شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مكة المكرمَة مهبط النور
.. مما لا شك فيه أن لمكة حرسها الله في قلب كل مسلم مؤمن مكانة وأي مكانة.. فالأقربون منها والساكن مواطناً أو مقيماً يحسونها مشاعر مقدسة، مفضلة مكرمة، فهي مهبط الوحي.. ومهد النبوة، ومهوى الأفئدة.
والأبعدون يحسونها بلدة أرادها الله أن تكون صلة السماء بالأرض، وأن تكون وجهتهم خمس مرات كل يوم وليلة ففي قلوبهم لها من القداسة والوقار ما لم يكن لأي بقعة حتى ولو كانت أعز أوطانهم وأكرمها عليهم.
فما هي يا ترى حدود بناء؟
وما هي يا ترى حدود حرم؟
يصفها "ياقوت" في كتاب "أحسن التقاسيم" قبل ثمانمائة سنة فقال: (وهي مدينة في واد والجبال مشرفة عليها من جميع النواحي محيطة حول الكعبة، وبناؤها من حجارة سود وبيض ملس، وعلوها آجر، كثيرة الأجنحة من خشب الساج، وهي طبقات لطيفة مبيضة، حارة في الصيف إلا أن ليلها طيب، وقد رفع الله عن أهلها مؤنة الاستدفاء، وأراحهم من كلف الاصطلاء وكل ما نزل عن المسجد يسمونه المسفله، وما ارتفع عنه يسمونه المعلاه.
وعرضها سعة الوادي، والمسجد في ثلثي البلد إلى المسفله، والكعبة في وسط المسجد، وليس بمكة ماء جار ومياهها من السماء.
لهم آبار يشربون منها أطيبها بئر زمزم، وليس بجميع مكة شجر مثمر إلا شجر البادية، فإذا جزت الحرم فهناك عيون وآبار وحوائط كثيرة وأودية ذات خضر ومزارع ونخيل، وأما الحرم فليس به شجر مثمر إلا نخيل يسيرة متفرقة).
ومن ذكرياتي عن حدود بنائها عام 1350 هـ أن منطقة الخريق وسوق المعلاه تعتبران خارج حدود البناء في مكة، وكانت حدودها الجنوبية الشرقية جبل أجياد ووزارة المالية ثم بئر بليله، كما كان السد أيضاً هو نهاية الأبنية في شعب أجياد لهذا الحد.
أما بئر بليله فهي عبارة عن سفوح وجبال جرداء ليس فيها أي بناء إلا بعض القصور بالوادي وأقرب منطقة يتنفس فيها أهالي مكة أيام هطول الأمطار هي "المصافي" وفي أسفل أجياد.
أما المستشفى فهو في الموقع الذي كان عليه قديماً وخلفه رباط البهره الشهير وهو الموجود للآن وتمتد بعده المساكن حتى برحة الطفران وأمَّا ما بعدها فجبال خالية وتعتبر شاسعة عن الدور.
أما المسفله فكان نهايتها خليج البنقاله وهي المنطقة التي فيها السبعة الأبيار وفريق البنقاله هو السوق الذي كانت تقطنه فئات البنقالديش وبعضهم يتخذ من مزارع بركة ماجل قطعاً يزرعون فيها الفجل، والكزبرة والبقدونس، والفلفل ويسوقونها في الأسواق التي تقع داخل الدور من المباني السكنية كسوق الصغير قرب باب إبراهيم، وسوق المنشية بالعشاشية.
وكانت بركة ماجل منتزهاً للأهالي لأن بها مزارع ومروجاً خضرة وفيها تزرع الملوخية، والبامية، والقثاء وهي عبارة عن واحات فيناء يقضي فيها الأهالي أمسياتهم إذ كانت بها مجموعة من المقاهي الشعبية على اليمين مقهى بلجراد ومصانع الدبلول وعلى الشمال مقاهي الباني، ومقاهي الخنكار.
أما من ناحية مستشفى الولادة حتى العتيبة فمطلع ريع الحجون فعبارة عن أراضي وجبال قاحلة، وريع الحجون عبارة عن مدرجات مرصوصة بالحجارة تنزلها القوافل وهي في طريقها إلى مشاعر الحج.
... ومما أذكره وأنا يوم كنت طفلاً طلوعي للحج مع الأهل فأركبت جملاً وكان المرور بمنعطف ريع الحجون وقد كان يومها يبعث النزول فيه على ظهور الجمال على الخوف لوعورته وانحداره ومضت بنا الجمال تمشي رويداً رويداً وكما قلت كنت على ظهر جمل في الشقذف أو الشمارخ وكان أهلي يمسكون بوسط الهودج ويقرأون الفواتح والمعوذتين مخافة أن أنساب بهودجي إلى الأرض ويستمرون بالتلاوة حتى نتخطى بجمالنا منطقة الخطورة ونصل وسط شارع الخريق وكانت منطقة خالية من المباني تحيط بها السفوح الوعرة فالجبال باستثناء موقع مبنى القصر الملكي (السقاف) الذي أنشأه جلالة المغفور له الملك عبد العزيز. وعلى الشمال منه كانت هناك مرابط الغنم.
وفي المعابدة بعض المساكن التي بناها بعض الأثرياء للترفيه في الوقت الذي لا يمنعون من يعرفونهم من الأقارب والأباعد ليقضوا فيها بعض الأيام والليالي شماً للهواء واستئناساً بالفضاء والبراح والعليل الطلق.
وقد كانت المنطقة بصورة خاصة مرتاداً للفسح، وفيها منزل الشيخ أبو الفرج ومنزل الشيخ حسين ميمش وقد كان من المنازل التي يرتادها الناس للاستئناس. ثم قصر الشيبيَّة بالمنحنى.
وفي حلقة الغنم كان منزل الشيخ عبد الوهاب مؤمنه وكان منزل آل شعيب ولا يزال موجوداً بثلاثة أدوار على حالته التي كان بها ذلك الوقت وهو خلف عمارة الأمير بندر المعروفة الآن في (الجميزة).
هكذا كانت مكة بحدود مبانيها في عام 1350 هجري متلاصقة مبانيها متقاربة حاراتها تحكي لنا صفاءها في البساطة والتلاحم في الأسرة والجيرة، والتقارب والتفاهم، وكأنما هم جميعاً أسرة واحدة، من شذ عنهم سهل تهذيبه، ومن بعد منهم أحس من قريب بلوعة الألم وتأنيب الضمير فعاد سريعاً إليهم طائعاً مختاراً..
وفي العصر من كل يوم تلقى الطريق الممتد إلى منى مليئة بالرائح والغادي وعلى الجوانب من الطريق تواجهك المقاهي، تعجبك كراسيها، التي تمتلئ بمن يخرج إليها من أهل البلدة في زيِّهم الأبيض النظيف، يجتمعون فتحكي اجتماعاتهم صفات الأخوة المتلاحمة، فيتذاكرون ويتناصحون ويلعبون ويمرحون حتى إذا ما آذنت الشمس بالمغيب انسابوا طوابير جماعات وأفراداً إلى المسجد الحرام لأداء صلاة المغرب ويبقى هناك من يبقى طائفاً أو قارئاً أو مستمعاً في حلقة من حلقات العلم التي كانت تؤدي دوراً كبيراً في مجال الإرشاد والترشيد ويعود آخرون إلى بيوتهم.
أما أصحاب الحرف الذين يعملون نهارهم سواء كانوا من البنائين أو المنقلين أو السماكره أو الخياطين وغيرهم من التجار وباعة البسطات والخضروات والفواكه، فجميع هؤلاء يغلقون حوانيتهم عند آذان المغرب ويسعون للصلاة في المسجد الحرام ومنهم من يبقى ومنهم من يعود إلى داره ليأنس أهله صغاراً وكباراً فيلاحظ هذا ويوجه ذاك ويقضي سهرته مع أهله وأولاده.
وهنا تجد المرأة (الأم والأخت والبنت) كل واحدة من هؤلاء لها عمل يختص بها في جوٍّ يسوده التعاون والتحاب والتعاطف. فمنهن من يساعدن الرجل في خياطة الملابس للأطفال والشاطرة منهن تعمل على المنسج.
