها تسيطر على وسائل الإعلام على اختلافها، إلى جانب سيطرتها السياسية، والاقتصادية والعسكرية، والصناعية والاستخباراتية، وغيرها من المرافق الحيوية، كما أن لها دورها في عملية الانتخابات الرئاسية لدعم الأشخاص الذين ينتمون إليها، ويعتنقون أفكارها التخريبية !!
ويذكر ((السماك)) إن لم تخني الذاكرة أن عدد أفراد هذه الجماعة أكثر من سبعين مليون شخص يتزايدون بمرور الأيام.
فلو افترضنا أن سكان أمريكا مثلاً ـ وهو افتراض من عندنا ـ يبلغ (200) مليون نسمة، فإن هذا يعني أن هذه الجماعة تشكِّل ما نسبته 35% (إذا صحت العملية الحسابية).. لكن القضية ليست في كثرة العدد أو قلته، ولكن في ((النوعية)) إذ لا نستبعد أن الجماعة تحتوي على عقول مفكِّرة، ومؤثِّرة مما يجعل الكفة تميل لصالح الجماعة، ومخططاتها، وهذا لم يقله ((السماك)) وإنما هو من استنتاجنا !!
كما نستنتج أنه لو فاز في الانتخابات رئيس لايعتنق أفكارها ـ وهذا نادراً ما يحدث ـ ولا ينفِّذ مخططاتها فإنها تقوم بتصفيته جسدياً إذا وقف في وجهها، أو إزاحته ((معنوياً)) باثارة الفضائح حوله كالرشوة، والاختلاس، والجنس، وغيرها من الوسائل الدنيئه، ولا نستبعد علاقاتها بالعصابات العالمية الكبيرة مثل (( المافيا )) و (( الشياطين الحمر ))، وغيرها من العصابات التي ترتكب جرائمها في مقابل الفلوس، من منطلق قاعدة ((ميكا قبلي)) الداعيه إلى أن ((الغاية تبرر الوسيلة)) أو القاعدة ((البوشية)) الداعية إلى ((من ليس معنا فهو ضدنا))!! وفي رأينا أن حكومة إسرائيل أكبر عصابة للجماعة، وهي عصابة رسمية معترف بها في الأمم المتحدة!!
ليعذرني القارئ على هذا الاستطراو لأنني أحرص عند كتابتي عن بعض الأصدقاء أن أطرح قضايا لها أهميتها ـ هذه القضايا التي لا تذهب بعيداً عن فكر، وتفكير شخصية الموضوع.
وصديقنا الدكتور ((محمود سفر)) تربطني به بعض الذكريات الإنسانية، فهو يحب الآخرين، ويداعب بعضهم في مواقف ظريفة، فحين كنا في تونس يفترض في كل نزيل فندق أن يكون مفتاح غرفته معه عند دخوله المطعم ليعرف النادل أو المباشر برقم غرفته من المفتاح، لهذا كان الصديق ((سفر))، وقد اعتدنا تناول وجباتنا معاً حين أضع المفتاح على الطاوله، وأذهب لغسل يدي، يقوم بأخذ المفتاح، ودسه في جيبه، وحين أعود يسألني نادل المطعم عن مفتاح غرفتي، ولما لم أجده على الطاولة أبحث عنه في جيوبي.. فيسألني الصديق ((سفر)) دون أن تبدو على وجهه أي ملامح تنم على أنه أخذ المفتاح، فيسألني عما أبحث.. وحين يعرف أنني أبحث عن مفتاح الغرفة، يرد ربما أنني نسيته على باب الغرفة، أو داخلها، أو وضعته عند الاستعلامات، ورغم تأكدي من أنني أحضرت المفتاح معي إلى المطعم، إلا أنني أمام جديته أذهب إلى الاستعلامات فلا أجده، مما اضطر إلى الصعود إلى الغرفة فأجدها مغلقة، فتنتابني الوساوس المتشككة في ((مقلب)) من صنع صديقنا العزيز ((سفر))!!
وحين أعود إلى المطعم يشعرني بأنه أقنع النادل بطريقته الخاصة، فأطلب الوجبة وبعد الانتهاء، والخروج من الفندق، والعودة إليه اكتشف أن مفتاح غرفتي معلق عند الاستعلامات، ويصادف أن موظف الاستعلامات قد تغيَّر فلا أبدي أستيائي.. وأبشِّر الصديق ((سفر)) بأنني لقيت المفتاح!! ولا يخبرني بالمقلب إلا على الطائرة أثناء عودتنا إلى الرياض، وهذا مجرد موقف يعكس ظرف الصديق العزيز الدكتور (محمود سفر)، ولطفه ((المكَّاوي))، اكتفي بإيراده لأعطي نبذة قصيرة عن سيرة حياته.
وقد فاتني أن أشير أنه متأثر بشكل كبير بفكر (( مالك بن نبي )) المفكر الجزائري المعروف تغمده الله بواسع رحمته، وهو لم يكن مفكراً، واسع المعرفة، بل يعد منظراًَ في الحضارات، وتنمية المجتمعات، وبعد رائداً من رواد الفكر المعاصر ليس في الجزائر فقط، ولكن في الوطن العربي الكبير، ومن يقرأ كتب الصديق (سفر) مع إلمامه بفكر ((مالك بن بني)) يدرك بجلاء، تأثر الأول بالأخير.
والصديق العزيز الدكتور (محمود سفر) من مواليد (( مكة المكرمة )) عام 1359هـ، تسنم عدداً من الوظائف الحكومية القيادية، ومارس التدريس الجامعي.
اختير بإجماع الدول الخليجية العربية أول رئيس لجامعة الخليج العربي في (( المنامة )) بالبحرين، حيث قام بانشائها، وآخر منصب له كان (( وزيراً للحج ))، وكانت له مساهماته الكتابية في الصحف، لكنه توقف في الفترة الأخيرة، نأمل عودته بعد قراءة هذا الموضوع، وإن كنتَ قرأتُ خبراً في الصحف بصدور كتاب جديد له.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :749  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 42 من 43
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل