هذا جَنى العمر بعد الكدِّ والنصب |
يا خيبة الأمل المَرْجُوّ والحِسب
(1)
|
أَسْلفْتُ عمري في (الأسرار) حافلة |
حتى تحيَّرتُ بين الصدق والكذب |
وكنت - في كل حال - محسناً أبداً |
ظني وملتمس الأعذار والسبب |
وكنت - في كل حال - صابراً أبدا |
لا يبلغ اليأس مني مبلغ الحَبب
(2)
|
وكنت - في كل حال - غير ذي هدف |
إلا رضى الله والأوطان والحَسَب
(3)
|
وكنت في كل حال - غير معتمد |
إلا على الله في ماض ومرتقب |
وكنت - في كل حال - صامتاً وأنا |
من يحسن القول إذ يُدْعى إلى الخطب |
والناس حوليَ - خَوَّاضُون في لُججٍ |
من الحديث وعندي الفصلُ لم أُجِب |
ضممت بين ضلوعي السر منكتماً |
والسر أعظم ما واراه صَدْر نبي |
فظن من ظن أني قد ركنت إلى |
رغد من العيش أو وفر من النشب
(4)
|
وظن من ظن أني غير مكترث |
بما يكون من الأحداث والنُوَب |
وظن من ظن أني غير ذي جلد |
على الكفاح، ولا أقوى على الغَلَب |
وظن من ظن أني قد مللت ضنى |
حَرِّ الجهاد فأَلْوى بي إلى الهرب |
وظن من ظن أني بِتُّ مرتقباً |
فوزاً يُزَفَ بلا جهد ولا تعب |
وظن من ظن أني قد شغلت بما |
قد يشغل الناس من وهم ومن رَجَب
(5)
|
وكل ذلك خير الظن في رجل |
زوّى، وقد كان ملء المَحفل اللَّجِب |
الحمد لله ما ظنوا به سفهاً |
ولا الخيانة للأوطان والعرب |
ولم أضق بظنون الناس صادرة |
عن حسن قصد، وعن جهل، وعن غضب |
قد كان يملؤني ما زال يملؤني |
من الرجاء وإن سرنا على خبب
(6)
|
قد كان يملؤني ما زال يملؤني |
من اليقين بحق غير منتقب |
قد كان يملؤني ما زال يملؤني |
من اليقين بحق العدل في الغَلَب |
قد كان يملؤني ما زال يملؤني |
في الله من ثقة، في الله من رَغَب |
حتى انتبهت على الآلام تفجعني |
في كل شيء فما أبقت على لَبَبي
(7)
|
فجعت في الناس قبل اليوم - فانتفضت |
نفسي إلى الجد، بعد الرفق والرَّحب |
فإن فجعت على نفسي فقد ذهبت |
دَرْجَ الرياحِ، حياة الجد والنصب |
لولا وشيجة إيمان، وآنفة |
من الشباب، وطَبْعٌ صارم وأبي |
وَدَّعْتُ كل عناءَ كنت أحمله |
وقلت: أهلاً بعيش اللهو واللعب |
* * * |