وكانت الأكثرية منهن يجدن الطبخ والتدبير المنزلي والعناية التامة بالنظافة على الرغم من أن مباني المساكن يومها ترابية مع تعدد الأدوار، وكما يقولون البيت يعرف عنوانه من مدخله لذا كنا نشاهد ونسمع أن بيت فلان أو أسرة بيت فلان هم في غاية النظافة من مظهر مدخلهم النظيف وقد كانت ربات البيوت يغسلن السلالم في صباح كل يوم ويحضرن الإفطار وإعداد ملابس رب الأسرة والبنين والبنات، وكما يذهب الأبناء إلى الكتاب أو المدارس يذهب البنات أيضاً إلى (الفقهية) لدراسة العلوم الدينية وفقاً لمناهج معيَّنة، وكان عند الفقهية مناهج ومشاغل يدوية بحيث تستفيد البنت من تعلم الحياكة والطبخ وغير ذلك مما يؤهلها لأن تكون ربة بيت ناضجة..
ومن حسنات ذلك الزمن ما توفره المشاغل النسائية ما يساعد كثيراً رب الأسرة حتى إن بعض الأسر يترك فيها رب البيت أمر تدبير الإعاشة ومصروف العيال على ما يباع من إنتاج ربة البيت ومن يساعدها في العمل من البنات والأخوات.
ولا وجه للمقارنة بين بنت الأمس وبنت اليوم إذ كانت بنت الأمس معواناً لزوجها مربية لأطفالها قوية في الشدائد صبورة قنوعة تجعل من زوجها وبيتها المتواضع حصناً ملؤه السعادة والرضى.. وأعني بها هنا على الخصوص بنت مكة المكرمة..
أما بنت اليوم فحسبي منها وقد أحاطت بها المدنية من كل جانب وأشبعت رغباتها حتى فتحت لها الأبواب من كل جانب وخدمتها "الآلة" أراها اليوم تتجه إلى عملها إن كانت عاملة أو إلى مدرستها للدراسة حسبي منها دلعاً افتقدت به الكثير من شخصيتها التي كانت تملأ بها جوانب البيت - إن الكثير منهن اليوم مع تقديري لهن - لا يعبأن بشؤون المنزل ولا يعرفن شيئاً مما كانت جداتهن يقمن به أو يعملنه في المنزل من جودة الطبخ والطهو، كانت إحداهن تقوم بتحضير مائدة تكفي لعشرين شخصاً أو لأكثر من هذا بالإضافة إلى ما تقوم به من كنس وغسيل وأعمال يدوية أخرى. مع العلم أن الغسيل كان باليد ولم يكن هناك صابون بل كان الغسيل بماء الرماد والمكوى كانت تعمل بالفحم وكل هذا يأخذ وقتاً كما أن الثياب في ذلك الوقت لها طريقة خاصة في كيِّها وغسيلها.
وكان الطبخ والطهو على مواقد الفحم ولعلنا جميعاً نعترف أن الكفتة الملبسة بالبيض والأكلات الشهيرة كالأرز البخاري وغيرها من الأكلات التي كانت تطبخ على أعلى المستويات جودة مما لا يعرف طبخها الكثير من ربات البيوت في وقتنا الحاضر فضلاً عن بناتنا..
هكذا كان شأن البيوت وربات البيوت في مكة وجدة والمدينة ولعل ما يحضرني هو الأقل عن القليل من الذكريات عن هذه البيوت وما يدور فيها وعن دور المرأة الكبير، أماً وزوجة وبنتاً وعن البلدة الطاهرة التي كان أهلها يحيطون ببيوتهم حول المسجد الحرام وترى البعض منهم في يسر وغنى والبعض الآخر في عسر وشظف من العيش حيث يعتمد أكثرهم في توفير لقمة العيش على الوافدين من حجاج بيت الله..
وقد كان هؤلاء يفدون إلى البلد الأمين من منتصف العام إذ كانت المواصلات بحكم ظروف ذلك الوقت إما براً عبر الفيافي والقفار والصحاري الممتدة، وإما بحراً على السفن الشراعية أو المراكب (البواخر) التي وضعوها اليوم في "زوايا التاريخ".
