شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مقدمة
بقلم: الأديب الشاعر إبراهيم أمين فودة
هذا الديوان الحاوي لكل ضرب من ضروب الشعر وكل لون صاغه شاعره الأستاذ علي أبو العلا من ذوب مشاعر صادقة هي مزيج من إيمان ووفاء ووطنية وحب رصين ملتزم لكل جميل حبيب إلى النفس في الحياة.
لم يقسِّمه أبواباً شأن معظم الدواوين إنما جعل حب مكة قرب مجد العرب، واحتفاءه بالحفيد جوار دعوته للاحتفاء والتغني بالحب في الله، بينهما قصيد يحمل الحب والوفاء لصديق عزيز يحيّي فيه عصاميته، ويسترجع معه ذكريات أيام الصبا، ويهنئه بالنجاح، ذلكم هو الأستاذ العصامي حسين بكري قزاز، فيقول فيه أحلى القول وأطيبه.
ثم يعرِّج على آل قزاز جملة فيقول فيهم:
(آل قزاز) كلهم من قديم
أهل فضل وخلدوا كل غال
وشاعرنا أبو العلا الذي نشأ في مكة المكرمة استظل بظل الكعبة، وبظل كل أثر مقدس فيها وخطا خطواته الأولى بقدمين غضتين على أرضها بعد أن حبا فيها، ثم تردد بين شعابها ومراتعها يافعاً، وسجد أول ما سجد في ثراها.. يتغنى لهذا الثرى إذ يرجع كل ذرّة في جسده إليه.. إلى ثرى مكة الطاهرة، فيفخر بهذا ويعتز، وحق له أن يفخر بهذا ويعتز، يقول:
مكة يا قبلة الأرض وحسبي
أن بنى الله كياني من ثراها
وكيف لا يفخر بهذا وهو ابن المروتين وزمزم، إذا أرسل بصره طار إلى جبل النور وإلى حراء معتكف خير الورى صلى الله عليه وسلم وموطن تبتُّله وتعبُّده ومهبط جبريل أول ما نزل بآيات الله التي أنارت القلوب وعم نورها الخافقين، مكة قبلة عباد الرحمن كلما وقفوا بين يدي الرحمن قائمين ساجدين أو داعين مستغفرين أو آمين البيت من كل فج عميق:
بوأ الله لإبراهيم فيها
موضع البيت، فلبى وبناها
عندها أذن في الناس فقالوا:
ربنا "لبيك" ربي من دعاها
كل هذا يستشعره شاعرنا وهو قد غمره حب عظيم، ووفاء صادق لأشرف موطن في الدنيا، يرسل خياله قبل بصره ليجوبها شبراً شبراً وموضعاً موضعاً:
من كدى وكداء أو ثبير
شهد (الهجرة) (ثور) فرواها
وجبال النور تروي قصصاً
فيه ذكرى خلد الدهر رؤاها
ليس في الأرض مكان مثلها
وبها زمزم موصوف دواها
وروابي (المروتين) استقبلت
من سعى لله بدءاً من صفاها
ويذكر مسرى رسول الهدى صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى المبارك:
شهدت أجواؤها في غبطة
ليلة الإسراء وازدانت سماها
عندها قد هلل الكون سروراً
وتهادى الركب، والقدس تباهى
وعندها، ولدى ذكر القدس، ينعى فقدها وينعى على المسلمين تركهم إياها في أيدي أعداء الله اليهود، ففي رباعية تضمنها هذا الديوان وبالديوان نيف وثلاثون رباعية - يقول:
وماذا دهى القدس أين الجهاد
وكيف غدا موطن الأنبياء
غزاه اليهود ونحن قعود
وهم زمرة تستحق الجلاء
ولو قاوم المسلمون اليهود
بأيديهمو.. لأذيقوا الفناء
فقد قال ربي لنا قاتلوهم
يعذبهم الله من حيث شاء
فهل كان هذا الديوان وما ضم من قصائد مطولة اقتصر على الجانب الروحي واقتصر فيه على ذكر مناقب مكة المكرمة لكفاه هذا محمدة ووسعه فضلاً.. لكنه زاد في هذا فنظم في الفضائل وتغنّى بما سعدت به نفسه من بديع خلق الله، وآسى ورثى وشكر وفاء، رحب بأهل الثقافة بمناسبة تكريم نادي مكة الثقافي لرؤساء الأندية الأدبية في المملكة فاحتفى، ورحَّب بهم، وحيا الثقافة في جمعهم:
جمع من الحب بل جمع من الأدب
في روضة أينعت بالسادة النجب
في مكة الخير ناديها يجمّعهم
عقداً تلألأ من در ومن ذهب
تناول الوطنية في شعره، فتغنّى بوطنه المملكة العربية السعودية، وتغنّى بوطنه العربي الكبير، وبكى جراحات أمته وواسى العرب حيثما كان، تأسّى لحال الفرقة التي يعيشها بنو العرب فقال:
يا جيرة (الأرز) يكفي العرب تفرقة
تبدد الشمل منا وهي خسران
هل كان ما كان إلا بعد فرقتنا
لم نعتصم.. فسعى للحرب شيطان
واليوم نبحث في الظلماء عن سبب
لا شيء إن لم يسد دين وإيمان
لا يصلح العرب فوضى لا اعتصام لهم
ولا حياة وتحت الخسف أوطان
أما جانب الرثاء، وهو تعبير عن حزن ووفاء وصدق مشاعر، فنسمعه يرثي صديقه الأستاذ حسين شبكشي - يرحمه الله - من قصيد بعنوان "وداعاً يا حسين" وداعا ًيا حسين وكنت فينا نقي النفس وضّاء السرائر.
يقول الأستاذ زهير محمد جميل كتبي في سياق التقييم الذي قدم به هذا الديوان:
سئلت مرة عن شعر علي أبو العلا، فقلت: "إنه شعر الأصالة والصدق، ولكن لم يتعرض النقاد لشعر "أبو العلا"، ولا أعرف سبباً لذلك، وأبو العلا لم يرد الإكثار من الشعر ولا النثر، وأعتقد أن ذلك يعود لانشغاله بالأعمال الوظيفية الحكومية والخاصة، وعرَّفه الأستاذ الشاعر محمد أحمد الحساني بأنه شاعر المناسبات.. إن الأستاذ الشاعر علي حسن أبو العلا من الشعراء الأصليين، وهو ذو شاعرية خصبة بالعواطف والأحاسيس.
الجزء الأخير من هذا الكتاب ذي المائتين ونيف وسبعين صفحة عبارة عن دراسات نقدية عن صاحب الديوان، في أولها وقائع الاحتفاء به من خلال اثنينية عبد المقصود خوجه الذي تم قبل سبع سنوات تكريماً له تحدَّث فيها لفيف من الأدباء والصحفيين.
والديوان على وجه العموم قد حوى كل لون، وتغنَّى فيه شاعره الأستاذ علي حسن أبو العلا بكل لحن رصين لطيف.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1212  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 34 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.