شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مقدمة
بقلم: أحمد عبد الغفور عطار
بين يدي كتابان جامعيان أحدهما رسالة ماجستير، والآخر رسالة دكتوراه، ومسرحية لأديب ناشئ ذي موهبة، وبحث حسن لكاتب معروف تنتظر هذه الآثار أن أقدم اثنين منها، وأن أقرأ الآخرين للتوجيه والرأي.
وخامس الآثار ديوان الشاعر الأستاذ علي أبو العلا، الذي أبى فضله وثقته بي إلا أن يكل إلي تقديم ديوانه الذي لبث بمكتبي أكثر من شهر، دون أن أجد من الجهد والصحة ما يتيح لي أن أكون عند حسن ظن شاعرنا المطبوع.
وكتابة مقدمة أي كتاب أو ديوان ليس بالعمل الأدبي السهل لأن المقدمة نقد ونخل للأثر الذي يقدمه، وهذا يتطلب قراءة الكتاب.
أما إذا كان الكتاب ديوان شعر فتقضي كتابة مقدمة له قراءة كل قصيدة أو مقطوعة قراءة متأنية في ظروف صحية يكون خلالها من يكتب المقدمة معتدل المزاج لا يتحكم فيه ما يعكر هذا المزاج أو يؤثر في اعتداله، لأن من يريد أن يكتب مقدمة ديوان شعر إنما يكون قاضياً، ولعل ناقد الشعر أكثر تبعة من القاضي الذي بين يديه قضية بين طرفين أو أطراف متعددة، وهي محصورة بزمان ومكان وأشخاص لا يتجاوزهم إلى المستقبل، لأنها قضية حاضر ضيق.
أما من يريد أن يكتب مقدمة ديوان شعر فهو يكتب لحياة أوسع من حياة الواقع ولزمن يتجدد، ولحاضر ومستقبل، فالشعر الحق ولو كان قبل آلاف السنين، شعر الحاضر المتجسد الذي لا يطويه الزمن، إنما هو الذي يطوي الأزمنة ليعيش في كل زمن وكأنه شعره.
والمثل على ذلك شعر الشعراء الصادقين في تجاربهم الشعرية، والصادقين في التعبير صدقهم في الشعور.
ومن بين هؤلاء الشعراء الذي هم شعراء كل زمن، شاعر العرب المتنبي، فأبناء عصره تغنوا به وعاشوه لأنه لهم ولزمانهم.
وهكذا أخذ شعر المتنبي يتنقل في العصور يطويها دون أن ينطوي بل يطوي الزمن وهو منشور حي.
ومع مضي أكثر من ألف سنة على المتنبي فإن شعره يعيش في عصرنا وهو جديد، وشعر الحاضر الذي نعيشه.
وكنت أود أن أكون عند حسن ظن الشاعر بي فأكتب مقدمة ديوانه على الشرط الذي رأيته في تقديم الشاعر وشعره حق التقديم لتكون المقدمة الفكرة الفنية لهذا الديوان لولا ظروفي الصحية التي تجبرني، على أن أملي ما أريد أن أقوله وعيب الإملاء عندي أنني لم أتعوده، فأفكاري تكمن بين شقّي قلمي، فإذا أردت أن أكتب تساوق الفكر والقلم معاً فتنهمر الأفكار انهماراً.
ولهذا يعسر علي الإملاء الذي لم أتعوده، فأنا أكتب أفكاري بيدي، وأقرأ كتابي بنفسي.
أما في حاضري الذي أعيشه في هذه الأيام فأنا يُكتب لي ويُقرأ علي وما أشدهما عسراً عليّ، ولهذا إذا قرأت أنا نفسي ما أمليه أجد مُبتدآت بلا أخبار، وتفككاً في تركيب بعض الجمل، وقصوراً في المعاني فأتخذ قلمي لأكمل ما كان ناقصاً، وأوصل ما كان مقطوعاً.
ولهذا أكتفي بالتحية لصديقي الشاعر المطبوع الأستاذ علي أبو العلا، ولو أسعفتني حالتي الصحية لاستطعت أن أكتب مقدمة كاملة تامة إذ تحوي الدراسة والنخل والنقد، لأن المقدم صيرفي، والصيرفي - كما نعلم - ينقد ما بين يديه من الدراهم والدنانير، فما كان منها صحيحاً قبله، وما لم يكن صحيحاً فرزه وحده وردَّه، فإذا كانت كلها صحيحة رضي وقبل، وهذا هو النقد الصحيح وهي مهمة الناقد النزيه.
ومن الطبيعي أن صديق الشاعر أعرف الناس به، لأن الصداقة تنفي التكلف وتجعل صورة صديقه أكثر وضوحاً وأظهر لملامحه وسماته، فهو حري أن يحسن التقدم.
والشيء الذي أستطيع أن أقرر من سماعي لبعض ما نظم الشاعر من قصائد وما ألقاه في المحافل، ومن قراءة ما قرئ علي من هذا الديوان أن شاعرنا لا يتكلف شعره، بل هو دفقة شعوره الصادق تنبثق منه طواعية من غير اختيار.
وشعر المديح عنده ليس شعر تكسب، فهو إذا مدح غير طامع، وإنما هو يتخذ مديحه لتكريم من يمدحه، وما هو في ذلك بمجبر على غير ما يريد، ولا مجبر على المديح، وإنما هو يكرم بشعره من استحق تكريمه.
ولهذا لا يستطيع ناقد شعر علي أبو العلا إلا أن يوافقه على ما خلع على ممدوحه من البرود الموشاة بالنفيس الغالي.
وعندما يتفق السامعون والقارئون مع الشاعر في مديحه يكون هنا الاتفاق شهادة منهم على صدق الشعور الذي ينتفي معه التكلف والنفاق ويبقى صدق التعبير الذي يقرره ويتبين الإعجاب الذي دفع جماهير سامعي شعره حينما ألقاه بين يدي ممدوحه على الاستعادة والتصفيق المدوي.
وعندما نثبت للشاعر الأصالة والصدق يشهد له قرّاؤه وسامعوه بأن شعره شعر الطبيعة السهل الممتنع غير المتكلف فيه.
وموجز القول أن شعر الأستاذ شعر طبيعي أصيل اجتمع له صدق الشعور وصدق التعبير مع توافر موسيقى الفن الشعري الذي يضمنه النظم المحكم المبرأ من عيوب القافية، ونبو الكلمات في مواضعها، وبذلك يكون شعر شاعرنا المطبوع الأستاذ علي أبو العلا، شعر الطبع والصدق والصحة المبرأ من التكلف والزيف.
فلصديقي العزيز التهنئة على شعره.
التهنئة الصادقة، والرجاء في المزيد من الدواوين بمشيئة الله.
مكة المكرمة: الخميس 25 صفر 1404هـ 29 نوفمبر 1983م.
أحمد عبد الغفور عطار
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1078  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 107 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.