وإذا كان اليوم وقد تطورت المواصلات جوية وبرية وبحرية يكفي الحاج الوافد أن يقضي نسك حجه بدءاً من مغادرته لبلده ولو كانت في أقاصي الأرض حتى وصوله مكة المكرمة فإتمامه لنسكه فعودته لا تستغرق في أكثر الحالات عشرة أيام وما دونها.. فإن ما يكفي الحاج في السابق أضعاف ذلك فاجتياز الطريق بين مكة والمدينة ذهاباً وإياباً يتراوح بين عشرين يوماً على ظهور الجمال، أما اجتياز الطريق بين جدة ومكة فليلتين أيضاً على الجمال والطلوع إلى عرفات يستغرق ست ساعات على ظهور الجمال لكنها بحق كانت رحلات متعة.. كنا نشعر فيها بالأنس والارتياح النفسي، نشعر فيها بالروحانية الصافية والقرب من الله. وكنت ممن مارس هذه الرحلات على ظهور الجمال في عهد الطفولة.
... تستدرجني الذكريات الماضية ذكريات الطفولة إلى الوقوف لحظات أمام الدور الذي كان يقوم به الكبار من الأسرة حيال الأخذ توجيهاً وترشيداً بالصغار منهم بصورة عامة.
وقد يتعدى دور الكبار إلى كل أبناء الحارة أو المحلة دون تمييز في الأبناء سواء كانوا أبناء لهم أو أبناء للجيران بصورة عامة.
وتلك ميزة مثلى للسيطرة على الأولاد، وقد تتفق وجهة نظر الأب مع وجهة نظر الأم مع وجهة نظر الجار أو الجيران عموماً على نوع معيَّن من وسائل التوجيه بحيث يشعر الطفل أن الجميع يرعونه وأنه إذا أفلت من توجيه الأبوين فلن يفلت من توجيه الآخرين أعماماً أو أخوالاً أو جيرة.
هكذا كان للأسرة دور كبير للسيطرة على الأولاد وليس كما هي الحال في هذه الأوقات التي انفلت الزمام زمام الأهل فضلاً عن الجيرة وربما رأى بعض رجال التربية حديثاً أن الانفلات غالباً ما يصدر من قبل الأم وسيطرة الأم وقد تكون هذه النظرية قريبة من الواقع الذي نحياه ونعيشه، فتدليع الأمهات للأولاد يتركهم في تسيُّب وانطلاق ظهرت آثاره بصورة عامة في كثير من شباب اليوم ممن لا يرعون للأسرة إلاً ولا ذمة، وكأنما هم مجرَّدون من الإحساس بالمسؤوليات أياً كانت هذه المسؤوليات محدودة أو غير محدودة.
لقد كنا في ذلك الزمن نخشى الأسرة كل الأسرة وكنا نحترم الكبير رغبة ورهبة، وما كنا قط نسهر خارج منازلنا وإذا استدعت مناسبة السهر خارج المنزل فبإذن من أهلنا ولساعات محددة وإلا نلنا جزاءنا - "علقة".
حدث ذات مرة وأنا في سن لا تتعدى الحادية عشرة من العمر أن استدعيت من بعض الزملاء الحضارم للسمر فاستأذنت. وقالوا لكبيرة العائلة التي كانت تقود البيت وكان لها الصولة والجولة في المطبخ وفي الإشراف على أفراد الأسرة - قالوا لها إن فلاناً يستأذن في أن يقضي مع بعض الإخوان وقتاً للاشتراك في حفلة عشاء يقيمونها للتسلية ولسماع بعض الألحان التي كانت تردد على كل لسان يومها.. وسمح لي لكن الحظ عاكسني فقد امتدت السهرة إلى الساعة الثالثة عشاء بالتوقيت الغروبي بعدها رجعت إلى المنزل ففوجئت بإغلاق باب الشارع المؤدي إلى منزلنا فناديت الصبيان ليفتحوا الباب وأنا في حالة من الخوف فلم يجبني مجيب بالرغم من سماعهم ندائي وجاء الرد بعد نصف ساعة تقريباً ليقول لي: عد إلى حيث كنت ويعني هذا الرد إثبات المخالفة ليأتي بعدها العقاب.
وهنا أدركت ذنبي ولكن أين أذهب؟ ومن يقبلني ضيفاً في مثل هذا الوقت؟!
الشوارع أمامي مظلمة خالية من كل شيء إلا من الرهبة لمثلي.. حتى الأقارب لو طرقت بابهم ماذا أقول لهم.. أأقول لهم إنني طردت من البيت؟! لأثير من جديد قضية أخرى يا إلهي ماذا أفعل؟!، أأبقى ساهراً قائماً طوال ليلي لقد تحوَّل الفرح ترحاً، وأخيراً عطف عليَّ أحد الأخوان من الحضارمة وأخذني معه لأقضي ما بقي من الليل، ولدى شروق الشمس رجعت إلى البيت لآكل علقة ساخنة.
هكذا كانت الأسرة في الماضي، في البيت مؤدب وفي المدرسة موجِّه وفي الشارع رقيب، الكل يحرص على توجيه الشباب وتثقيفه والوصول به إلى الطريق المستقيم..
تلقى أحدهم في الشارع فيسألك هل ختمت الختمة؟! كيف حالك في (الكتاب) حتى ولو لم يعرفك أنت من وابن من؟!
إما قريبك أو صديق ولي أمرك أو كبير من جيرانك كل هؤلاء لو رآك أحدهم في وضع غير صحيح فإن يده تمتد لتأديبك - فإذا شكوت أمره لولي أمرك قال لك - أنا قلت له أن يفعل ذلك.. فأين نحن اليوم صغاراً وكباراً من ذلك الماضي الشريف بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني !!
وأين نحن كآباء وأخوال وأعمام وأصدقاء وجيران أين نحن من شباب اليوم الأقربين منا؟!، يأنف شاب اليوم أي توجيه أو ترشيد من أحد هؤلاء الذين ذكرتهم وليت الأمر يقف عند حد الأنفة لهان الأمر - لكنه يتعدى ذلك بكثير فما دام أنه وصل الكفاءة أو الثانوية العامة فإنه يرى أنه قد وصل السحاب علواً وأنه أصبح رجلاً يشار إليه بالبنان فهو يسوق سيارة ويُفحِّط بها - نسأل الله لهم الهداية والصلاح إلى أحسن حال.
... تستدرجني الذكريات الماضية ذكريات الطفولة بهذا البلد الأمين - والذكريات صدى السنين الحاكي. فتوقظ مني الأحاسيس لأستشف منها المشاعر النفيسة فأنطلق بها معبراً مترجماً ذلك العهد - عهد ما قبل عام 1350 هجري من يومنا هذا حيث قلت في قصيدة بعنوان (ومضة على جبال النور) (1) :
يا مكة الخير بي شوق يتيمني
إلى حماك ويستهوي هواك دمي
فمن ثراك نما جسمي ومقدرتي
وقدرة الله جاءت بي من العدم
وحول كعبتك الغراء كم سبحت
نفسي وناجت لدى ركن وملتزم
وكم تعهدني الإسلام في كنف
في منزل الوحي والأخلاق والقيم
إن كان كل محب شاقه وطن
مثلي فحسبي فخراً جيرة الحرم
لئن سعدت بأني ابن تربتها
فإنني من ذنوبي حيلتي ندمي
تطوف بي ذكريات عنكِ مبعثُها
منذ الطفولة تمضي بي بلا سأم
فليس مثلك يروي الذكريات على
مر العصور ومن يعلق بها يهم
نعم/ ليس مثلها من يروي الذكريات، وليس مثلها من يوحي بهذه الذكريات وليس مثل ذكرياتها ما يعلق بالأذهان.
كيف لا - وذكرياتها معطرة بأنفاس الإيمان لأنها موطن الإيمان الأول في حيني هذا أتذكرها قبل عام 1350 هجري أتذكرها صفحة تمتد سطورها لتحكي لنا ماضياً بعيداً ولهذا الماضي سطوره وتاريخه وقد حفلت به مئات الكتب مطبوعة ومخطوطة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1060  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 329 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج